نابلس - وفا - النجاح الإخباري - ما زالت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل بطريقة ممنهجة حرمان آلاف المرضى من قطاع غزة من العلاج في مستشفيات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، عبر التأخير والمماطلة في الرد على المرضى، وعدم إصدار تصاريح لهم بحجة "قيد الدراسة أو المنع الأمني"، الأمر الذي بات يهدد حياة مرضى السرطان والأمراض الخطيرة الأخرى.
ونظرا لسياسة الاحتلال بعدم تمكين المرضى من الوصول إلى المستشفيات، وتأمين حقهم في الحصول على العلاج المناسب، فإن المئات من مرضى القطاع يضطرون لتغيير جهة العلاج من مستشفيات الضفة بما فيها القدس إلى مستشفيات جمهورية مصر العربية لاستكمال علاجهم بسبب "المنع الأمني".
المريض أحمد الأسطل اضطر إلى تغيير جهة علاجه من مستشفى المطلع بالقدس إلى جمهورية مصر العربية لاستكمال العلاج الكيماوي بحجة أنه "مرفوض أمنيا".
يقول الأسطل (47 عاما) الذي يعاني من ورم دماغي، انه بعد اكتشافه مرضه تم إصدار تحويلة علاجية له الى مستشفى المقاصد في القدس لإجراء تدخل جراحي، وتم ذلك وأجرى عملية خطيرة ودقيقة في الدماغ، ثم عاد الى قطاع غزة.
ويضيف: بعد أسبوعين من العملية تقرر لي جرعات "كيماوي" لاستكمال العلاج، وتم إصدار تحويلة أخرى الى مستشفى المطلع بالقدس وتوجهت إليه وحصلت على أول جرعة وعدت الى غزة، التي لا يوجد لها هذا النوع من العلاج، لافتا إلى أنه حصل على 6 جرعات ليتفاجأ بعدها أنه لم يعد بمقدوره استكمال العلاج لأن الاحتلال رفض تصريح العلاج بحجة الرفض الأمني.
يتساءل الأسطل كيف لمريض سرطان عولج أكثر من مرة في مستشفيات القدس ويتم رفضه أمنيا بعدها؟. ويتابع "قمت بتقديم موعد جديد لمستشفى المطلع لكن كان رد الاحتلال في كل مرة "مرفوض أمنيا"، ما أدى لتدهور حاد في وضعي الصحي، ما اضطره لتحويل وجهته إلى المستشفيات المصرية.
وبين الأسطل، وهو أب لخمسة أطفال أن العلاج في مصر شاق ومتعب جسديا ونفسيا بسبب السفر، حيث يضطر في كل مرة الى المبيت لأيام وهذا يكلفه مبالغ طائلة مقارنة بمستشفى المطلع الذي كان يذهب اليه ويأخذ العلاج ويعود الى منزله في اليوم ذاته.
وما يزيد من معاناة المرضى في قطاع غزة المسموح بسفرهم الى مستشفيات الضفة الغربية بما فيها القدس هو رفض الاحتلال سفر مرافقيهم معهم وذلك للحجة ذاتها.
المواطن الخمسيني الذي فضل عدم ذكر اسمه يقول إنه يعاني من مشاكل صحية كبيرة في الغدد والكلى وتم إصدار تحويلة علاجية له، وموعد الى مستشفى المقاصد لإجراء عملية جراحية.
واضاف تفاجأت بأن تصريح السفر للعلاج مسموح لي فقط، وأن المرافقين مرفوضون أمنيا، مبينا انه مضطر الى السفر وحده نظرا للوضع الصحي المتدهور، معتبرا أن ذلك ابتزاز من الاحتلال الاسرائيلي للمرضى الفلسطينيين بمنع المرافقين من السفر وهو أمر خطير يهدد حياة المرضى.
معيقات الاحتلال تسببت بوفاة 848 مريضا خلال الـ14 عاما الماضية:
من جانبه، قال الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فضل المزيني، إن المعيقات الإسرائيلية أمام سفر المرضى ووصولهم إلى المستشفيات المحولين لها منذ 2008 وحتى 2022 تسببت في وفاة 848 مريضا كانوا ينتظرون السماح لهم بالسفر والوصول للمستشفيات لتلقي العلاج.
وأوضح المزيني، أن عراقيل ومعيقات الاحتلال جاءت على أشكال مختلفة، كحرمان المرضى من السفر للعلاج من دون إبداء أسباب "قيد الدراسة"، او بدعوى توفر العلاج في قطاع غزة، أو الادعاء بأن المرض لا يشكل خطرا على الحياة، او بدعوى وجود قريب من العائلة "مخالف" للقوانين الإسرائيلية، ناهيك عن التأخير والمماطلة في الرد على المرضى، إضافة الى حرمان المرضى من وجود مرافق، ومنع متبرعين من السفر لإنقاذ حياة المرضى.
وبين المزيني، أن سلطات الاحتلال على مدار عام 2022 المنصرم عرقلت سفر آلاف المرضى المحولين للعلاج في الخارج، ووفقا لدائرة التنسيق والارتباط في وزارة الصحة فإن سلطات الاحتلال عرقلت سفر 6796 من مرضى القطاع المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس المحتلة أو إسرائيل، وذلك من أصل 20364 طلب تصريح للعلاج أي ما نسبته (33.3%) من إجمالي الطلبات المقدمة.
وتابع، بلغ عدد المرضى المحولين للعلاج التخصصي خارج قطاع غزة (22123) مريضا في عام 2022 بزيادة (23%) عن عام 2021. ويعاني المرضى المحولون للعلاج خارج قطاع غزة من القيود الإسرائيلية الصارمة على سفرهم، حيث رفضت طلبات حوالي (7 آلاف) مريض من حوالي (16500) طلب تم تقديمها لمرضى بحاجة للسفر وتلقي العلاج خارج قطاع غزة.
واضاف، أن رفض الاحتلال سفر مرافقي المرضى زاد من معاناتهم، حيث بلغت نسبة رفض طلباتهم (62%)، كما بلغ عدد المرضى الذين طُلب منهم مقابلة مخابرات الاحتلال (225) مريضا، وجرت الموافقة على سفر (24) مريضا فقط.
الاحتلال عرقل سفر نحو 1690 مريضا إلى الضفة حتى منتصف العام الجاري:
واكد المزيني لـ"وفا"، ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عرقلت منذ بداية العام الحالي 2023 وحتى شهر حزيران/ يونيو سفر نحو 1690 من مرضى القطاع المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية أو إسرائيل، وذلك من أصل 9478 طلب تصريح للعلاج، أي ما نسبته 17.8% من إجمالي الطلبات المقدمة.
وطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري والعاجل للضغط على اسرائيل من أجل فتح كافة المعابر، والسماح بسفر المرضى للعلاج في القدس والضفة الغربية دون أي قيود، وضمان تدفق الأدوية والمعدات الطبية لمستشفيات قطاع غزة.
وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، حصارا خانقا على قطاع غزة منذ عام 2007، أدى إلى تدهور كبير في مستويات المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية وإحداث أزمة في الوقود والكهرباء التي تنقطع بشكل متكرر عن 70% من بيوت ومنشآت غزة.
كما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا عسكريا كبيرا على القطاع في أعوام: 2008 و2012 و2014، و2019، و2021، و2022، أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات آلاف المواطنين وتدمير واسع وكبير في الممتلكات والبنية التحتية.