نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - فلسطين هي واحدة من أصعب البلدان للعيش فيها من حيث الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي تواجهها. وفقًا للبنك الدولي، فإن نصف سكان غزة يعانون من الفقر المدقع، وأن معدل البطالة قد بلغ 24.4 % في عام 2022.
وكان البنك الدولي قد أصدر تقريره السنوي والذي حمل هذا العام عنوان: " الاقتصاد الفلسطيني لا يزال معرضاً للمخاطر في ظل عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي"، وأرجع الأسباب إلى تصاعد التوترات في الأراضي الفلسطينية، واستمرار القيود المفروضة على التنقل والعبور والتجارة. ومن أجل تحقيق رفع مستويات المعيشة، وتحسين استدامة حسابات المالية العامة، وخفض البطالة بطريقة هادفة، فإن كل ذلك يحتاج إلى تحقيق معدلات نمو أعلى بكثير. فالمصادر الخارجية للمخاطر، مثل أسعار المواد الغذائية والطاقة، تعني أن الآفاق الاقتصادية العامة لا تزال قاتمة."
ومع ارتفاع الدولار مقابل الشيكل وتأثيره على اقتصاد القطاعيْن العام والخاص وحتى على الأفراد، خاصة في قطاع غزة حيث تستورد معظم المستهلكات من خارج القطاع ما يزيد من تكاليف المعيشة ويقلِّل من قدرة المواطن على شراء السلع والخدمات الأساسية.
بهذا الخصوص تحدثنا إلى الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية في كلية الاقتصاد د.سامح العطعوط عن الأوضاع الاقتصادية في فلسطين والعوامل المؤثرة على تذبذبات سعر صرف الدولار مقابل شيكل وباقي العملات.
وأشار د. العطعوط إلى أنَّ فلسطين تشهد ركودًا اقتصاديًّا ناتجًا عن عدّة أسباب، منها ارتفاع سعر الدولار مقابل الشيكل، والذي يؤثّر على قدرة المستوردين والمستهلكين على شراء السلع والخدمات، وزيادة نسبة الفوائد على القروض، والتي تزيد من تكلفة التمويل وتقلل من إمكانية التوسع والاستثمار، بالإضافة إلى تأثير الأزمة السياسية التي تشهدها المنطقة، والتي تؤثر على ثقة المواطنين والمستثمرين بالمستقبل.
وأضاف د. سامح أنَّ هذه المشاكل تظهر في المؤشرات الاقتصادية، مثل انخفاض معدلات النمو، وارتفاع مستوى البطالة، وانخفاض حجم التجارة الخارجية، وانخفاض قيمة إيرادات الموازنة.
وأوضح أن هناك عدة عوامل تؤثر على تذبذبات سعر صرف الدولار مقابل شيكل، منها المشاكل الداخلية في دولة الاحتلال الاسرائيلي، التي تشكل أحد المصادر المهمة لإيرادات فلسطين من خلال المساعدات والإستثمارات، وزيادة فائدة سندات الخزانة الأمريكية، والتي تجذب رؤوس أموال من جميع أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة، وتزيد من قوة الدولار، وأخيرًا، زيادة طلب فلسطين على استيراد بضائع من دول أخرى، مما يزيد من العجز التجاري ويضع ضغطًا على الشيكل، متوقعاً أن تستمر هذه العوامل في التأثير على الاقتصاد الفلسطيني حتى نهاية العام.
التصنيف الائتماني لإسرائيل وهروب الاستثمارات والتوصية بشراء الذهب
و تطرق الخبير الاقتصادي د. سامح العطعوط إلى موضوع تخفيض التصنيف الائتماني لدى دولة الاحتلال وهروب الاستثمارات من بورصة تل أبيب والبنوك الإسرائيلية، والتوصية بشراء الذهب كأحد خيارات الاستثمار.
وأوضح د. سامح أن تخفيض التصنيف الائتماني لدى دولة الاحتلال هو نتيجة للمشاكل السياسية والأمنية التي تواجهها، والتي تؤثر على ثقة المستثمرين والدائنين بقدرتها على سداد ديونها، وأنَّ هذا يزيد من تكلفة التمويل على إسرائيل، ويضع ضغطًا على الشيكل.
وأضاف أنَّ هروب الاستثمارات من بورصة تل أبيب والبنوك الإسرائيليَّة هو نتيجة للقلق من استقرار المنطقة، والخوف من اندلاع حرب جديدة، وهذا يؤدي إلى انخفاض قيمة الشيكل مقابل الدولار، وزيادة قوة الدولار.
وبخصوص التوصية بشراء الذهب كأحد خيارات الاستثمار، قال د. سامح إنه يتوقع أن يكون هذا خيارًا جيدًا مع نهاية عام 2023 وبداية عام 2024، نظرًا لانخفاض متوقع في فائدة سندات الخزانة الأمريكية، والتي تجذب رؤوس أموال من جميع أنحاء العالم إلى الولايات المتحدة، وتزيد من قوة الدولار.
وأشار د. سامح إلى أنَّ هذه التغيرات في فائدة سندات الخزانة الأمريكية ستظهر في بيانات مهمة جدًا تتعلَّق بالتَّضخم في الولايات المتحدة، والتي ستصدر يوم الخميس المقبل، وأنَّ هذه البيانات ستؤثر على قرارات بنك المركز الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى في العالم.
ونصح المستثمرين بمتابعة هذه المؤشرات الاقتصادية، وأن يكونوا حذرين ومتحفظين في قراراتهم، وأن يبحثوا عن فرص استثمارية آمنة ومربحة.
وختم حديثه بالقول: "بين التوصيات التي نقدِّمها لتحسين الوضع الاقتصادي في فلسطين هي: دعم قطاعات الإنتاج المحلية، وتشجيع روح المبادرة والابتكار لدى الشباب، وزيادة التعاون مع الدول الصديقة، ولا يمكن أن نغفل أننا دولة تحت ضغط الاحتلال".
يُشار إلى أنَّ الاقتصاد الفلسطيني يواجه تحديات كبيرة في تحقيق الاستقرار والنمو وتطوير القطاع الخاص، بسبب استمرار القيود التي تفرضها إسرائيل في الضفة الغربية، والحصار الذي يعاني منه قطاع غزة. هذا ما أكدته تقارير سابقة للبنك الدولي. وإن لم تتغير هذه الظروف، فإن أداء الاقتصاد الفلسطيني سيبقى دون مستوى إمكاناته.