نابلس - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - أجمع محللون سياسيون أن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، المنعقد في مدينة العلمين المصرية اليوم الأحد، 30 تموز يوليو، على أنه لن يحرز اختراقا نوعيا بالملفات التي سيطرحها، مشددين على أن الشعب الفلسطيني غير متفائل بهذا الاجتماع، مؤكدين أن الحل يكمن في تشكيل حكومة وفاق وطني.
ويرجع المحللون في أحاديث منفصلة لـ "النجاح الاخباري" عدم تحمس وتفاؤل الشارع الفلسطيني، إلى التجارب السابقة التي مروا بها خلال الحوارات والاجتماعات والاتفاقيات التي خرجت، دون تحقيقها على أرض الواقع، متوقعين في ذات السياق أن يتم الحديث عن إدارة الانقسام ومحاولة تخفيف آثاره، استعداداً للضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها كل الفرقاء الفلسطينيين خاصة فتح وحماس.
وكان الرئيس محمود عباس قد دعا إلى اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، إثر العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين، والتي أسفرت عن استشهاد 12 فلسطينياً، بالإضافة لدمار في المنازل والممتلكات والبنية التحتية.
ووصل الرئيس عباس ووفود من الفصائل الفلسطينية أمس السبت إلى مصر للمشاركة في اجتماع الأمناء العامين للفصائل، والذي بدأ صباح اليوم الأحد في مدينة العلمين، واستبقت القاهرة اللقاء بالدعوة إلى إنهاء الانقسام الداخلي.
ومن المقرر أن يستمر اجتماع الفصائل الفلسطينية يوماً واحداً، في محاولة لتوحيد الموقف الفلسطيني وتذليل الخلافات.
غير متحمس
أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، فريد أبو ضهير، أن الشعب الفلسطيني غير متحمس لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في العلمين، مرجعاً ذلك إلى التجارب السابقة التي جرت حول إنهاء الانقسام، وكلها باءت بالفشل.
وأشار أبو ضهير خلال حديثه لـ "النجاح الاخباري" إلى أن الفصائل عقدت العديد من الاجتماعات وتوصلت إلى اتفاقيات عدة منذ عام 2007، لكن لم تجد أي مجال للتطبيق ولم تترجم على أرض الواقع.
وقال: إن "الشعب الفلسطيني غير متفائل من هذا الاجتماع، ويعتقد أن مثل هذه الاجتماعات لالتقاط الصور وتسجيل مواقف فقط، مطالباً من لقاء القاهرة تجاوز مسألة الانقسام وتشكيل قيادة موحدة للشعب الفلسطيني.
ودعا أبو ضهير الفصائل الفلسطينية لعدم استفراد أي طرف في توجيه القيادة والسياسة الفلسطينية، مؤكداً أن الفرقة تضعف الشعب الفلسطيني أمام تحديات الاحتلال والتحديات الدولية.
وأضاف: "نريد قيادة موحدة يكون قرارها بالتوافق قادرة على أن توجه العمل السياسي تجاه ما يخدم الشعب الفلسطيني وقضيته ومستقبله، ما لم يحصل هذا الكلام فإن الاجتماع عبارة عن مجرد بروتوكولات لا تقدم ولا تأخر، وصور في الإعلام على أنهم اجتمعوا لكن على أرض الواقع لم يكن هناك شيء"، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني يريد أن يلمس تغييراً في الواقع، لأن الواقع الذي يعيشه متردٍ إلى أقصى الحدود.
غياب بعض الفصائل
وبيّن أن غياب بعض الفصائل عن اجتماع العلمين، لن يؤثر عليه في حال كان هناك انجازات وفي حال تم تحقيق شيء ملموس وايجابي، منوهاً إلى أن الفصائل الفلسطينية كلها سترحب وتقبل وتنضم إلى أي شيء يخدم الشعب الفلسطيني.
وأحد أسباب مقاطعة بعض الفصائل لهذه الاجتماعات، وفقاً لأبو ضهير أن هذه الاجتماعات لن تؤتي بأي ثمار على المدى المنظور. كما قال المحلل أبو ظهير.
وكانت حركة الجهاد الإسلامي قد أعلنت مقاطعتها اجتماع الأمناء العامين، بسبب رفض السلطة الفلسطينية إطلاق سراح من اعتقلتهم عقب العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، والتي اعتبرته الحركة بأنه اعتقال سياسي، خلافاً لما أعلنه المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية والتي أكدت أنه لا صحة للاشاعات التي يتم تداولها بقيام الأجهزة الأمنية باعتقال أشخاص على خلفية سياسية. وأكد الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء طلال دويكات: "لا اعتقال لأحد على خلفية انتمائه السياسي، وأن الاعتقال أو التوقيف الذي طال بعض الأشخاص جاء بناءً على مذكرات قانونية صادرة من جهات الاختصاص بعد أن قدم بعض المواطنين شكاوى، وبناءً عليه، جاء توقيفهم لاستكمال الإجراءات القانونية".
لن يحرز اختراق نوعي
من جهته، يرى المحلل السياسي هاني المصري، أن اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية المنعقد في مدينة العلمين، لا يمكن له إحراز اختراق نوعي.
وقال المصري لـ "النجاح": "أتوقع أن يتم الحديث عن إدارة الانقسام ومحاولة لتخفيف آثاره، استعداداً للضغوط والتحديات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها كل الفرقاء الفلسطينيين خاصة فتح وحماس".
وأضاف أن اجتماع الأمناء العامين قد يدور حول تشكيل حكومة، ولكن من الصعب حكومة وحدة وطنية، لأنه يوجد في طريقها لغم بما يتعلق بالاعتراف على الشرعية الدولية، لافتاً إلى أن الرئيس محمود عباس وفتح تصر على الشرعية الدولية، وأن حماس وفصائل أخرى لن توافق عليها.
وأوضح المحلل المصري أن المخرج الوحيد يكمن في تشكيل حكومة وفاق وطني تعترف بالشرعية الدولية، ولكن حماس لن تشارك بها من خلال قيادات ورموز منها، وإنما من خلال أشخاص محسوبون عليها.
واستذكر المصري حكومة الدكتور رامي الحمدالله عام 2014 و2027، مبيّناً أنها كانت حكومة وفاق، لكنها كانت تلتزم بالشرعية الدولية، مشدداً على أن الرئيس عباس لن يتخلى عن مطلب الشرعية الدولية.
وتابع: إن "هناك هامش لإمكانية الاتفاق ولكن ليس على استراتيجية سياسية ونضالية واحدة، لأن رؤية كل طرف (حماس وفتح) بعيدة جداً عن الطرف الآخر".
وأكد المحلل السياسي على ضرورة أن يكون اجتماع القاهرة وسيلة لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، منوهاً إلى أنه من مصلحة جميع الأطراف تحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية أهمها سياسة حكومة الاحتلال الإسرائيلي العنصرية المتطرفة.
وفي عام 2014 شكلت الفصائل الفلسطينية بموافقة حركتي حماس وفتح حكومة توافق فلسطينية يرأسها د.رامي الحمد الله، لكن هذه الحكومة قالت إنها لم تحصل على التمكين المطلوب لعملها في قطاع غزة، خاصة بعد تعرض رئيسها آنذاك إلى محاولة اغتيال قبالة معبر بيت حانون شمال قطاع غزة، من خلال تفجير عبوة ناسفة في طريق موكبه.
التجارب السابقة لم ينتج عنها شيء
وفي ذات السياق، أكد المحلل السياسي أكرم عطا الله أن المأمول من اجتماع الفصائل في مصر إنهاء حالة الانقسام المستمرة منذ 16 عاماً.
وقال عطا الله في حديثٍ خاص لـ "النجاح الاخباري": إن "التجارب التي مر بها الشعب الفلسطيني من حوارات واتفاقيات خلال المراحل السابقة لم تنتج عنها أي شيء، مشيراً إلى أن غياب بعض الفصائل عن الاجتماع لن يؤثر كثيراً بشأن إنهاء الانقسام، لأنها لم تكن طرفاً في الانقسام مثل حركة الجهاد الإسلامي.
وأضاف أن الصراع يدور بين حركتي حماس وفتح وجزء كبير من الحوارات والاتفاقيات ترتبط بهما، والجهاد الإسلامي ليس لها علاقة بالصراع الداخلي والانقسام الفلسطيني، مستدركاً "لكن غياب الجهاد الإسلامي سيكون مؤثراً في هذا الاجتماع، في حال تم الحديث بشأن التهدئة وآلياتها.
وتابع: أنه "إذا كان الحديث عن التهدئة فإن الجهاد الإسلامي تعتبر الحالة الأكثر فاعلية في الصدام مع الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن حركة الجهاد الإسلامي منذ أكثر من عامين وهي تتصدر حالة الاشتباك مع الاحتلال، في ظل نظرية رمادية، حسب تعبير عطا الله.
في غضون ذلك، دعا بيان رسمي مصري نشر أمس السبت الفصائل الفلسطينية المشاركة في اجتماع الأمناء العامين بالعلمين إلى إنهاء الانقسام وتلبية طموحات الشعب الفلسطيني.
وقال البيان إن مصر تستضيف اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بناء على دعوة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لبحث سبل إنهاء الانقسام والتحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
ويسود انقسام سياسي في قطاع غزة والضفة الغربية منذ يونيو/ حزيران 2007، بسبب خلافات حادة لم تفلح الوساطات الإقليمية والدولية في إنهائها بين حركتي فتح وحماس.