منال الزعبي - النجاح الإخباري - في زاوية من زوايا منزلها المتهدم، اتّخذتها سيما الطويل لتكون موطن الحلم، وهي تحمل في قلبها أملاً كبيراً في أن تحقق حلمها بالتفوق في الثانوية العامة، وأن تكون فخراً لعائلتها التي عانت كثيراً من ظلم الاحتلال. سيما طالبة متميزة من مدينة نابلس، حصلت على معدل 90.3 في الفرع التجاري، رغم كل المصاعب والتحديات التي واجهتها.
شقيقة لثلاثة أسرى في سجون الاحتلال، خالد ومؤمن وآخرهم أسامة الذي اعتقلته قوات الاحتلال في شباط/فبراير الماضي، وفجرت منزل عائلته في حزيران/ يونيو الماضي، بذريعة تنفيذه عملية إطلاق نار قرب نابلس، كان ذلك في وقت كانت سيما تستعد لامتحان الرياضيات، وكادت أن تفقد عزيمتها وإصرارها.
ولكن سيما لم تستسلم للإحباط والخوف، بل استمدت قوتها من دعاء والديها وأشقائها الأسرى، ومن رغبتها في إدخال الفرحة إلى قلوبهم. كانت تدرس بعين وتبكي بالأخرى، خاصة عقب تفجير منزلها، الذي أمضت فيه 18 عامًا من حياتها، ودرست في كل زاوية فيه، وهو يحتضن اللحظات الجميلة مع عائلتها بين جدرانه.
ولكن سيما لم تسمح لهذه الذكريات أن تحبطها، بل جعلتها محفّزًا على العمل بجهد أكبر لتحقيق النجاح والتفوق، ولتكون شمسًا تشرق من بين الأنقاض، وتنير طريق الصمود والمقاومة. سيما تقول: “كنت أطمح إلى معدل أعلى، للتأكيد على إصرارنا وعزيمتنا، وليكون نجاحًا تفخر به عائلتي، خاصة أشقائي الأسرى الثلاثة، الذين دعموني رغم البعد والأسر”.
أصرت عائلة الطويل، على اختيار منزلها الذي فجره الاحتلال، ليكون مكانًا لاستقبال المهنئين بنجاح ابنتهم سيما؛ للتأكيد على أنه رغم الدمار سيواصلون الحياة وتحقيق النجاح والصمود، وعبّرت والدتها عن فرحتها رغم ثقل الهم الذي زرعه الاحتلال في قلبها حين شتت شمل أسرتها بتغيب أبنائها الثلاثة في السجون وهدم منزلها.
وتحلم سيما بأن تدرس في جامعة النجاح الوطنية، وأن تصبح محاسبة ناجحة، تساهم في تطوير مجتمعها وبلدها. كما تحلم بأن ترى أشقاءها الأسرى أحرارًا في أحضان عائلتها، وأن تشاركهم فرحة التخرج. سيما تقول: “أتمنى أن يفرج عن أشقائي قريبًا،هم شباب طموحون وطيبون، يحبون الحياة والعلم، ولا يستحقون هذه المعاناة”.
سيما هي مثال للطالبات الفلسطينيات، اللاتي يثبتن أن المرأة الفلسطينية قادرة على التغلب على كل المصاعب والظروف، وأنه لا شيء يستطيع أن يطفئ شعلة الأمل في قلوبهن، سيما هي شمس تشرق من بين الأنقاض، لتضئ درب الكفاح والانتصار.
صور للطالبة سيما في منزلا المهدّم من تصوير الصحفي أمين أبو وردة: