منال الزعبي - النجاح الإخباري - ليلة مروعة لم تنم فيها حوارة ولم تنطفئ نيرانها، مارس فيها المستوطنون أبشع أنواع الإرهاب والإجرام، ما يكشف الوجه الحقيقي الذي يحاولون إخفاءه أمام العالم.
عقب الجريمة التي ارتكبها الاحتلال في مدينة نابلس قبل خمسة أيام بتاريخ 22-2-2023 بهدف قمع المقاومة، والتي راح ضحيتها 11 فلسطينيًّا، في صورة أشبه ما تكون مجزرة، في حين توعدت عناصر المقاومة بالرد العاجل، والذي جاء بقنص مستوطنين اثنين أمس في حوارة، فقامت الدنيا ولم تقعد، ثار حقد المستوطنين الذين نزلوا إلى الشوارع يمارسون أبشع صور الإرهاب والعربدة والانتقام، ضرب للمواطنين، تكسير وحرق للمنازل والسيارات وبعض المحال التجارية، حيث تمّ رصد 295 اعتداء في المنطقة بدءًا من بورين وعصيرة القبلية إلى حوارة.
ردة فعل المستوطنين الهمجية المتلازمة مع إغلاق جميع مداخل مدينة نابلس وشروع قوات الاحتلال بتمشيط المنطقة بحثًا عن المنفذين، أدت إلى احتجاز الكثير من المواطنين الذين علقوا على حواجز حالت دون وصولهم منازلهم، مرضى وأطفال ونساء وموظفين وطلاب ظلوا حتى ساعة متأخرة من الليل يكابدون القهر والجوع والعطش والبرد والتعب، إلا أنَّ الشعب الفلسطيني على عادته رسم لوحة من التعاضد والتكافل والإسناد.
وحول تلك المواقف تحدَّث ياسر صبح من تجمع دواوين الديار النابلسية، حيث قال للنجاح :"ليس غريبًا على شعبنا إظهار التعاضد والتكافل والتراحم في ظل غياب العالم الظالم أمام الحق الفلسطيني، وغياب الوحدة الوطنية، وغياب الأطراف التي من الأجدر أن تقف وقفة جدية مع الشعب، إلا أن الشعب الفلسطيني على عهده وعادته يترجم أقدس وأسمى أيات الوحدة والتلاحم مع بعضه البعض".
وأضاف صبح: "في مدينة نابلس أخذنا على عاتقنا من اللحظات الأولى لهجمات المستوطنين بكل ما أوتوا من قوة بتغطية من الجيش الإسرائيلي، بحالة طارئة وسريعة جدًا جهزنا بعض الدواوين في المدينة، وأعلنا عبر جميع المنصات أننا نستقبل كل العالقين على الطرقات، وتلقينا الكثير من الاتصالات والعروضات من العائلات التي فتحت بيوتها لاستقبال العالقين في حالة تُحترم، وتم احتضان الكثير من الطلبة الذين استعصى عليهم العودة إلى بيوتهم"، لافتًا إلى وقوف بعض الشبان من بيت فوريك وقفة مشرّفة حيث شكلوا الأيدي العاملة التي ساهمت في احتضان ضيوف نابلس.
على الحواجز مئات القصص، مرضى منعوا من الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، ما اضطر الطواقم الطبية للوصول سيرًا على الأقدام، وعروس ظلت حتى الساعة 1:30 بعد منتصف الليل يحول الحاجز بينها وبين فرحها، إلا أنَّها أصرت على عدم العودة وإلغاء مراسم الزفاف والوصول إلى بيت زوجها رغم أنف الاحتلال.
وعلى حاجز بيت فوريك وبيت دجن الذي يقطع أوصال الشرق والغرب من محافظة نابلس، تحدث العم أبو حامد من بيت دجن للنجاح بقوله: "ليلة عصيبة عشناها، مئات السيارات والمواطنين من طلاب ونساء وأطفال وموظفين، لم نتمكن من الوصول إلى بيوتنا، حتى الساعة 2 ليلًا، كنت وأحفادي عائدين من مدينة نابلس تفصلنا عدة كيلو مترات عن بيتنا، إلا أن الحاجز اللعين حال دون وصولنا، فحضر قريب أخدنا ونمنا في قرية سالم".
الصحفي علاء بدارنة تواجد منذ ساعات الصباح الأولى ما بعد ليلة الحرب كما وصفها، وكشاهد على الحدث بعينه الصحفية، قال للنجاح:
"جملة واحدة تلخص المشهد، حوارة اليوم بلدة وكأن حربًا مرَّت منها، كأنك في مكان مهجور، تم قطع الدخول أو الخروج من البلدة سوى للمستوطنين والسيارات الإسرائيلية، وبعض المسؤولين من الاحتلال، مشاهد الدمار حاضرة من أول متر من دوار الفارسي حتى دوار العنبوسي، منازل، سيارات، مخازن، محال محترقة، حالة من الذهول تسيطر على بعض سكان الذين بقوا في هذه المنازل، وتخطتهم ألسنة لهب المستوطنين، الكثير من المصابين بالمستشفيات، ثلاثة مشاطب فيها مئات السيارات احترقت بالكامل، حتى اللحظة لم تنطفئ النيران، حتى السيارات داخل ساحات المنازل لم تسلم من الحرق انتقامًا وإرهابًا، آثار قنابل الغاز والحجارة تؤكّد شراسة الموقف، عدد قليل جدًا من المواطنين جاءوا خلسة لتفقد المنازل، وآخرون لجأوا لأماكن بعيدة بحثًا عن الأمن والأمان.
وأضاف بدرانة واصفًا الساعات الأولى من صباح اليوم إثر اعتداءات المستوطنين على بلدة حوارة: "انتشار واسع للجيش في كل مكان، أحد المستوطنين حاول دهس صحفيين، الحقد يأكل قلوبهم، أحداث راح ضحيتها الشهيد سامح الأقطش الذي دافع عن كرامة أهله وبلدته، والكثير من الإصابات والخسائر، ولم يرتوِ المستوطنون بعد".
وحول حصيلة الاعتداءات تحدث مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس للنجاح: "الاعتداءات تمت على مرحلتين، بدأت عصرًا في الهجوم على عصيرة القبلية وإحراق منزل، وتكسير عشرة منازل وإحراق خزان المياه، ثم امتدت لبلدة بورين، ثم تجدد العدوان ليكون حربًا مفتوحة على حوارة".
وأضاف أن حصية الاعتداءات بلغت 295 اعتداءً، خلفت روايات وقصصًا كثيرة، من تفجير أسطوانات الغاز، وإحراق أغنام، وسيارات، وبيوت، ومحال تجارية، وضرب للمواطنين بحقد دموي صارخ أغرق البلدة بالرصاص والنيران، وقنابل الغاز، في جرأة غير معهودة لقطعان المستوطنين مدعومة بحماية الاحتلال الذي حول المنطقة لثكنة عسكرية".
وعن صور التلاحم والتضامن قال دغلس إنَّ الناس هبوا هبة رجل واحد لمقاومة الاحتلال ببسالة
وأوضحح أن ليل حوارة النازف أظهر مواقف الرجولة والشهامة والصورة الأصيلة للشعب الفلسطيني، حيث هب الناس في كل المدن في مسيرات تضامنية،لمساندة حوارة وبورين".
أمس كان شاهدًا على وحدة الدم الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال شرذمته عبر تغذية الانقسام، وعقد القمم، مساجد صدحت بالتكبيرات، بيوت فتحت أبوابها لكل العالقين على الحواجز والطرقات، مطاعم قدمت الوجبات والماء، وجامعة عنوانها النجاح لحقت طلابها تمد لهم العون من مسكن ومأكل، لتطمئن أنهم في مأمن من الاحتلال ومستوطنيه.
مواقع التواصل الاجتماعي كانت منصات أيضًا للعون وشحذ الهمم، والحشد والمؤازرة، فيما يلي بعض الاقتباسات التي تحدثت عن ليلة حوارة: