منال الزعبي - النجاح الإخباري - يكرر التاريخ نفسه، وتعود سينما الثورة الفلسطينية وأبطالها إلى الذاكرة الفلسطينية كشاهد على جرم الاحتلال الذي يتطور كل يوم، فشيرين أبو عاقلة التي نفتقدها في مشهد الحصار الذي ينتهجه الاحتلال كعقاب جماعي لتوقع بصوتها "شيرين أبو عاقلة نابلس المحاصرة فلسطين"، تطل علينا من عليائها تتلاقى مع ابنة نابلس سلاف جاد الله، أول مصورة سينمائية فلسطينية شريكة في الكفاح الوطني الفلسطيني، حيث وثقت بعدستها صور شهداء الثورة الفلسطينية الأوائل وحفظتها كأرشيف في منزلها.

سلاف جاد الله التي تحدث عنها د. إيهاب بسيسو في استعراضه للتاريخ النضالي الفلسطيني الذي يخوضه الشعب الفلسطيني ونابلس المحاصرة، والذي يبرز فيه دور المرأة مع الرجل جنبًا إلى جنب، فيأتي على ذكر هذه المرأة التي تركت بصمة مشرفة في الإعلام الفلسطيني، واستطاعت أن تكون نبراسا وبوصلة للمرأة العربية الفلسطينية.

كتب عنها الكاتب الفلسطيني نبيل السهلي يقول: "ولدت الراحلة سلاف جاد الله في مدينة نابلس 1941، كانت شغوفة بالتصوير السينمائي والتوثيق، أتمت دراستها الثانوية في مدرسة العائشية ،ثم توجهت إلى القاهرة لتلاحق حلمها بدراسة فن السينما، فكانت أول فتاة عربية تدخل هذا المضمار من بوابة الدراسة الأكاديمية".

أول فيلم لها كان "الجبل" والذي صورته كمشروع تخرج مع المصور الشهير وحيد فريد عام 1964.

بعد هزيمة عام 1967 ولنشاطها الوطني التحقت جاد الله بحركة فتح، وأسست لها قسم التصوير الفوتوغرافي، مع المصور الفلسطيني هاني جوهرية، وبعض الفنانين، وثقت من خلاله أحداث حرب الخامس من حزيران أيلول عام 1968، حيث رصدت مأساة النزوح.

في معركة الكرامة 21/3 / 1968 وثقت الأحداث وصور الشهداء بجهد لا يقل عن جهد المقاتلين، ضمن مطبخ صغير تحول إلى مختبر، يتم فيه تحميض الأفلام على "بابور الغاز".

التقطت صورًا لمظاهرات الفلسطينيين في الأردن رفضا لمشروع روجرز، وأجرت المقابلات السينمائية مع شخصيات رافضة للمشروع.

شاركت إلى جانب مجموعة من الفنانين في إنتاج فيلم "لا للحل السلمي" مع المخرج صلاح أبو هنود، وهو أول فيلم لوحدة "أفلام فلسطين".

سجلت أحداث 1970 التي عرضها الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار أمام القمة العربية الطارئة، وفي ذات العام أصيبت برصاصة سببت لها الشلل، وحرمتها مواصلة الكفاح، بكاميرتها.

تتلمذت على يد شقيقها الأكبر رماء جاد الله وأسسا معا ستوديو رماء، أشهر ستوديو في مدينة نابلس آنذاك، وكونت مع شقيقها رابطة للفنون الفلسطينية.

بدافع الحب المكاني والانتماء الفطري التقطت عشرات الصور لتفاصيل مدينتها لتصنع منها صورة متكاملة لحب نابلس.

سلاف جاد الله التي لا زالت حاضرة في المحافل الوطنية والجوائز الفنية أسست لجانب رفاقها سينما الثورة الفلسطينية، ووثقت مرحلة مهمة ومفصلية من مراحل النضال والتاريخ الوطني.

توفيت جاد الله في سوريا عام 2002 عن عمر ناهز (61) عامًا، ودفنت في مخيم اليرموك في دمشق.

وتخليدا لها يقدم مهرجان المرأة السينمائي الفلسطيني جائزة سلاف جاد الله السينمائية السنوية منذ عام 2005.