غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يستقبل الغزيون عيد الأضحى المبارك لهذا العام وهم مثقلون بالهموم والآهات، جراء الحصار الإسرائيلي الخانق لأكثر من 16 عاماً والذي أدى إلى تراكم الأزمات التي أثقلت كاهلهم.
حيث تشهد أسواق اللحوم والأضاحي لهذا العام انخفاضاً ملحوظاً في الإقبال عليها في قطاع غزة، في ظل ارتفاع أسعار المواشي نتيجة غلاء الأسعار العالمية، لا سيما في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
أسباب عديدة جعلت موسم الأضاحي لهذا العام في غزة يشهد هذا الضعف، خلافاً للمواسم السابقة والتي كانت أفضل حالاً نوعاً ما، أهمها غلاء الأسعار عالمياً واشتداد الحصار بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر، وفق خبراء اقتصاديون.
أسوأ الأعوام
عدد من المواطنين الغزيين أعربوا عن تخوفهم من موسم عيد الأضحى الحالي نظراً لارتفاع الأسعار التي تشهدها الأسواق العالمية جراء الأزمة الروسية والأوكرانية، وسوء الأوضاع الاقتصادية وتفاقمها.
المواطن أبو خليل يقول أنه شارك في أضحية مع عدد من زملائه، لكنه أعرب عن استغرابه من ارتفاع أسعار اللحوم لهذا العام.
وقال لـ"النجاح الاخباري": "لم أكن أعلم أن الأسعار ارتفعت بهذا الحد بالنسبة للأضاحي، وهذا متوقعاً في ظل ارتفاع وغلاء الأسعار".
وأضاف أن هذا العام سيشارك في الأضاحي لأنه تعود على القيام بهذه الشعيرة الدينية، مستدركاً "لكن سأشارك من خلال وسيلة التقسيط من أجل التوازن بين الاحتياجات والمتطلبات الأساسية والاحتياجات الأخرى.
كما أعرب أبو خليل عن خشيته من أن ترتفع أسعار الأضاحي أكثر خلال الأعوام في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة رغم غياب الأفق في حلها منذ أكثر من 16 عاماً.
أما المواطن أبو العبد من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، يرى بأن هذا العام من أسوأ الأعوام التي مرت عليه طيلة السنين، لافتاً في ذات الوقت إلى أنه ولأول مرة منذ سنين لم يقدر على شراء أضحية.
ويقول لـ"النجاح الاخباري": "في ظل غلاء المعيشة وغلاء الأسعار المواطن في غزة أصبح ليس قادراً على شراء كل احتياجاته الأساسية، فما بالك بالاحتياجات الأخرى كشراء ملابس العيد للعائلة والأطفال، أو المشاركة في أضحية العيد".
ويضيف: "أنا حزين جداً هذا العام لعدم مقدرتي المشاركة في الأضحية ولأول مرة منذ عدة سنين"، مستدركاً "لكن الآن الأهم من الأضحية توفير الأكل والشرب لأبنائي.. فأنا كل عام أشارك في أضحية، لكن هذا العام راتبي لم يكفِ حتى لسد جوع أبنائي"، حسب تعبيره.
توفر الأضاحي
في ذات السياق، أشار الناطق باسم الزراعة في غزة، أدهم البسيوني إلى أن "الأضاحي هذا العام متوفرة وبالكميات المطلوبة في أسواق غزة".
وأضاف البسيوني لـ"النجاح الاخباري"، أن عدد الكميات المستوردة لقطاع غزة لموسم الأضاحي بلغت حوالي 17 ألف عجل و22 ألف رأس من الأغنام بأنواعها المختلفة.
وأوضح أن أسعار الأضاحي ستكون متقاربة من الأسعار الاعتيادية، لافتاً إلى غلاء الأسعار التي يشهدها العالم أجمع.
وبيّن أن لدى وزارته خطة لمتابعة الإجراءات والرقابة سواء لضمان الاستغلال، أو لإجراءات الصحة والسلامة والتداول ووصول اللحوم بشكل آمن لمستحقيها.
الإقدام على الأضاحي ضعيف
من جهته، أكد أبو تامر نوفل صاحب مزرعة مواشي، أن غلاء الأسعار العالمي أثر بشكل كبير على الإقبال على الأضاحي لهذا العام، مشيراً إلى انتظاره الأيام المقبلة لعل وعسى أن يكون هناك إقبال. وفق قوله.
وقال نوفل في حديثه لـ"النجاح الاخباري" إن "هناك ارتفاع بنحو 25% على سعر كيلو اللحوم هذا العام"، منوهاً في ذات الوقت إلى أن سعر طعام المواشي لديه أيضاً ارتفع الضعف عن العام الماضي.
وأضاف:" كل هذا الأمور أثرت على إقبال الغزيين لشراء الأضاحي هذه السنة، ولا أتوقع أن يكون الإقبال كما الأعوام الماضية، خصوصاً في ظل الوضع الاقتصادي المرير الذي تعيشه غزة".
أما أبو أدهم الوارني صاحب مزرعة مواشي، فيرى أن الإقدام على الأضاحي لهذا العام ضعيف بشكل كبير، لافتاً إلى أنه لم يتعد الـ 10% من كل موسم.
وقال الحوارني لـ"النجاح الاخباري": إن هذا العام لم يشهد إقبالاً على الأضاحي بالنسبة للأعوام الماضية، ونسبة الإقبال عليه فقط 10%"، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع أسعار اللحوم عن المواسم السابقة.
وأضاف أن العام الماضي كان سعر كيلو اللحوم يتراوح من 15 إلى 17 شيكل، أما الموسم الحالي فسعر الكيلو يتراوح من 18 إلى 21 شيكل.
وتفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على قطاع غزة منذ عام 2006، تسبب بأزمات وتداعيات كارثية على سكان القطاع، ووفقاً لتقارير أوروبية فإن 40 % من سكان قطاع غزة البالغ عددهم حوالي مليوني نسمة يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى أكثر من 80% منهم مساعدات إغاثية نتيجة الحصار الغاشم.
ارتفاع أسعار الأضاحي
من جانبه، شدد الخبير الاقتصادي د. ماهر الطبّاع، مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة صناعة غزة، على أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها قطاع غزة جراء الحصار الإسرائيلي منذ أكثر من 16 عام، أدى إلى تراجع الأوضاع الاقتصادية، وانخفاض الدخل لدى المواطن.
وأكد الطباع لـ"النجاح الاخباري" أن معدلات البطالة في غزة تجاوزت الـ 50%، فيما بلغت نسبة الفقر لأكثر من 64%، مشيراً إلى أن 85% من سكان قطاع غزة بحاجة إلى مساعدات إغاثية.
وأضاف: " كل هذا أثّر بشكل كبير على ضعف القدرة الشرائية وانعدام سيولة نقدية لدى المواطن، بالإضافة إلى غلاء أسعار السلع الغذائية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، فهذا سيكون له تأثير كبير بالفعل على موسم الأضاحي في غزة العام الحالي".
وتابع الطبّاع أن " هذا انعكس على قطاع غزة هذا العام في ارتفاع أسعار الأضاحي، وسيؤدي إلى تراجع في كميات الأضاحي هذا العام".
سيكون لها تأثير
الخبير الاقتصادي د.معين رجب، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر يوافق سابقه بالرأي، من أزمة الأسعار العالمية سيكون لها تأثير كبير على الإقبال على الأضاحي في غزة لهذا العام.
وقال رجب لـ"النجاح الاخباري": "طالما أن الأضاحي ترد إلينا من الخارج بمعنى أنها مستوردة، فستكون الأسعار متأثرة بالأسعار العالمية والبلدان التي تم تورديها منها".
وأضاف أن "ارتفاع الأسعار العالمية سينعكس على حالة الأضاحي في قطاع غزة،".
وتشهد دول العالم ارتفاعاً كبيراً في تكلفة المعيشة والغذاء بعد الحرب الروسية الأوكرانية، الأمر الذي حذر منه صندوق النقد الدولي خصوصاً مع ظهور بعض مؤشرات تؤكد ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي أثر على غالبية الدول العربية أيضاً.