نابلس - النجاح الإخباري - خرج الفلسطينيون من عام 2020 بحالة سياسية واقتصادية توصف بالسيئة، في ظل عدم تقدم أيٍ من الملفات العالقة بسبب الاحتلال واستمراره في قضم الأرض والاعتداءات المتواصلة من قبله، وزاد فايروس كورونا الطينة بِلّة بسبب انشغال العالم بمحاولة السيطرة عليه، وصعود الهم المترابط به بشكل أكبر، متجاوزاً قضايا عدة، خصوصواً تلك المرتبطة بالشرق الأوسط، والنصيب الأكبر من الاهمال كان للقضية الفلسطينية.
ولعل المحطات التي مرت بها الملفات الفلسطينية خلال العام 2021 على المستوى العالمي لم تظهر نتائجها على أرض الواقع، ولم يأتِ الزرعُ أكله كما يطمح الفلسطنيون، رغم الدعوات والنداءات المتواصلة، ويحاول هذا التقرير رصد الحالة العاليمة نحو القضية الفلسطنية بأهم مستوياتها وأبرز نتائج محطاتها.
العلاقات الفلسطينية الأمريكية
لعل الحدث الأبرز خلال عام 2021 الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الأمريكي جو بايدين والفلسطيني محمود عباس للمرة الأولى منذ تولي بايدن منصبه، جاء الاتصال على اثر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وطالب الرئيس عباس من الرئيس بايدن بتدخل الإدارة الأميركية لوضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على أبناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان.
واكد بايدن، التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين، وأهمية إعطاء أمل للشعب الفلسطيني في تحقيق السلام.
وشهدت العلاقات بين السلطة الفلسطينية قطيعة سياسية في عهد الرئيس الأمريكي المنصرف دونالد ترامب، بعد عرض الأخير ما اسماها صفقة القرن، والتي بدأت بسياسات رأى االفلسطنيون أنها مجحفة بحقهم.
تلا الحديث بين الرئيسين عباس وبايدن اتصلات اخرى، تمثلت بزيارة وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلنكن إلى رام الله، لبحث سبل التوصل للحل السياسي وتعزيز الشراكة الفلسطينية الأميركية.
وبقيت الاتصلات متواصلة بزيارة مسؤولين امريكيين بتمثيل اقل، ومتابعة مجريات الزيارات والاتصالات السابقة من قبل نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي هادي عمرو، لكن دون تقدم يذكر، وبقي الواقع السياسي غابة جافة.
مجلس الأمن .. الفيتو الأمريكي
افشلت الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثالثة قرار إصدار بيان بمجلس الأمن يطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، وكانت واشنطن وحدها قد رفضت نصّين سابقين اقترحهما 3 أعضاء في المجلس هم النروج وتونس والصين، لوقف العدوان على قطاع غزة في 15 من مايو/ايار 2021.
اجتماع الأمم المتحدة المستنكرون كثر
دعت الدول المجتمعة الى ايجاد حل عادل وشامل في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، ومررت الجمعية العامة للامم المتحدة، في اجتماعها 76 قرارين متعلقين بالقضية الفلسطينية، أحدها يتعلق بمدينة القدس ويؤكد أن أي إجراءات تُتخذ لتغيير طابع المدينة "لاغية وباطلة ويجب وقفها" وأن أي حل دائم لمدينة القدس يجب أن يراعي حقوق الطرفين وحرية العبادة للأديان السماوية الثلاثة.
حي الشيخ جراح .. العالم يندد
كان لحي الشيخ جراح في القدس المحتلة النصيب الأكبر في لفت انظار العالم للعائلات الفلسطينية هناك، والتي يحاول الاحتلال ومستوطنوه تهجيرهم منها بقوة الباطل.
ففي ردود الفعل الدولية والعربية، عبرت الخارجية الأميركية عن قلقها للغاية من التوترات في حي الشيخ جراح ومن احتمال إجلاء عائلات فلسطينية، حسب تعبيها.
واستنكر الاتحاد الأوروبي طرد العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح والقدس الشرقية واعتبره مقلقا وغير قانوني ويزيد التوتر.
وحملت الخارجية الكويتية سلطات الاحتلال مسؤولية التصعيد الخطير في القدس والشيخ جراح وما سيترتب عليه من عواقب، ودعت إلى تحرك دولي سريع لوضع حد لها وحفظ حقوق الفلسطينيين.
المصالحة الفلسطينية .. الجزائر تدعو إلى اجتماع للفصائل على أرضها
خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى الجزائر ولقائه نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، دعا الأخير إلى لقاء جامع للفصائل الفلسطينية على أرض الجزائر قبيل القمة العربية المقررة في اذار/ مارس 2022، دعوة رحبت فيها حركة حماس، ولم تضح معالمها بعد.
الانتخابات الفلسطينية
أعلن الرئيس محمود عباس تأجيله للإنتخابات الفلسطينية، بسبب عدم موافقة اسرائيل على اجرائها في مدينة القدس المحتلة، وكانت حركة حماس قالت قبيل اعلان دخولها للانتخابات إن خمس دول؛ وهي قطر، وتركيا، ومصر، والأردن وروسيا، ضمنت عقد الانتخابات الفلسطينية بالتتابع، بدءاً بالتشريعية ثم الرئاسية، خلال ستة أشهر مع ضمان نزاهتها.
لكن الجهود الدولية كافة فشلت في اقناع الاحتلال بمشاركة القدس المحتلة في الانتخابات، ما أدى الى تأجيلها دون تحديد موعد محدد لإجرائها.
تسونامي التضامن العالمي مع فلسطين
شهد العام 2021 حالة من التضامن الشعبي حول العالم مع فلسطين، لم تكن بالزخم الذي كانت عليه سابقاً، في الوقت الذي كانت غزة تحت القصف والعدوان الإسرائيلي، ومحاولة تهجير أهالي الشيخ جراح، والاعتداءات في القدس والضفة والداخل المحتل، انطلق تسونامي تضامني عالمي وانطلقت المظاهرات الشعبية حول ورفع المتظاهرون -المنددون بوحشية وعنصرية الاحتلال- الأعلامَ الفلسطينية في عدد من المدن الأميركية وأمام البيت الأبيض في العاصمة واشنطن، مؤكدين على الحرية لفلسطين، ومطالبين بوقف الدعم الأميركي لإسرائيل ومقاطعتها، كما شهدت العديد من الدول الأوروبية والآسيوية واللاتينية وغيرها من دول العالم مظاهرات كبيرة دعما لفلسطين.
2021 وضع اقتصادي أكثر خطورة
زاد تعثر الحالة الاقتصادية الفلسطينية خصوصا للسلطة الفلسطينية خلال العام 2021، بسبب اقتطاع الاحتلال الاسرائيلي المتواصل من أموال المقاصة، أضف إلى ذلك عدم التزام الدول العربية في المنح التي كانت تقدمها للسلطة، وآثار القطيعة في الحالة السياسية والإقتصادية مع الولايات المتحدة، وغياب اموال المانحين، كل ذلك جعل الإقتصاد أكثر خطورة.
البنك الدولي يحذير
توقع البنك الدولي في شباط من العام 2021 بانكماش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 11.5 بالمئة العام الماضي، بفارق كبير عن تقديرات سابقة بانكماش حول7%، تحت تأثير جائحة كورونا وانقطاع أموال المقاصة.
وفي تشرين ثاني من العام الجاري حذر البنك الدولي من أن السلطة الفلسطينية قد لا تتمكن من الوفاء بالتزاماتها بحلول نهاية العام الحالي ما لم توقف إسرائيل الاقتطاع من المقاصة وتستجيب لمعالجة الملفات المالية العالقة، فضلا عن استئناف المانحين تقديم مساعداتهم.
اجتماع اقتصادي امريكي فلسطيني بعد قطيعة 5 سنوات
خلال الحوار الأمريكي-الفلسطيني الاقتصادي، الأول من نوعه منذ 5 سنوات ناقش كبار المسؤولين الأمريكيين والفلسطينيين مواضيع رئيسة، تشمل تطوير البنية التحتية، وسبل الوصول إلى الأسواق الأمريكية، اللوائح الأمريكية، التجارة الحرة، القضايا المالية، والطاقة المتجددة والمبادرات البيئية، وربط الأعمال التجارية الفلسطينية والأمريكية، و مجابهة عوائق تنمية الاقتصاد الفلسطيني. كما تضمن الحوار مناقشة العلاقات التجارية الدولية.
يطمح الفلسطينيون أن يحمل عام 2022 معه تقدماً يذكر في الحالة السياسة التي تشهداها القضية الفلسطينية، وأن يخرج العالم عن صمته ووقف بياناته الاستنكارية، إلى الأفعال العملية التي تلبي تطلعات الفلسطينيين وتنتصر لحقوقهم، وأن تسير الحالة الإقتصادية بطريق الانتعاش، والقدرة على توفير مستلزمات الحياة الكريمة، والخروج من عنق الزجاجة إلى حل دائم وشامل يرضي الفلسطينيين.