نابلس - النجاح الإخباري - ما أن اتخذت الحكومة الفلسطينية قرار الإغلاق الشامل لأربع محافظات في الضفة، لمدة أسبوع في إطار مواجهة تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد 19)، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من التساؤلات والانتقادات، لماذا تغلق محافظات نابلس وبيت لحم والخليل وطولكرم وتفتح بقية المحافظات؟ وهل سيجدي هذا القرار نفعاً، خاصة وان الحكومة تجاهلت مطلب اللجنة الوبائي التي رفعت توصية بإغلاق شامل للضفة لمدة أسبوعين، وهل أصبحت مواقع التواصل هي المحرك للقرارات الحكومية في العديد من القضايا؟
مواقع التواصل تحرك الحكومة
خبير مواقع التواصل الاجتماعي واستاذ الاعلام د. محمد أبو الرب :"قال إن الحكومة وبإعلان صريح منها بأكثر من مناسبة قالت أنها تتابع مواقع التواصل وتأخذها بعين الاعتبار خصوصا بالقضايا التي تتحول لرأي عام.
وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري": باعتقادي ما يناقش ويتداول على منصات التواصل الاجتماعي يلعب دوراً في اتخاذ الاجراءات الحكومية، وليس شرطاً أن يكون ما يتم تداوله ملزماً ولكن يؤخذ بعين الاعتباري."
وأضاف أبو الرب: "ما حدث بخصوص احتجاج محافظة الخليل على قرار الاغلاق، يجب أن لا يؤثر على الإجراءات الصحية.
وأشار إلى أن البعض حاول أن يروج لفكرة الاحصائيات والنسب والاعداد والاصابات ولكن هذا النقاش جعل الناطق باسم الحكومة يخرج ويوضح هذه الاحصائيات ما يؤكد أن الحكومة تتابع وترصد مواقع التواصل وتأخذها بعين الاعتبار في مواقفها واجراءاتها.
واضاف ابو الرب: "الحكومة حاولت تبرر أنها أخذت النسبة المئوية للفحوصات الايجابية من إجمالي الفحوصات ولكن نشطاء التواصل الاجتماعي أغفلوا مسألة البعد الثقافي وميول المواطنين بكل محافظة فمثلاً جنين والخليل يمكن أن تعزف عن إجراء فحص كورونا حتى لو كان عندها أعراض ولكن برام الله طبيعة المجتمع تجعل الناس يقبلوا على الفحص، لذلك الاعتماد على نسبة الاحصائيات ونسبة المصابين من إجمالي الفحوصات غير كافٍ، وكان ممكن أن يؤخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي لمن أجرى الفحوصات وليس المجموع الكلي لمن أجروا الفحوصات".
وشدد على أنه ولاتخاذ قرار صحيح يجب الاعتماد على توصيات الجهات المختصة مع قدرة إعلامية واضحة وصريحة على إيضاح الأسباب، ولكن مجرد إعلان إجراءات دون بعد اقناعي كافي، وايضا تأخر الحكومة بالتوضيح والاعلان عن موقفها أو نفي لشائعات يسبب أيضا مشكلة، وفي أوقات الازمات الجهات المختصة يجب أن يكون لديها سرعة استجابة وتوضيح اول بأول للإجراءات بسياق اقناعي.
قرار الاغلاق فاشل
من جهته، أكد المختص في علم المناعة والفيروسات بجامعة النجاح الوطنية د. وليد الباشا أن القرار الاخير بالإغلاق كان سياسي ولاعتبارات معينة ومصالح معينة، مضيفاً:" قرار الاغلاق بالصورة التي أقر بها فاشل، فهو من ناحية وبائية قرار فاشل، فمثلاً إذا أغلقت الخليل هناك مواطنين سيذهبون من الخليل لمناطق أخرى، ما الذي يضمن أنهم لا يحملون الفيروس؟، ولماذا حتى الان لم يتم التعامل بشكل جدي مع من لا يلتزمون بإجراءات السلامة العامة، كما أن قرار الاغلاق الليلي ليوم أو يومين غير مجدي، ولا يوجد انضباط، وإذا بقيت الامور كما هي عليه سنعد الوفيات بالمئات".
وأضاف الباشا في حديث لـ "النجاح الاخباري": يجب أن نطرح سؤالاً مهماً، لماذا قرار الاغلاق لم يطبق على جنين وطبق على نابلس؟، فجنين نسبة الوفيات فيها عالية جداً وإذا أردت أن أناقش من ناحية وبائية فجنين من أكثر المناطق التي يجب أن تغلق، فعلى أي أساس اتخذ القرار بعدم إغلاقها، الحكومة خرجت وقالت بسبب النسب والفحوصات ولكن أين هي النسب؟ نحن سمعنا ولم نرَ، وكذلك فيما يتعلق بالوفيات".
وتساءل الباشا: "هل وجود الجامعة العربية الامريكية بجنين كان سبباً؟ ، ولماذا وطلبتها يتوجهون للدوام الوجاهي يومياً؟، هذا يؤكد أن هناك حسابات أخرى للحكومة، فهي لم تأخذ راي الشارع او مواقع التواصل الاجتماعي في هذا القرار".
وشدد الباشا على أن الجامعة العربية الامريكية في جنين قنبلة موقوتة متسائلاً، أين الحكومة؟ فالطلبة دوامهم وجاهي، وهم من مناطق مختلفة من أراضي عام (48) كما أن الجامعة هي من تجري الفحوصات لطلبتها فأين الشفافية؟، مضيفاً: " كما أن هناك استثناء لطلبة الجامعة الأمريكية من كل المحافظات لتسهيل حركتهم وتنقلهم".
وأشار الباشا إلى أن الحكومة تجاهلت مطلب اللجنة الوبائية بالإغلاق الشامل لمحافظات الضفة كافة، فهذا القرار لو طبق كان سيحل مشكلة، ولكن القرار الذي اتخذ خاطئ بكل المقاييس.
القرار اتخذ وفق استشارات غير دقيقة
الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج القرارات أكد أنه وحين تكون القرارات اتخذت بناءً على استشارت غير دقيقة ولا تعكس الواقع سيكون هناك تضارب ورفض لها ومواقع التواصل لها دور كبير بتدجين او تهيج الراي العام، وإذا كان القرارات متضاربة ولم يكن هناك قدرة على المواءمة بين الصحة والاقتصاد ستكون النتائج مثل ما نراه على ارض الواقع وهذا ما يتضح على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري": التجار يعكسون حقيقة الوضع الاقتصادي الصعب لانهم المؤثر الاساسي في المقدرة على معرفة حجم التداول بالسوق الى جانب البنوك، لذلك جاءت القرارات الاخيرة متضاربة وبتأثير لما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما يكون القرار هش وغير متزن فحركة الشارع ومواقع التواصل ستؤثر على صناع القرار".
وأضاف الحاج:" برايي القرارات الاخيرة خرجت للعلن، وأُخذت بشكل فردي وعلى ما يبدو ليس هناك مختصين لتقديم مشورة سليمة، ولو كان هناك اجتماع مشترك بوجود مختصين من طل الاطياف لما كانت ردة الفعل كما هي عليه، كما أن التقسيم الجغرافي في قرار الاغلاق الاخير تحت ذريعة المحافظة على الصحة، يرسخ فكرة ما تريد "إسرائيل" ترسيخه بان نابلس دولة والخليل دولة ورام الله دولة".
الجدير ذكره، أن فيروس كورونا يتفشى في محافظات الوطن بنسب أعلى في الاصابات والوفيات الأمر الذي يدق ناقوس الخطر، ويدفع لضرورة وضع خطة محكمة دون أي اعتبارات سوى مجابهة الفيروس والحد من انتشاره.