نابلس - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - على الرغم من التصريحات الإيجابية لحركتي فتح وحماس على إيجابية الاجتماعات التي جرت بينهما الشهر الماضي، والتوصل إلى توافقات على طريق تحقيق المصالحة الفلسطينية، إلا أن تأخر اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي كان من المفترض أن يكون في بداية الشهر الجاري، يدفع للتساؤل عن سبب تأخره؟ خاصة وأن تصريحات خرجت من عضوي اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد وروحي فتوح تشير إلى أن الطرف الآخر (حركة حماس) استحدثوا شروط جديدة.
وانعقد في الثالث من سبتمبر الماضي اجتماع الأمناء العامين للفصائل بحضور الرئيس محمود عباس، بين رام الله وبيروت، وتم التأكيد على ضرورة تحقيق الوحدة ، وهو ما تبعه لقاءات ثنائية بين فتح وحماس في أسطنبول، وصدر بيان مشترك أكد على إيجابية اللقاءات والاتفاق على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال ستة أشهر، وأن اجتماعاً قريباً في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر سيعقد للأمناء العامين للفصائل وإصدار المراسيم الرئاسية الخاصة بالانتخابات.
وانتقد المتابعون للشأن الفلسطيني مساء البطؤ الذي يسير فيه قطار المصالحة، في الوقت الذي من المفترض أن يكون سريعاً ليصل إلى بر الأمان، وهل سينتهي العام 2020م ويضع حداً لانقسام دام 14 عاماً.
الرجوب سيزور غزة قريباً
أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس وفدها في الحوار مع حماس، جبريل الرجوب، أكد اليوم الأربعاء، أن هناك خطوات عملية لإتمام المصالحة الفلسطينية، وأنه سيزور قطاع غزة قريباً، وأن المانع من الزيارة هو تفشي أزمة كورونا، مؤكداً أن الخطوات المقبلة لإتمام المصالحة ستكون عملية من أجل إتمام المصالحة وهي "إصدار مرسوم رئاسي خاص بالانتخابات، وما سيتلوه من حوار وطني ثنائي وشامل وبشكل فوري، لافتاً إلى أنه سيتم البدء بتشكيل لجنة وطنية لدراسة وتقديم آليات على أسس وطنية لحل كل المشاكل الموجودة".
وأشار إلى أن الحوار الذي جرى مع حركة حماس، تم بدعم كامل من الرئيس محمود عباس على التزام فتح وحماس بمخرجات مؤتمر الأمناء العامين وتفاهمات اسطنبول، لافتاً إلى أن قيادة الحركتين وكل الفصائل وافقوا وباركوا الاتفاق.
وسبق تصريحات الرجوب بأيام تصريحات العاروري، الذي أكد على استمرار الحوار الإيجابي والبناء مع حركة فتح وكافة الفصائل بشأن المصالحة الوطنية، قائلاً: نؤكد على استمرار الحوار الإيجابي والبناء مع حركة فتح، والفصائل كافة، للوصول إلى اتفاق وطني على خريطة وطنية تحقق الشراكة الوطنية المنشودة، وتزيد من قدرة شعبنا على مواجهة التحديات والمؤامرات".
وبالرغم من أن هذه التصريحات تعطي انطباعا إيجابياً بين الطرفين، إلا أن عزام الاحمد عضو اللجنتين تنفيذية منظمة التحرير ومركزية فتح، كان له رأياً آخر، حيث قال بأن حركة حماس لم ترسل حتى الآن ردها بشأن المصالحة وإجراء الانتخابات، موضحاً أن الأمور لم تسير كما كانت البداية، و"المفترض أنه بعد اللقاء الذى جري في تركيا أن ترسل حماس موافقتها على إجراء الانتخابات كما تم التفاهم على ذلك".
وأضاف: "كل الفصائل في البداية أرسلت رسائل خطية للرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر".
وتابع الأحمد أنه "يخشى تبدد الأمل بسبب عدم إرسال رد من حماس حتى الآن، رغم مرور أكثر من حوالي ثلاثة أسابيع على لقاء إسطنبول، وهم رحبوا ببيان فتح، فلماذا رحبتم؟ إذا رحبتم إذا وافقوا، أرسلوا ردكم، فحماس بدأت تتحدث عن تهيئة الأجواء". حسب قوله.
وكانت حركتا فتح وحماس عقدتا لقاءات في اسطنبول نهاية سبتمبر الماضي، أعلنتا من خلالها التوصل لرؤية متفق عليها بينهما، ستقدم للحوار الوطني الشامل بمشاركة كافة الفصائل الفلسطينية.
جدية حقيقية
في ذات السياق، أكد د. نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أن هناك جدية حقيقية في اللقاءات الحاصلة ما بين حركتي فتح وحماس، مشيراً إلى أن حركة فتح تجري الآن إجراءات عملية من أجل ترتيب كل ما يتم الاتفاق عليه من لقاءات بين الحركتين.
وقال شعث لـ "النجاح الاخباري": "بالأمس عقد المجلس الاستشاري لحركة فتح اجتماعا، للتطرق بمواضيع الاعداد للانتخابات والوحدة الوطنية واعادة البناء من أجل الوقوف في هذه المؤامرة الخطيرة التي تواجهنا"، معرباً عن تفاؤله أن يتم التوصل لكل ما تم الاتفاق عليه في اجتماعات اسطنبول.
وأضاف أن " ثقته كبيرة أننا مقدمين بكل جدية في ترجمة ما تم من اتفاقات بين الرجوب والعاروري"، منوهاً إلى أن هذه اللقاءات والاتفاقيات تحظى بإرضاء كل القيادة الفلسطينية.
وفيما يخص، اجتماع الأمناء العامين، أوضح شعث أن الاجتماع سيعقد قريباً، مردفاً بالقول: "لن يتأخر اجتماع الامناء العامين، وبالرغم من كل الصعوبات اللوجستية لدى حركة فتح، إلا إن الاجتماع سيعقد خلال موعد قريب، واتوقع خلال الأيام القليلة القادمة".
وعُقد اجتماعاً للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في سبتمبر الماضي، برئاسة الرئيس محمود عباس وبالشراكة بين رام الله وبيروت عبر الفيديو كونفرس، حيث أكد الاجتماع على رفض الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته وفي مقدمته القيادة الفلسطينية بشكل مطلق جميع المشاريع الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية، وتجاوز حقوقنا المشروعة، كما يرفض أي مساسٍ بالقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية.
وشدد البيان الختامي للاجتماع على أن شعبنا وقيادته يدينون كل مظاهر التطبيع مع الاحتلال، ويعتبرون ذلك طعنةً في ظهر الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وأن القيادة الفلسطينية تدعو شعوبنا وأحرار العالم للتصدي بكل ما أوتوا من قوة لهذه المخططات.
معوقات حقيقية
في السياق، قال القيادي في حركة حماس، د. يوسف رزقة، إن لقاءات فتح وحماس في اسطنبول كانت بداياتها تدلل على أن هناك جديد سيحصل وسيكون خيراً للشعب الفلسطيني، مستدركاً "لكن حسب التصريحات الأخيرة فإن فيها شيء يعتقد كمن يقدم رجلاً ويؤخر أخرى".
وأضاف رزقة لـ "النجاح الاخباري": إن "اتهامات عزام الأحمد بأن حماس لم ترسل ردها على ما تم الاتفاق عليه في اسطنبول فيها شيء من الغمز واللمز"، مشيراً إلى أن مسألة المصالحة أكبر من القضايا التي تحدث به مؤخراً بعض التصريحات بخصوص المجلس التشريعي سواء في الرواتب أو الشرعية.
وأوضح أن هناك معوقات حقيقية في سير عملة المصالحة، وهذه المعوقات إما ذاتية أو خارجية، منوهاً إلى أن قضية المصالحة تدار من خلال مناورات وليس من خلال ايرادات.
وتابع رزقة: "هناك مشكلة ذات بعدين، بعد ذاتي لا بد من التغلب عليه وبعد خارجي مطلوب من الأطراف أن تتغلب عليه"، لافتاً في ذات الوقت إلى عدم انعقاد اجتماع الأمناء العامين الذي كان سيعقد بداية الشهر الجاري.
ووفق القيادي في حماس، فإنه اذا لم يجتمع الامناء العامون فهذا معناه ان هناك تخلي عن الحل الجماعي في المشكلة القائمة في القضية الفلسطينية سواء في منظمة التحرير أو اصلاح المؤسسات الداخلية أو اصلاح الانقسام بين غزة والضفة.
نقاط ضعف ومعوقات
وفي ظل عملية المد والجزر في التصريحات حول إتمام المصالحة وإصدار مرسوم الانتخابات والمجلس التشريعي إلا أن محللين سياسيين يروا أن هناك معوقات أمام المصالحة الفلسطينية، وتباطؤ في هذه العملية، مشددين في ذات الوقت على ضرورة اتخاذ موقف حاسم فيم يتعلق بالقرارات التي يتخذوها في لقاءاتهم.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي نبيل عمرو فإن حركتي حماس وفتح في مأزق على مستوى الوطن مقسوم على جانبين، وقال: "في غزة شكوى مستمرة من سراب الوعود "الإسرائيلية" الذي ينثر كلما احتاجت "إسرائيل" لفترة تهدئة مع انتظار مشوب بالقلق لحقيبة العمادي، التي لا تمر إلا إذا اجتازت سلسلة من الشروط "الإسرائيلية" وحظيت بشروط إضافية توضع على حماس.
وأضاف في مقالٍ له: " في الضفة مأزق مركب يتمادى في تأثيره السلبي كل يوم، لأنه في واقع الأمر سياسي واقتصادي وصحي يغطيه غلاف رقيق قليل الجدوى هو انتظار نتائج الانتخابات الامريكية لعل بايدن يقدم شيئا مختلفا عن دونالد ترمب كأن يضع بعض الماء في الخزان الفارغ.
وبيّن عمرو أن طرفي الانقسام لو نظر إلى وضع كل منهما على حدة، فسوف نجد في داخله كومة من التعقيدات سواء على صعيد كيانه الذاتي أو على صعيد البيئة التي تحسب عليه كمجال لمسؤولياته ذلك، مشيراً إلى أن الطبقة السياسية المتمركزة في رام الله لم تقدم حتى الآن أي حلول مقنعة للإشكالات المتنامية والمستفحلة التي يعاني منها المجتمع وكذلك الأمر بالنسبة لغزة التي أعطت لشعار المقاومة كل ما تملك وصار من حقها أن تحصل على بعض مما تحتاج.
فيما يرى المحلل السياسي، د. رياض العيلة أن هناك تباطؤ في عملية المصالحة، موضحاً أن هذا التباطؤ له مؤشرات سلبية وليست ايجابية خاصة بأن هناك أكثر من تجربة لعملية المصالحة وللأسف الشديد معظمها فشلت.
وشدد العيلة في حديثه لـ "النجاح الاخباري" على ضرورة اتخاذ طرفي الانقسام قرارات حاسمة كي لا تفشل لقاءاتهما، وتنتهي بنتيجة ايجابية ويصلوا لاتفاق للشراكة في إدارة البلاد وليست في إدرة الانقسام.
أما المحلل السياسي هاني المصري فيرى أن هناك عِصِيًّا محلية وإقليمية ودولية وضعت في دواليب المصالحة، خصوصاً وأنه كان من المفترض أن يُعقد لقاء الأمناء العامين بعد أسبوع من اجتماع إسطنبول، الذي عقد بتاريخ 24/9/2020، وذلك من أجل إقرار وتطوير "تفاهمات إسطنبول"، وفتح الطريق لإصدار المرسوم أو المراسيم لتحديد مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني.
وتساءل المحلل المصري في مقال له ما هي هذه العصي؟، وكيف يمكن لقطار المصالحة أن ينطلق ويصل إلى محطة الوحدة بسرعة وثقة وأمان؟
وأوضح ان أهم ما يميز الحوارات الجارية بين فتح وحماس أنها تناولت الأساس السياسي، لافتاً إلى أن هناك نقاط ضعف وعراقيل أمام المصالحة أولها تتمثل في وجود معارضة داخل حركتي فتح وحماس، وخاصة داخل الأولى لدمج "حماس" في السلطة، عبر القائمة المشتركة وفي تشكيل المجلس الوطني، من دون إنهاء سيطرتها على السلطة في قطاع غزة أولًا.
وتابع: "إن الحوار جارٍ بين عدد محدود من الأشخاص من حركتي فتح وحماس ورغم اعتماد ما يتم التوصل إليه من الحركتين، إلا أنّ هذا الحوار يجري من دون حاضنة فلسطينية أكبر وأقوى، وبلا تصور شامل، إذ يتم التعاطي بشكل حذر أكثر من اللزوم، وبصورة تجريبية وانتقائية".
يذكر أن حماس وفتح عقدت لقاءات سابقة عديدة بشان إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام، وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات دون العمل أو الالتزام بما تم التوقيع عليه، وجاءت هذه الحوارات في عواصم وبلدان عديدة، بعد الانقسام الفلسطيني عام 2007.