نابلس - وفاء ناهل - النجاح الإخباري - ما ان أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، التوصل إلى اتفاق إطار لبدء محادثات غير مباشرة، مع "اسرائيل" بعد منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، لترسيم الحدود البحرية بين لبنان و "اسرائيل"، حتى بدأت العديد من التساؤلات تطفو على السطح، واهمها لماذا بهذا التوقيت يتم البدء بترسيم الحدود البحرية؟ وهل ستكون هذه المفاوضات تمهيداً للتطبيع على غرار الامارات والبحرين؟.
محللون وخبراء بالشأن اللبناني اكدوا ان المفاوضات لن تكون تمهيداً للتطبيع مع اسرائيل، مؤكدين تمسك لبنان بالثوابت والحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، وان هذا الترسيم للحدود بمثابة حق لبناني بتثبيت حدوده البحرية.
ترسيم الحدود نزع لفتيل يمكن ان ينفجر بأي لحظة
مدير معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية، د. سامي نادر ان قرار ترسيم الحدود جاء تحت ضغط العقوبات الامريكية خاصة التي طالت حلفاء حزب الله منذ شهر تقريباً، وأضاف:" ما هو ملفت ان توقيت هذه المفاوضات جاء في اطار المبادرة الامريكية والتي يرجع عمرها الى (10) سنوات ليتم احيائها باللحظة نفسها التي افشلت فيها المبادرة الفرنسية لتشكيل حكومة لبنانية".
وتابع نادر في حديث لـ"النجاح الاخباري": كان حزب الله الطرف المفاوض من الجهة اللبنانية حتى لو لم يكن بالواجهة لكن الكل يعلم ان لديه اليد الطولى فيما يخص اتخاذ القرار بالداخل اللبناني، والملاحظ انه كان يفاوض الفرنسيين بتشكيل الحكومة وعينه على الامريكيين لان الكل يعلم ان الساحة اللبنانية منكشفة على الصراع بالاقليم بين ايران وامريكا وايران والدول العربية".
واشار الى اهمية هذه الخطوة كونها الحل لنزع فتيل قابل للتفجير في منطقة شرق المتوسط ، والتي تعتبر مهمة جدا بالنسبة لاسرائيل ليس فقط لاحتوائها على الغاز والنفط ولكن لانها ستكون المجال الحيوي لبناء انابيب غاز تربط ابار المتوسط وابار الشرق الاوسط، بالداخل الاوروبي بدون الحاجة للدخول الى الفضاء الروسي.
وحول امكانية ان تكون هذه المفاوضات تمهيداً للتطبيع على غرار الامارات والبحرين، قال نادر:" لا اعتقد انها تمهيد للتطبيع، على الرغم من كونها اعتراف دون شك باسرائيل لان الطرف المفاوض يقوم بعمل رسم الحدود مع اسرائيل، و برعاية الامم المتحدة، ومن وجهة نظري ما تقوم به لبنان هو حياد ايجابي لانه ليس لديه مصلحة ان يدخل صراعات، وفي الوقت نفسه مواقفه واضحة فيما يتعلق بالقضايا العادلة".
وفيما يتعلق بوجود مدنيين في الوفد اللبناني المفاوض، اشار الى ان وجود عسكريين يكرس البعد السياسي لهذه المفاوضات، والطرف الللبناني يريديها فقط تقنية، والطرف الاسرائيلي يريدها عسكرية".
وتابع نادر:" ستحاول اسرائيل ان تحصل على الحد الاقصى، من هذه المفاوضات، خاصة انها تعرف ان لبنان يعاني من وضع اقتصادي صعب وستحاول استغلال هذا الامر، ولكن في حال تم انتخاب بايدن اتوقع ان لا تصل هذه المفاوضات لنهاية ولن يتم توقيع اتفاق نهائي، كما ان اسرائيل ستحاول تحويل هذه المفاوضات لما يتعدى نطاق الغاز والنفط، وهذا الامر يبقى محط تساؤل تحمل اجاباته الايام القادمة".
توقيت مفاوضات الترسيم لصالح الاطراف الثلاث
المحلل السياسي حسن حردان، اكد ان توقيت المفاوضات خلال هذه الفترة تحديداً، كونها مصلحة للاطراف الثلاث لبنان وامريكا واسرائيل، مشيراً الى ان اسرائيل اصبحت بحاجة لاستخراج الغاز لتصديره عبر ما يسمى منتدى المتوسط لاوروبا، وهذا يندرج في سياق سياسة اسرائيلية امريكية لايجاد موارد للغاز لاوروبا تغنيها تدريجيا عن الغاز الروسي، في سياق سياسة استراتيجية لتعزيز الموارد الصهيونية ولتقليل اعتماد اوروبا على الغاز الروسي.
وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": امريكا واسرائيل وجدتا ان الضغط الاقتصادي والمالي على لبنان والعقوبات لم تجدي نفعا بتغيير الموقف الرسمي اللبناني عن التمسك بالثوابت الوطنية والقومية ورفض تقديم تنازلت في مفاوضات التي اجراها المسؤولون الامريكيون على مدار (10) سنوات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لانتزاع تنازل واحد من لبنان".
وحول امكانية ان تقود هذه المفاوضات للتطبيع مع اسرائيل قال حردان :" النقطة الاهم في التوقيت ان اسرائيل وامريكا تريدان ان تظهرا للراي العام بأن لبنان، يسير في مسار بعض الدول التي طبعت مع الاحتلال وهذا غير صحيح، ولا يمكن ان يحدث".
وحول مصلحة لبنان من هذه المفاوضات اضاف:" لبنان ايضا بحاجة الى تثبيت حدوده البحرية لكي يتمكن من الاستفادة من النفط والغاز دون ان يكون ذلك مرتبط باي امر سياسي او اقتصادي مع الجانب الاسرائيلي".
وفيما يتعلق برفض حزب الله وحركة امل، لان يكون هناك مدنيين بالوفد المفاوض قال حردان:" لبنان منذ عام (1996) وعند التوصل لاتفاق نيسان أبان العدوان الصهيويني على لبنان فرض قواعد للتفاهم تقوم على حق المقاومة باستمرار بالعلميات العسكرية ضد الاحتلال بالاراضي اللبناني المحتلة وتحييد المدنيين ونجحت المقاومة بإلزام العدو بذلك، ونشأت في ظل التفاهم لجنة عسكرية لبنانية "صهوينية" برعاية الامم المتحدة، عبر مفاوضات غير مباشرة من خلال عسكريين على قاعدة ان المدنيين لا يجب ان يدخلوا بهذا الصراع، وفي عام (2000) كذلك انسحب الاحتلال من الاراضي اللبنانية وشكلت لجنة عسكرية لترسيم الحدود لذلك لا يجب التنازل عن هذه الشكليات التي فرضت لاي عملية تفاوض".
وحول امكانية ان تكون هذه المفاوضات ايجابية، قال حردان:" اسرائيل لن تغير أساليبها، ومحاولاتها بتحصيل المكاسب ونصب الافخاخ، ولكن اذا كان المفاوض يعرف ما يريد لبنان سيكون قادراً، على فرض ما يريد".
مفاوضات ترسيم الحدود لن تحقق اي مكاسب "لاسرائيل"
المحلل السياسي حسام عرار اكد ان المفاوضات اللبنانية مع اسرائيل، فيما يتعلق بترسيم الحدود موجودة منذ فترة ولكن ظهرت بشكل علني خلال هذه الفترة لان اسرائيل استغلت الوضع الاقتصادي للبنان ولتظهر ان الجانب اللبناني ضعيف ووافق على الشروط الاسرائيلية.
وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": اسرائيل ستتعامل بايجابية مع هذه المفاوضات اكثر من اي مفاوضات اخرى، ولتحقيق ما تريده ستحاول ان تتنازل عن بعض المكاسب الحدودية لتكسب سياسيا ولتغري المحاور اللبناني، مشيراً الى ان ترامب وبعد تراجع شعبيته بالولايات المتحدة، يريد ان يكسب تعاطف اليهود خارج الولايات المتحدة، وليظهر وكأنه يحل الخلافات في الشرق الاوسط".
وحول امكانية ان تقود خطوة ترسيم الحدود لتطبيع ما بين لبنان واسرائيل قال عرار:" لا يمكن ان تذهب لبنان للتطبيع وما سيكون مفاوضات حدودية ولن يكون لها انعكاسات اخرى فيما يتعلق بالتطبيع".
توقيت بدء مفاوضات ترسيم الحدود سياسي
الكاتب والصحفي جوني منير اشار الى ان توقيت ترسيم الحدود سياسي و يناسب كل الاطراف وتحديدا الطرف اللبناني، فامريكا تضغط منذ اكثر من ثلاث سنوات للذهاب بهذا الاتجاه، والان الوضع صعب ويضغط على كل الاطراف بما فيهم الثنائي الشيعي.
وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": على المستوى الاقليمي اسرائيل تحاول استغلال التطبيع الاماراتي البحريني، ولكن لا يمكن ان تاخذ هذه المفاوضات للتطبيع، ومن يراهن على التطبيع فهذا الرهان بغير مكانه لبنان لن يذهب للتطبيع وحزب الله الاقوى بالجنوب ولا يمكن الذهاب لتطبيع رغما عنه، هذا في حال افترضنا ان لبنان تفكر بالتطبيع".
واضاف:" اسرائيل ستتعاطى بإيجابية لتأمين استخراجها للنفط والغاز وعند تثبيت الحدود البحرية، ستتمكن من حماية الشركات التي تريد ان تنقب عن الغاز لذلك ستكون ايجابية بالتعاطي مع المفاوضات".
وتُعدّ قضية الحدود البحرية المشتركة مسألة شائكة، خصوصاً بسبب النزاع القائم حول حقوق التنقيب الساحلي.