نابلس - النجاح الإخباري - الديمقراطية الأميركية أصبحت على مفترق طرق، بعد أن هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بانتزاع الرئاسة مرة أخرى عبر التزوير، والتلاعب بالانتخابات، عدا أنه يخوض غمار معركته الانتخابية بخطاب تحريضي، محمول على الكراهية، ومشحون بالعنف الذي ساهم في اشعاله، فلماذا تبدو الانتخابات الأميركية حدثا استثنائيا؟.
عدم احترام القوانين
رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، في جامعة دينفر، في الولايات المتحدة الأميركية، د. نادر هاشمي، رأى أن الفرق الأكبر هو أن الرئيس ترامب غير معتاد على احترام قوانين الديمقراطية، وهو ما أعلنه بشكل واضح وصريح في أنه لن يحترم نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأوضح خلال استضافته عبر برنامج "قراءات سياسية" الذي يبث عبر فضائية "النجاح" أن الرئيس ترامب والذي ينتمي للحزب الجمهوري، يحظى بتأييد كل أعضاء الحزب، كما أنه يحظى بنسبة تأييد 40% من الجمهور الأمريكي.
وأشار إلى أن الانتخابات المقبلة قد تكون نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية، ومن المتوقع أن تتحول إلى نظام سلطوي، مشيرا إلى أن المخاطر عاليا، وهو ما زاد من المخاطر المصاحبة للانتخابات هذا العام.
انتشار العنف في أميركا
ورجح هاشمي أن ينحدر الوضع إلى الأسوأ في الولايات المتحدة الأميركية بعد الانتخابات، مشيراً إلى أن ترامب يؤمن بمعتقدين، إما أن يفوز بالانتخابات أو أن النتائج مزورة.
وأضاف، الرئيس ترامب يعني ما يقوله عندما ادعى أنه لن يحترم نتائج الانتخابات، مشيراً إلى أن الأمر قد يذهب إلى المحكمة العليا حال ظهرت نتائج الانتخابات في أميركا.
سيناريو انهيار المؤسسة في أميركا
ورأى أستاذ الفكر السياسي والادارة العامة بجامعة بيرزيت، د. باسم زبيدي، أن المشكلة لم تعد أزمة ثقة بين الجمهور والنخبة الحاكمة في أميركا، مشيرا إلى أنها بدأت تأخذ منحى آخر بمعنى غياب الثقة اللازمة، والاستعداد للدخول في تعاقدات وتفاهمات بين مختلف التوجهات داخل النخبة ذاتها.
وأشار إلى أن هناك حالة جديدة في الائتلاف النخبوي في الولايات المتحدة الأميركية، يعبر عنه داخل الحزب الواحد، وقد نرى صراعات مريرة داخل الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، وأضاف، نراها أحيانا ما بين الحزبين الكبيرين.
وقال، يجب علينا أن نميز بين مستويين من التوتر، وأضاف، بالنسبة لترمب، هو شخص غير مألوف، ولم يسبق أن كان رئيس للولايات المتحدة الأميركية له هذه الصفات، مشيراً إلى أن ترامب قليل التعليم، وقليل الأدب، وكاذب، جاء من عالم المال البشع، وصنع ثروته بأوجه في كثير من الأحيان غير شرعية، وأدى ذلك إلى خلق توترا في كل شيء سواء فيما يقول للسياسيين أو الموظفين في البيت الأبيض، أو للإعلام أو لخصومه أو مؤيديه.
وتابع، هذا المستوى له علاقة بالشخص نفسه، "ترامب"، لكن التوتر الأعمق الذي تمر فيه الولايات المتحدة هو حالة البحث عن كيف يمكن أن تستمر في العقود القادمة بعد تراكم المشاكل والتحديات الكثيرة، السياسية، والعرقية، وبات يهدد مكانة الولايات المتحدة العالمية بعد ظهور الصين والهند وبلدان أخرى، وبالتالي فإن الانتخابات الراهنة تثير تساؤل حول الولايات المتحدة إلى أين؟، وهل ستكون قادرة على لملمة جراحها وعلى استنهاض قدراتها، والدخول في طور جديد من التقدم، وتعود قوة اقتصادية، أم أنها ستكبو أمام التحديات الخارجية؟.
التطرف الأميركي
وأوضح أنه عندما تم تأسيس الولايات المتحدة الأميركية، وضعوا خطتين، الأولى الذي جاء بها "هاملتون"، والأخرى الذي جاء بها "ماديسون"، موضحا أن الخطة الأولى كانت تقوم على اقتصاد رأس مالي يقوم على سلطة البنوك، وبالتالي الاقتصاد الرأسمالي بصوره الكلاسيكية، وأضاف، كان هناك تصور آخر يرى أن هذا الاقتصاد يجب أن يقوم على أساس زراعي بسيط، لأن مثل هذا الاقتصاد هو الأكثر قدرة على انشاء ديمقراطية كبرى.
وتابع، الفلسفتان عبر التاريخ استمروا في صراع إلى أن حسمت القضية إلى الخطة الأولى الاقتصاد الرأسمالي، وبالتالي جاء على حساب الديمقراطية، وخلف ضحايا كثر من العرقيات.
وأكمل، بعد 250 سنة من التاريخ، نرى خريطة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية يقود المشهد السياسي فيها القوى المحافظة التي تميل إلى لأميركا البيضاء المتدينة المسيحية اليهودية التي تسيطر على العالم، وفي المقابل، بقية المجتمع الأميركي يتشكل من العرقيات، مشيراً إلى أن الصراع أصبح حول الثقة، وما إذا كان الطرف المحافظ أو الليبرالي أكثر ميلا للثقة.
وبين أن الحزب الجمهوري بات ينحدر نحو اليمن والتطرف، وفي المقابل الحزب الديمقراطي في وضع لا يحسد عليه، موضحاً أنه في حالة من الحراك والصراع الداخلي لتحديد وجهته وهو بين قوتين متناقضتين، القوة الليبرالية التقدمية، وآخرين يحاولون البقاء على المؤسسة الديمقراطية كما هي.
الصراع الحزبي
ونبه هاشمي أن الحزب الديمقراطي يشهد صراعا بين جماعة "ساندرز" الذين يميلون إلى اليسار داخل الحزب الديمقراطي وبين مجموعة أخرى داخل الحزب تميل إلى الوسط، موضحا أن جو بايدن، وباراك أوباما، وكلينتون، يمثلون اختلافا داخل الحزب الديمقراطي الذي يمثله "ساندرز".
وبين أن جو بايدن، وباراك أوباما، وكلينتون، يميلون إلى رؤوس الأموال في "وول ستريت" بينما "ساندرز" لا يمثل ذلك الميول، وأوضح أن الحزب الديمقراطي الحالي لا يدفع بنظام صحي داخل الدولة، والسبب هو أن في الولايات المتحدة الأميركية هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يريدون نظاما صحياً شاملاً، بسبب أنه يقلل من ثرواتهم، وأضاف أعتقد أن هذه هي المشكلة الرئيسية داخل الحزب الديمقراطي.
وأضاف، الحزب الديمقراطي لا يفهم بشكل كامل ما حدث قبل أربع سنوات، بالإضافة إلى أن هناك عدد كبير داخل المجتمع الأميركي لا يثقون في النظام السياسي، لكن من الممكن أن يأتي "بايدن" ويقوم بتغيير ذلك، وتابع، فعلا هذه المشكلة قائمة داخل الحزب الديمقراطي.
ترامب لن يحصد الأغلبية
ورأى أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يحظى بدعم كبير، لكنه لن يحصل على الأغلبية، في الولايات المتحدة الأميركية، وأضاف، قبل أربع سنوات حصدت هيلاري كلينتون عدد أكبر من الأصوات، لكنها خسرت الانتخابات في النهاية، واصفا اياها بالمشكلة في النظام السياسي الاميركي، مشيرا إلى أن النظام يحرم مواطنيه من اختيار رئيسه بشكل عادل، وتابع، الولايات المتحدة الأميركية لا تبدو دولة ديمقراطية.
اختطاف الانتخابات
بدوره، أوضح أستاذ الفكر السياسي والادارة العامة بجامعة بيرزيت، د. باسم زبيدي، أن هناك لغط كبير حول الديموقراطية الأميركية، مشيرا إلى أن النظام الأميركي "أوليغارتي" أكثر من كونه ديمقراطي، بمعنى أن الطبقة الحاكمة والمسيطرة، والتي تفرض سلطتها على الجمهور الأميركي، هي تلك الفئات والنخب الميسورة، وخاصة الأغنياء، واصفا اياها بالديمقراطية النخبوية.
وتابع، بذلت في الولايات المتحدة الأميركية جهود كثيرة لإبقاء عامة الناس بعيدين عن التأثير في الحياة العامة أكثر مما بذلت جهود في جعلهم قريبين منها.
واكمل، حتى عهد قريب كان هناك عبودية، وحرمان للمرأة من المشاركة في الاقتراع بالولايات المتحدة الأميركية.
ونبه إلى ان عدم تأثير الناخب الأميركي في اختيار مرشحه، من خلال تحويل صوته إلى ثلاث سلطات، "التنفيذية، والتشريعية والقضائية" حيث يتم فيها "الصفقات الكبرى" التي بدورها تقوم على مبدأ تبادل المنافع بين النخب، يحرم المواطن الأميركي من حرمانه من حقه في اختيار مرشحه.
السياسة الخارجية لأمريكا
وشدد على أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية بأنها عبارة عن ترجمة لإرادة الأمة الأميركية في التعامل مع العالم، بمعنى أن الأمة الأميركية ليست كل الأميركيين ولكنها تمثل 2% مجموع من يمتلكون الثروة والسلطة والاعلام ويمتلكون قرار الحرب والسلام عالميا، وتقدم الدعم لإسرائيل.
تأثير الجماعات المسلحة على الانتخابات
من جهته أوضح، هاشمي أن تأثير الجماعات على الانتخابات كبير جدا، موضحا أن طلب الرئيس من المجموعات المسلحة اخراج أسلحتها بسهولة وأن يطيعوا أوامره، وأن يحدثوا حالة من الفوضى تضمن نجاحه، تقود بالأمور إلى حرب أهلية.
وأضاف، سهولة الحصول على الاسلحة في الولايات المتحدة، بالرغم من وجود عمليات قتل يومية، يعود إلى رغبة النخب السياسية بتسليح الجماعات، من خلال مؤسسات تعمل على تسليح المواطنين.
وتابع، الامر ذاته يحدث في السياسة الخارجية، كما أن هناك جماعات تضغط على الكونغرس من أجل الحصول على امتيازات خاصة.
التهرب الضريبي
وفسر د. هاشمي قوانين الولايات المتحدة الأميركية تفضل الأثرياء والشركات ولا تفضل المواطن الأميركي العادي، وأضاف، لهذا السبب قوانين الضرائب تسمح لشخص مليونير مثل دونالد ترامب التهرب من دفع الضرائب، وأشار إلى أن الحل يكمن في اعادة تشريع القوانين.
عزل ترامب
ورأى د. باسم زبيدي أن قضية التهرب من الضرائب جزء من 6.5 تريليون دولار من أموال البشرية، موجودة في بلد الملذات المالية.
وأشار إلى أن قضية عزل ترامب، لا يحكمها القانون ولا الأخلاق، وإنما فقط مراكز القوة، مشيرا إلى أنها باتت في حالة اصطفاف لجماعة يقودها "ديك تشيني وبوش ورامسفيلد" والتي لا تسمح بأي عرقلة تجاه مصالحها، ولا تسمح لعزل أي رئيس، خصوصا أنها تشتري عهده وفق مصالحها.