القدس - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - مجازر عدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ احتلالها عام 1948، ولكل مجزرة مسمى خاص بها وتاريخ لن ينساه الفلسطيني الذي دُمر منزله وشُرد من دياره واعتقل واستشهد ودفع الثمن غالياً، لينفي مقولة رئيس وزراء الاحتلال السابق رابين "الكبار يموتون والصغار ينسون"!
ومن أكثر المجازر التي شنها الاحتلال الإسرائيلي كانت بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، الذي لا زال يعاني من مجازر يومية من قبل الاحتلال ومستوطنيه ووزراءه وجنوده، إلا أننا نقف اليوم في مجزرة ارتكبها المحتل الإسرائيلي منذ ُثلاثين عاماً في باحات المسجد الأقصى بوحشية وبدم بارد بحق المصلين الفلسطينيين، في جريمة فاقت كل الخطوط الحمراء، واُعتبرت الأبشع في تاريخ "إسرائيل" الأسود.
"مجزرة الأقصى" بدأ تنفيذها في يوم الاثنين الموافق 8/10/1990 وقبيل صلاة الظهر، عندما حاول مستوطنو ما يسمى بجماعة "أمناء جبل الهيكل"، وضع حجر الأساس "للهيكل الثالث" المزعوم في المسجد الأقصى، فتصدى لهم آلاف المصلين، فحينها تدخل جنود الاحتلال وفتحوا النار عشوائيًّا تجاه المصلين المعتكفين في المسجد.
وأمطر الجنود والمستوطنون جموع المصلين بالذخيرة الحية بشكل متواصل من نيران المدافع الرشاشة، فوجد الآلاف المصلين من مختلف الأعمار أنفسهم في فخ الموت الجماعي، ولم يتوقف إطلاق النار لمدة 35 دقيقة على المصلين، حيث أسفرت هذه المجزرة عن ارتقاء 22 شهيدًا، وإصابة أكثر من 200 آخرين، واعتقال 270 آخرين، حيث أعاق الاحتلال حركة سيارات الإسعاف.
وما تزال صور المعتقلين، في صحن قبة الصخرة المشرفة، ومنطقة سطح المرواني، شاهدة على قبح الاحتلال، عندما طرحوا المعتقلين أرضًا، وكبّلوا أيديهم، وعاملوهم بامتهان.
وعُرفت هذه الحادثة بمجزرة "الأقصى الأولى"، لتمييزها عن المذبحة التي جرت على أيدي قوات الاحتلال في الأقصى عام 1996، والتي عرفت بمجزرة "الأقصى الثانية".
مجزرة بشعة
وعن هذه المجزرة الكبرى والبشعة كما وصفها خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، يقول "عام 1990 وقعت المجزرة الكبرى والبشعة من قبل سلطات الاحتلال بحق المصلين المسلمين في المسجد الأقصى المبارك، لقد انتهك الاحتلال حرمة المسجد الأقصى باستخدامه للرصاص القاتل والطائرة التي كانت تحوم فوق الأقصى وكانت تطلق الرصاص بشكل عشوائي على المصلين المتواجدين في المسجد الاقصى".
وأضاف صبري خلال حديثه لـ "النجاح"، أنه استشهد أكثر من عشرين فلسطينياً من الرجال والنساء والأطفال"، منوهاً إلى أن دماء الفلسطينيين اختلطت ببعضها البعض في تلك المجزرة، في القدس ومناطق الـ48 والضفة وغزة وهذا يعني أن أهل فلسطين يمثلون كتلة واحدة في الدفاع عن المسجد الأقصى.
وشدد على أن هذه جريمة لا تنسى رغم مرور 30 عاماً لها، إلا أنها بقيت في ذاكرة أهل فلسطين، لافتاً إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948م.
ووفق الشيخ صبري فإن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب يومياً مجازر داخل المسجد الأقصى والمدينة المقدسة في كل عام وكل وقت، مؤكداً أن المجازر الإسرائيلية ضد الأقصى مستمرة بطرق أخرى من خلال الاقتحامات المتتالية والاعتقالات والابعادات عن المسجد الأقصى بهدف السيطرة عليه، مستدركاً "لكن كل هذه المجازر وهذه المحاولات لن تثنينا عن الدفاع عن الأقصى".
أهداف سياسية
ورغم مرور 30 عامًا على المجزرة، إلا أن الاحتلال لا زال يواصل ارتكاب الجرائم والاعتداءات بحق مدينة القدس والمسجد الأقصى بأشكال وطرق مختلفة، عبر الاقتحامات اليومية والاعتقالات والإبعادات وملاحقة حراسه ورواده بهدف تفريغه من المسلمين، بالإضافة إلى الحفريات والمشاريع التهويدية بحقه.
ليؤكد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنا أن الاحتلال الإسرائيلي يريد فرض وقائع جديدة على الأقصى والقدس، خصوصاً في ظل استغلاله للأعياد اليهودية وجائحة كورونا.
وقال المطران حنا: "إن السلطات الاحتلالية تستغل الأعياد اليهودية وجائحة كورونا المأساوية بهدف فرض وقائع جديدة في مدينة القدس وهو أمر يدركه الفلسطينيون جيدا ويعيشونه ويرونه بأم العين في كل يوم وفي كل ساعة".
وأوضح أن "ما تتعرض له مدينة القدس في ظل الإغلاقات والحصار والسياسات الظالمة لا يمكن وصفها بالكلمات ولم يعد بالإمكان تصديق بأن هذه هي إجراءات احترازية لمواجهة كورونا". منوها إلى أن الفلسطينيين في القدس المحتلة لا يستحقون أن يعاملوا بهذه القسوة وأن تفرض عليهم إجراءات ظالمة وأن يعاملوا كالغرباء في مدينتهم".
وأضاف: "يبدو أن هناك خلفية سياسية وأهدافا مبيتة يسعون لتمريرها في المدينة المقدسة مستغلين هذه الجائحة التي ادخلت الكثيرين من أبناء شعبنا في حالة من الرعب والخوف والقلق على مستقبلهم"، مشدداً على رفض سياسات الاحتلال في القدس سواء كان هذا في فترة كورونا أو في غيرها من الفترات.
ويشهد المسجد الأقصى اعتداءات واقتحامات يومية من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال، بهدف السيطرة عليه مكانيا وزمانياً، الأمر الذي يقابل احتجاجات من قبل المصلين والمقدسيين.