غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - يشتكي الكثير من المرضى في قطاع غزة من تشديد إجراءات حظر التجوال نتيجة انتشار وباء فيروس كورونا، الذي زاد ثقل التحديات على القطاع، الأمر الذي زاد من حدة الخطورة على هؤلاء المرضى وبالأخص مرضى السرطان الذين هم بحاجة إلى جرعات الكيماوي بشكل منتظم في المشافي.
وفي ظل تركيز الجهات الدولية المانحة غالبية مساعداتها وأموالها لمواجهة وباء كورونا والسيطرة عليه قبل التفشي، لكن هذا الاهتمام البالغ صاحبه إهمال للحالات المرضية في قطاع غزة.
ووصل عدد الوفيات في قطاع غزة جراء فيروس كورونا إلى تسع حالات، فيما وصلت الاصابات إلى 1054.
صعوبة كبيرة
"صعوبة كبيرة عندما نريد توفير دواء لأبنائي الاثنين المصابين بمرض التليف الكيسي، خصوصاً في ظل حظر التجوال المفروض على غزة بسبب كورونا، فهم بحاجة يومية لمتابعة المستشفى والحصول على أدويتهم المكلفة"، يقول أشرف فتحي والد الطفلين محمد ومصطفى المصابين بمرض التليف الكيسي.
ويضيف فتحي لمراسل "النجاح الاخباري": "في حال ازدادت حالة أحد أبنائي سوءاً كنت فوراً أذهب به إلى المستشفى ليتابعه الطبيب المختص، لكن الآن في ظل الحظر أحاول بقدر المستطاع ان أقدم لهم العناية في البيت".
وأشار إلى أن أبنائه بحاجة إلى أدويتهم الخاصة التي تصرفها لهم وزارة الصحة شهرياً، مردفاً "قبل يومين انتهى بعض العلاج وتواصلت مع الوزارة لتوفير الدواء، لكن بعد معاناة كبيرة حصلنا على الدواء، حينها أوصلني الاسعاف للمكان كي أتي بدواء مرضاي".
لم تكن حال الحاجة أم أحمد مطر أفضل من حالة الطفلين السابقين، فهي مريضة "كلى"، وبحاجة للذهاب إلى مستشفى الشفاء ثلاثة أيام أسبوعياً لعملية "غسيل الكلى"، إلا أن معاناتها ازدادت في حظر التجوال المفروض على القطاع المحاصر.
وبيّنت مطر في حديثها لـ"النجاح الاخباري"، أنها تصل مستشفى الشفاء لغسيل الكلى بعد معاناة كبيرة، خصوصاً وأنها تقطن في بيت لاهيا شمال غزة.
وقالت: "نقابل في طريقنا الكثير من الحواجز وأحيانا نذهب إلى طرق ملتفة من أجل الوصول أسرع، فأنا لا أتحمل درجة الحرارة، وهناك بعض أفراد الشرطة توقف السيارة التي تقلني إلى المشفى"، مطالبة أصحاب الشأن بتسهيل حركة المرضى للمستشفيات.
أما بالنسبة لأمراض السرطان الذين هم بحاجة إلى علاج الكيماوي، فحكاية معاناتهم تختلف عن أي حكاية سابقة، يقول أبو خالد فؤاد والد الطفل أحمد المصاب بسرطان الدم "اللوكيميا" أن ابنه بحاجة إلى 6 جرعات كيماوي أسبوعيا.
ويضيف لـ"النجاح الاخباري": في بداية أزمة كورونا عانينا الأمرين من أجل الحصول على العلاج وجرعات الكيماوي في مستشفى الرنتيسي، لأن الوصول للمستشفى صعب جداً بسبب حظر التجوال".
واستنادًا إلى إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن هناك زيادة طردية في عدد الحالات المصابة بالسرطان في قطاع غزة، بنسبة تتراوح بين 10-15% سنويًا، ويتم اكتشاف ما بين 120-130 حالة جديدة شهريًا، وهذه الزيادة يقابلها نقص في إمكانات العلاج والرعاية الصحية اللازمة والسريعة، حيث بلغ إجمالي عدد حالات مرضى السرطان 8 آلاف و326 حالة موزّعة بين النساء والرجال والأطفال، خلال الخمس سنوات الماضية (2014-2018).
معاناة شديدة
وأكد أخصائي الأورام والدم في مستشفى الشفاء والرنتيسي الطبيب ناهض الجعبري، أن مرضى السرطان والدم يعانون معاناة كبيرة هذه الايام جراء انتشار "كورونا" وحظر التجوال المفروض على المحافظات.
وقال الجعبري لـ"النجاح الاخباري": "في ظل الوضع القائم بسبب كورونا قلصنا العمل بشكل كبير جداً حماية لمرضانا وصحتهم، ونستقبل الحالات الطارئة فقط، لأنه تم تقسيم المحافظات فنحن لدينا مرضى من الوسطى ومن الشمال وبيت حانون وجميع المحافظات".
وأضاف: "اول أسبوع كنا نصرف للمرضى المسكنات والعلاجات اللازمة، ولكن هذا الأسبوع عملنا برنامج من أجل أن يتلقوا علاجهم الكيماوي، لأن المريض لا يستحمل متاعب مرضه ولا بد من معالجتهم"، مشيراً إلى أنه من 15-20 مريض سرطان يتلقون يومياً جرعات كيماوي في المستشفيات.
وأشار الجعبري إلى أن هناك أمراض دم بحاجة لنقل الدم بشكل مستمر ودوري وبالأخص مرضى الثلاسيميا"، لافتاً إلى أنهم يأتون للمستشفى بصعوبة بالغة جراء حظر التجوال "وتم تقليص عددهم إلى 13 مريض يومياً لنقل الدم اليهم داخل المستشفى.
وأوضح أن هناك أدوية غير متوفرة الآن لدى وزارة الصحة لكثير من المرضى، لافتاً إلى أن هناك 70 مريض من مرضى الدم لم يتلقوا علاجهم منذ حوالي شهرين.
وطالب أخصائي الأورام والدم بتسهيل حركة المرضى للوصول للمستشفيات لتلقي علاجهم بالاخص مرضى الدم والسرطان الذين هم بحاجة إلى متابعة دورية ويومية، "بالإضافة إلى توفير الاسعافات لنقلهم من بيوتهم للمستشفيات لأن مناعتهم ضعيفة وفي حال انتشار كورنا بشكل أكبر قد يصابوا بها لا سمح الله".
وزاد بالقول: "نحن كأطباء أيضا نعاني أحيانا لعدم وجود سيارات تنقلنا من بيوتنا إلى أماكن عملنا، فأحيانا أقوم بالمشي من مستشفى الرنتيسي والشفاء، في حال وجود مريض بحاجة إلى متابعة فورية وضرورية".