رام الله - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - شكل قرار القيادة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ووقف العمل بالاتفاقات كافة، ضربة لرئيس حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو الذي أعلن نيته تنفيذ خطة ضم المستوطنات وغور الأردن للسيادة الإسرائيلية في مطلع تموز، والذي لا يرى أمامه سوى تنفيذ الخطة بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك، الأمر الذي يدعو للتساؤل عن شكل العلاقة بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال فيما لو نفذت الأخيرة مخططاتها.
مسؤولون ومحللون ومختصون بالشأن الإسرائيلي أكدوا في أحاديث منفصلة لـ "النجاح الإخباري"، أن قرار القيادة الفلسطينية بوقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال تفتح عصر جديد من العلاقة في الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، مشددين على أن السيناريوهات ستكون مفتوحة في حال اتخذ قرار الضم.
وكان الرئيس عباس قال، إن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير أصبحت في حل من الاتفاقيات الموقعة مع "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية، مطالبًا "إسرائيل" بتحمل مسؤولياتها كدولة احتلال.
وأضاف أن "ضم أجزاء من أراضي فلسطين من قبل حكومة الاحتلال إلغاء لاتفاق أوسلو، وعلى سلطة الاحتلال تحمل جميع المسؤوليات والالتزامات كقوة احتلال في أرض دولة فلسطين"، مشيرًا إلى أن سيتم استكمال التوقيع على طلبات انضمام دولة فلسطين إلى المنظمات والمعاهدات الدولية.
وحمّل الرئيس عباس، الإدارة الأمريكية المسؤولية كاملة عن "الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني"، معتبرًا إياها "شريكًا أساسًا مع حكومة الاحتلال في جميع القرارات والإجراءات العدوانية المجحفة بحقوق شعبنا".
مواجهة التغييرات
القيادي في حركة فتح، عبدالله عبدالله، أكد أن خيار حل السلطة غير مطروح على الطاولة، مشيراً إلى أن السلطة كانت مرحلة مؤقتة مهمتها نقل الوضع الفلسطيني من تحت الاحتلال إلى حالة الاستقلال وفي سبيل ذلك وقعنا على التفاهمات والاتفاقيات مع الإسرائيليين.
وقال عبدالله في حديث خاص لـ"النجاح الاخباري": إن "إسرائيل انتهكت كل الاتفاقيات ونقضت كل التزاماتها ولم تحترم القانون الدولي ولا المواثيق الدولي، بالتالي جاء القرار الفلسطيني بأننا لن نكون ملتزمين بتنفيذ التزاماتنا بهذه الاتفاقيات كون اسرائيل هي من نقضت ولم تلتزم".
وأضاف أن "جهدنا مستمر على صعيد وطني ومستعدون لمواجهة كل التغيرات التي يمكن أن يقوم بها الاحتلال"، منوهاً إلى أن القيادة في حالة انعقاد دائم لوضع الخطط لمواجهة قرار الضم الاسرائيلي.
وعن مفاوضات حماس والاحتلال بشأن صفقة تبادل في ظل اتخاذ القيادة قرار بقطع التواصل مع اسرائيل، أوضح القيادي الفتحاوي ان "حماس منذ أن قامت بالانقلاب وهي تسير في طريق منفصل عن الطريق الوطني الفلسطيني، ومصرة أن تبقى أو تحاول قيادة بديلة وموازية للقيادة الفلسطينية ولن يتمكنوا من ذلك"، لافتاً إلى أن هناك أطراف خارجية تشجعهم على الخط الانقسامي.
وتابع: " نحن نعتبر منظمة التحرير هي الاطار القانوني الشرعي لشعبنا وحركة فتح ملتزمة في الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني، وهي راعية هذا المشروع وستدافع عنه مهما كلف الثمن"، مبيّناً ان فتح حاولت في العديد من المرات استقطاب كل القوى الفلسطينية ولم ننجح في ذلك.
وقبل أيام جدد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تهديداته بفرض "السيادة" الاسرائيلية على الضفة الغربية.
وقال نتنياهو، خلال اجتماع لكتلة الليكود في الكنيست، حدّد فيها 5 مهمّات لحكومته في ولايتها المقبلة ، إنه "لن يضيّع" فرصة فرض "السيادة الإسرائيليّة" على مناطق في الضفة الغربية في تموز/يوليو المقبل، واصفا فرصة "الضم" بـ"الفرصة التاريخية".
عصر جديد
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن قرار القيادة بقطع الاتصال والتنسيق الامني مع الاحتلال تفتح عصر جديد من العلاقة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكد عوض في حديثه لـ"النجاح الاخباري"، ان " الرئيس عباس يقرأ الواقع جيداً فهو لم يذهب إلى الفوضى وحدد شكل التسوية الجديدة القائمة على قراءة مجلس الامن الدولي وعلى المبادرة العربية".
وقال: "قرارات حل جميع الاتفاقيات مع إسرائيل أسقطت اتفاق أوسلو، الذي أصبح عقبة أمام تطوير وتحقيق الهوية الفلسطينية، واسقاط أوسلو يعني أنه أسقط الأساس القانوني للسلطة الفلسطينية، لكنه أبقى على الدولة الفلسطينية والابقاء فيها يحدد فيها طبيعة المرحلة القادمة بإعادة الاتفاق مع "إسرائيل" وإعادة العلاقة معها حتى إعادة العلاقة مع العالم العربي والدولي".
ووفق المحلل عوض فإن الاحتلال الإسرائيلي مستعد لهذا القرار وبالذات قرار وقف التنسيق الأمني، موضحاً أن "إسرائيل" تضع احتمال حل السلطة نفسها بعين الاعتبار وأن من يملئ هذا الفراغ هي الإدارة المدنية".
وأشار إلى أن حركة حماس في تواصلها مع الاحتلال رغم قرارات الرئيس الاخيرة تحاول أن تجد لها مكانا وقويا ومؤثراً في منظمة التحرير، مؤكداً أن كيانها الصلب الذي اختلقته في قطاع غزة جعلها تشعر بأنها بديل أو مواز لمنظمة التحرير.
وأوضح عوض أن حماس لم تعرض نفسها حتى الآن بديلاً عن المنظمة، مستدركاً " ولكن في لحظة من اللحظات قد تطرح نفسها كبديل فكري وسياسي ومالي وعسكري".
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أسامة حمدان قال إن حركته مستعدة لزيادة ما عندها من رأس مال لتحقيق صفقة تبادل أسرى، لافتاً إلى أن جولة هنية الخارجية مستمرة وسيعود لقطاع غزة بعد تحقيق الأهداف المرجوة منها.
وأضاف حمدان في تصريحات صحفية، إن "وقف التنسيق الأمني يجب أن يكون بمنطق قطع العلاقة مع العدو، وإعادته إلى المربع الأول ولا حوار ولا اتصال ولا تفاهم مع عدو مغتصب، وهذا لن يحصل إلا إذا توفرت إرادة وطنية جامعة".
سيناريوهات محتملة
وفي ذات الإطار، أوضح المختص بالشأن الإسرائيلي، فايز عباس طبيعة العلاقة بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي بعد وقف التنسيق الأمني وقطع العمل بالاتفاقيات الموقعة والسيناريوهات المتوقعة بعد قرارات السلطة، لافتاً في الوقت ذاته إلى ان الاجهزة الامنية الإسرائيلية كانت قد حظرت بالسابق أن عملية الضم ستؤدي إلى قطع العلاقات ووقف التنسيق الأمني، وأن التهديدات الفلسطينية هذه المرة جدية وليس بالسابق.
وقال عباس في حديثه لـ "النجاح الاخباري": إن "الأجهزة الامنية الاسرائيلية أعربت عن قلقها من هذا الموقف وتعارض بشكل مباشر عملية الضم في هذه الفترة على الأقل"، لافتاً إلى أن الاحتلال يرى بخطورة كبيرة الموقف الفلسطيني في حال تم تطبيق قراراته الأخيرة.
ويرى بأن التخوف الإسرائيلي الكبير من وقف التنسيق الأمني لأن التنسيق الأمني له أهمية كبرى لدى الإسرائيليين خاصة الاجهزة الامنية الإسرائيلية التي تعارض الموقف السياسي الإسرائيلي بما يتعلق عمليا البدء بعملية الضم في أراضي الضفة الغربية.
وبحسب المختص بالشأن الإسرائيلي فإن هذا يعني أن الأجهزة الامنية الإسرائيلية ستستعد لسيناريوهات كثيرة محتملة وأهمها المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي قد تمتد هذه المواجهات إلى قطاع غزة.