نابلس - النجاح الإخباري - هوى سعر برميل النفط الأمريكي بشكل حاد خلال تعاملات اليوم الاثنين، بنحو 94 بالمئة، مسجلا أدنى مستوى في تاريخه طبقا لما نقلته "رويترز" للأنياء، وصباحا جرى تداول عقود الخام الأمريكي الآجلة عند مستوى 1.49 دولار للبرميل، ويعد هذا المستوى الذي سجله الخام الأمريكي "غرب تكساس الوسيط" الأدنى في التاريخ، في حين تم تداول مزيج "برنت" العالمي عند مستوى 26.39 دولار للبرميل، بانخفاض نسبته 6.02 بالمئة عن سعر الإغلاق السابق، وفقا لما أظهره موقع "بلومبرغ"، وعزا خبراء هذا الهبوط لتراجع الطلب على الخام بسبب انتشار فيروس كورونا، واقتراب مستودعات النفط الأمريكية من الامتلاء.
الخبير في الشأن الاقتصادي، د. طارق الحاج أوضح أن الولايات المتحدة أرادت أن تضرب العلاقات الاقتصادية ما بين روسيا كـ"قطب"، والمملكة العربية السعودية كدولة مؤثرة في الشرق الأوسط، لكن الأمر انعكس على الولايات المتحدة خصوصا أنها تعتمد كليا على استخراج النفط الصخري.
وأوضح خلال استضافته عبر فضائية "النجاح" أن تكلفة استخراج البرميل الواحد من النفط الصخري تصل إلى قرابة الـ30 دولارًا، وتعد باهظة جدا، الأمر الذي أدى إلى اغراق السوق العالمي بالنفط، موضحا أن هذا حدث غير متوقع، خصوصا أن الولايات المتحدة كانت تتوقع أن تنتهي أزمة كورونا قريبا، لكن على ما يبدو أصبحت تأخذ بعد أفقي وعامودي للاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاد أميركا، وهذا يعني أن لا أمل هناك على مدار شهور، وبالتالي أصبح الطلب على النفط العالمي لتحريك مسار المصانع التي توقفت شبه كلي في العالم، وبالتالي أصبحوا يتحدثون عن العقود الآجلة للنفط، وهذه قد تمتد إلى ثلاثة أو ستة شهور.
وأشار إلى أن مؤشرات الاقتصاد العالمي توضح أنه سوف يتحول من الركود إلى الكساد، بمعنى أن عجلة الانتاج سوف تتوقف، ولن يكون هناك امكانية للاستهلاك لأن توقف المصانع يعني تسريح العمال، وعدم الدخول وعدم القدرة على الشراء والانفاق.
وبين أن النفط يعتبر من اساسيات اقتصاد العديد من دول العالم ويدخل في كثير من الصناعات، وتوقف الصناعات يعكس تماما توقف الاقبال على النفط.
وأشار إلى أن دول "أوبك" بينها خلافات وصلت ذروتها إلى حد "كسر العظم"، بمعنى أن السعودية ضاعفت من انتاجها، وأضاف: "بدلا من أن تصدر 9 ملايين برميل يوميًا وصل تصديرها إلى قرابة الـ15 مليون برميل يوميا، الأمر الذي يؤكد أنها تجاوزت الحدود المتفق عليها في دول "أوبك"، وتابع، "أيضا العقوبات على فنزويلا وايران يساهمان في تخفيف تحريك النفط عالميا".
وأكمل، "الأمر الأهم من ذلك هو أن الصين تعتبر المستهلك الرئيسي للنفط، وأن امكانية استعادة نشاطها الاقتصادي لن يكون قبل ثلاثة أشهر".
واستدرك، "كثير من الدول سوف تنزلق للاعتماد على الاستدانة الخارجية وكثير من الدولة لا يسعفها انتاجها المحلي لأن تكلفة العلاج والوقاية أصحت باهظة جدا إضافة إلى الخسائر الناجمة عن توقف عجلة الاقتصاد، أيضا الدول الإفريقية الفقيرة وبعض دول أميركا الجنوبية التي لم يصيبها الوباء، تفيد المؤشرات أنها سوف تواجه الوباء في المستقبل القريب، وبالتالي سوف تشكل أزمة اقتصادية حقيقية لها وللدول التي سوف تمد طوق النجاة لها بشروط السيطرة على مقدراتها، وبالتالي نلاحظ أن الدول القادرة على تحريك الانتاج عالميا هي الآن متأنية حتى يتنسى لها اقتناص الفرص إذا ما أصيبت دول افريقيا وأميركا الجنوبية".
بدوره أوضح الخبير الاقتصادي، د. نصر عبدالكريم، أن سعر النفط الذي انخفض هو خام تكساس الخفيف وليس النفط العربي الثقيل، موضحا أن النفط العربي الثقيل لازال فوق الـ26 دولارًا للبرميل الواحد.
وبالاشارة إلى طرح النفط بهذه الكمية في الاسواق، بين أن تكلفة تخزينه مرتفعة جدًا لذلك تحاول هذه الدول طرحه في الاسواق حتى لو بالخسارة، عبر العقود الآجلة أو ما تعرف بتبادل السلع.
ووقال خلال استضافته عبر فضائية "النجاح"، "في فلسطين نستفيد من انخفاض اسعار النفط بقدر اسرائيل، التي لجأت إلى الشراء بعقود منخفضة، لذلك ستشهد فلسطين مع بداية شهر مايو المقبل انخفاض في أسعار الوقود تراوح بين 25 إلى 30% من الأسعار الحالية،
ولفت إلى أن صناعة النفط تعد عامود أساسي في الاقتصاد الأميركي، وبالتالي انخفاض الاسعار سوف يؤثر على الاقتصاد الأميركي وسيلحق الخسائر بكل الشركات الأميركية العاملة في النفط.
ونبَّه إلى أن فتح الاقتصاد سيؤدي إلى ارتفاع اسعار النفط، لكنه أوضح أن المؤشرات تبين أن العالم لن يتعافى من أزمة الجائحة قبل عام على الاقل.
ورأى الكاتب والحلل السياسي، جهاد حرب أن الخاسر الاكبر الدول المنتجة للنفط، ونتيجة تأثرها بـ"العرض والطلب".
وأوضح أن المستفيد الأكبر من انخفاض سعر البترول هي الصين، كونها الدولة الأكبر استهلاكًا.
وتوقع أن تفقد مكانتها الحالية كقطب أوحد، فيما أشار إلى أن النفوذ الصيني سيبرز كقطب ثنائي منافس للولايات المتحدة الأميركية، وقد تؤدي التغيرات إلى إعادة تشكيل الأحلاف الدولية من جديد.
كما توقع أن تعود أسعار النفط تدريجيا للمعافاة، عبر تفاهمات دولية جديدة
وعزا محلل الشؤون النفطية القطري أحمد النعيمي، التراجع النفطي السريع، إلى أن المخزون الأميركي من النفط اقتربت من حدودها القصوى، حيث تم تخزين 19 مليون برميل في أسبوع واحد فقط، وهذا ما جعل الخام الأميركي ينزل إلى أقل من 15 دولارا للبرميل، قبل أن يواصل خسائره.
وأوضح أن حجم المخزون الموجود على متن الناقلات يبلغ 160 مليون برميل في الوقت الحالي، وهو حجم كبير جدا يزيد تخمة المعروض في الأسواق.
وبين أن أسعار النفط تتعرض لضغوط كبيرة من حيث الطلب والعرض في آن واحد، وهذا لم يحصل من قبل.
وتوقع أن تبقى أسعار النفط تحت رحمة التراجع الكبير للطلب -خاصة من الصين أكبر مستهلك للخام في العالم- بسبب تداعيات فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي العالمي من جهة، ومن جهة أخرى وجود مخزون كبير سواء في البر أو الناقلات التي تطفو فوق البحار، بالإضافة إلى ضعف الطلب من قبل مصافي التكرير.
وأكد النعيمي أن المتعاملين في الأسواق يراقبون عن كثب تطور الإنتاج (العرض) من جانب المنتجين، وتطور الطلب من جانب المستهلكين، وهذا ما يفسر حذرهم في الوقت الحالي.
واعتبر أن أبريل/نيسان الحالي سيكون بمثابة فترة ترقب لما سيؤول إليه تنفيذ التزامات اتفاق دول "أوبك بلس" ومنتجين آخرين، على رأسهم الولايات المتحدة، اعتبارا من مايو/أيار المقبل.
أما الخبير النفطي الدكتور أحمد بدر الكوح، فاعتبر أن الهبوط الذي نشهده حاليا كان متوقعا، مشيرا إلى أن الارتفاع الذي حدث عقب الاتفاق كان مؤقتا، وسرعان ما عادت الأسعار إلى النزول من جديد.
ولفت الكوح إلى أن الدول قامت بتخزين كميات كبيرة من النفط قبل الاتفاق الأخير، أي عندما كانت الأسعار متدنية، وأوضح أن ارتفاع الأسعار يتوقف على مدى امتصاص هذا المخزون.
وتم إغراق الأسواق بنفط منخفض السعر بعدما أطلقت السعودية، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حرب أسعار مع روسيا (ليست عضوة في أوبك) بهدف الحصول على الحصص الأكبر من السوق.
لكن البلدين حلّا خلافهما مع التوصل مطلع الشهر الحالي لاتفاق وافقا فيه مع دول أخرى على خفض الإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل في اليوم لتحفيز الأسواق.
بيد أن المحلل أحمد النعيمي قال إنه في وقت وعدت فيه الدول المنتجة للنفط (بما فيها أميركا والمكسيك ودول أخرى) بخفض الإنتاج بإجمالي عشرين مليون برميل نفط تقريبا لدعم الأسعار بالأسواق؛ فإن التوقعات تشير إلى انخفاض في الطلب بنحو ثلاثين مليون برميل يوميا في مايو/أيار المقبل؛ مما يعني وجود فائض كبير يقدر بعشرة ملايين برميل يوميا، وهو ما سيجر الأسعار إلى الأسفل.
النعيمي قال أيضا إنه ما لم تنته أزمة فيروس كورونا فإن الطلب على النفط سيظل ضعيفا، ومن ثم سيؤثر على الأسعار في الأسواق، ليدفعها إلى مزيد من الهبوط.
وتابع في هذا السياق أنه سيكون من الصعوبة جدا الحديث عن أسعار نفط في حدود أربعين دولارا قبل نهاية العام الحالي، هذا في حال وردت مؤشرات على قرب انتهاء أزمة كورونا.
أما إذا ظل الوضع كما هو عليه الآن - كما يقول النعيمي- فإن أسعار الخام الأميركي ربما تنحدر إلى ما دون الأسعار المسجلة حاليا، وخام برنت إلى ما دون عشرين دولارا.
يُذكر أن بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأسبوع الماضي أظهرت ارتفاع حجم المخزونات الأمريكية بنحو 48% الي 55 مليون برميل منذ نهاية شهر فبراير الماضي ، مشيرة إلى أن سعة التخزينية بمراكز تخزين الخام تستوعب 76 مليون برميل كحد أقصى حتى 30 من سبتمبر المقبل، فيما أمرت وزارة الطاقة الروسية منتجي النفط المحليين بخفض الإنتاج 20% عن مستويات فبراير في مايو ويونيو في إطار اتفاق عالمي وفقا لرويترز.