غزة - خاص - النجاح الإخباري - ما أن أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن خطته التي عرفت باسم "صفقة القرن"، في مؤتمر صحافي إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، وما ترتب على هذا الإعلان من رفض فلسطيني، من خلال اجتماع قيادي ضم للمرة الأولى ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الاسلامي في مقر الرئاسة برام الله، وإعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالذهاب نحو مصالحة وطنية وترتيب الوضع الداخلي، الخبر الذي شكل صاعقة على دولة الاحتلال، وتصدر عناوين الإعلام العبري أكثر من لفت الانتباه إلى ما جاء في صفقة القرن ذاتها التي شكلت انقاذًا لنتنياهو في الانتخابات "الاسرائيلية المقبلة"، وبدأ الإعلام العبري يبث سمومه في محاولة منه لخلط الأوراق، لكنه قوبل بجبهة داخلية قوية، وسور واقٍ من الوعي الفلسطيني، فور إعلان حركة حماس وقوفها إلى جانب الرئيس وهذا ما أكدت عليه قيادتها في الداخل والخارج.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي حسام عرار أن موقف الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية، تجاه صفقة القرن مشرف ومسؤول ولم يجرؤ زعيم عربي على تبنيه، بل أن تجاوزه لكل المحن الداخلية ودعوته لاجتماع واسع ضمن ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الاسلامي شكل صدمة للاحتلال، الذي طالما حاول اللعب على وتر الخلافات السابقة.
وأوضح في تحليل خاص لـ"النجاح" أن المطلوب على المستوى الداخلي يكمن في تعزيز الجبهة الداخلية وحل سريع لكافة الاشكاليات العالقة وانهاء الانقسام، واتمام المصالحة الوطنية، بعدما شعرنا كفلسطينيين بالخذلان من بعض القادة العرب والمجتمع الدولي.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنه أبلغ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية بالرغبة في اللقاء بغزة، ووعد بالبدء بمرحلة جديدة من الحوار الفلسطيني والعمل الفلسطيني المشترك من أجل تجاوز الصغائر.
جاء إعلان الرئيس خلال خطاب ألقاه في مستهل اجتماع القيادة الفلسطينية والتي ضمت للمرأة حركتي حماس والجهاد الاسلامي في مقر الرئاسة في رام الله.
وقال، إن حماس والجهاد والشعبية والصاعقة والمبادرة يحضرون اللقاء الآن، وأضاف، قلت لهنية سنبدأ مرحلة جديدة من الحوار الفلسطيني ونتجاوز الصغائر.
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي، المختص في الشأن الاسرائيلي، د. فريد قديح، أن أفضل الردود على إعلان الرئيس الأميركي، والاحتلال الاسرائيلي والمواقف غير المشرفة من بعض الدول حول ما تعرف بـ"صفقة القرن" هو توحيد الخطاب الفلسطيني، وتجاوز السموم الذي يحاول بثها الاحتلال الاسرائيلي عبر إعلامه الممبرمج والموجه، والذي يسعى لخلق حالة من البلبلة في الشارع الفلسطيني، من أجل محاولة إفشال ما دعا إليه الرئيس الفلسطيني من توحيد الجبهة الداخلية، وتأكيد الفصائل الفلسطينية على مواقف القيادة في مواجهة الإملاءات الأميركية والاسرائيلية.
و صرَّح الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس حازم قاسم أن صفقة ترامب العدوانية تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي العربي، وعدوانًا على حقوق أمتنا التاريخية، وأوضح أن هدفها تسمين المشروع "الصهيوني"، وستكون بالضرورة ضد المصلحة الوطنية لكل مكونات أمتنا العربية، ودعا الدول العربية على المستوى الرسمي والشعبي إلى رفض صفقة ترامب ومحاربتها، وتوحيد هذا الرفض مع مقاومة شعبنا لها.
وأكد قديح في تحليل لـ"النجاح" على أن المطلوب حاليا تعزيز وحماية المشروع الوطني والموقف الفلسطيني الموحد في مواجهة الاملاءات الأميركية الاسرائيلية، بالاضافة إلى السموم الذي يحاول بثها الاعلام الاسرائيلي.
وأشار إلى ان موقف حركتي حماس والجهاد الاسلامي وكل الفصائل الفلسطينية إلى جانب قرارات القيادة والمشاركة فيها يعد تغييرا جديدا من شأنه تصدير موقف موحد أمام العالم أجمع وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال التي لطالما حاولت اللعب على وتر الانقسام.
ونبه الكاتب والباحث في الشأن الاسرائيلي، د. عاهد فروانة إلى أن حزب الليكود بزعامة نتنياهو بالتأكيد موافق على الصفقة لاعتبارها صفقة انقاذ لنتنياهو قبيل الإنتخابات في مارس المقبل وأيضاً لاعتبار الصفقة تحقيق لمطالب الليكود ونتنياهو.
وبين أن هناك من يقول بأنه تم صياغة الصفقة بين السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة "بريمر" وبين جاريد كوشنر بما يتناسب مع تطلعات حزب الليكود من ضم للمستوطنات وضم الأغوار وعدم تقسيم القدس واسقاط حق عودة اللاجئين.
وأشار إلى أن غانتس رحب بالصفقة ولكن بحذر لاعتبار توقيتها في صالح منافسه في الإنتخابات القادمة نتنياهو، مضيفاً أن نتنياهو حاول توريط غانتس بدعوته ليكون معه لحظة اعلان الصفقة ولكن غانتس رفض وقبِل أن يجلس مع ترامب قبل الإعلان بيوم واحد لئلا يمنح نتنياهو هذه اللحظة وكأنها انجاز ورجع إلى تل أبيب بحجة موعد مناقشة جلسة الكنيست لسحب طلب الحصانة من نتنياهو.
اما موقف الأحزاب اليمينية المتطرفة بزعامة "نفثالي بينت" قال فروانة : إن هذه الأحزاب ترفض منح أي أراضي من الضفة الغربية للفلسطينيين لأنها تتعارض مع تطلعاتهم التوراتية المتشددة وتتنافى مع معتقداتهم، في حين كان موقف اليسار خصوصاً عمير بيرتس والقائمة العربية المشتركة معارضين بشدة لهذه الصفقة لأنها في رأيهم لا تمنح أي فرصة لإحلال السلام.
وقال الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الاسرائيلي، توفيق أبو شومر إنَّ ما رشحَ من ردَّ فعل زعماء دولة الاحتلال إزاء صفقة القرن، يُثبت أنَّ صفقة القرن ليست مبادرة أمريكية، كما يُشاع، بل هي مُختَرَع جديد في معامل الدبلوماسية الإسرائيلية، ولكن، عبر وسطاء من اللوبيات الموالية لها، وأوضح أن على الأميركيين عليهم أن يتبنوها، وأن يُروجوا لها، وأن يُثيروا الاهتمام العالمي بها كمفاجأة صادرة من أقوى دولة في العالم.
وأشار إلى أن أول التسريبات التي تؤيد ما سبق، أن مسؤول الحركة الاستيطانية الأبرز في دولة الاحتلال، يوسي داغان، سافر يوم 26-1-2020م، إلى أمريكا لمقابلة ، الرئيس ترامب، وأوضح أن يوسي داغان، ليس قائدا "إسرائيليا" لأبرز مؤسسة استيطان فقط، بل هو جمهوري نشط في حملة، دونالد ترامب الانتخابية، سيستعين في أمريكا بطاقم من المسيحانيين الإنجيليين المؤيدين لإسرائيل، لكي يقوم بتعديل آخر طبعة من صفقة القرن، قبل إعلانها.
وأوضح أنه قال عن الصفقة، قبل سفره: "يجب أن نُثني على الرئيس ترامب، لأن الصفقة تاريخية!! كيف عرف، أنها تاريخية، وهو لا يعلم تفاصيلها.
وأكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ ، مساء أمس الثلاثاء، أن وفدًا من القيادة الفلسطينية سيتوجه إلى قطاع غزة الأسبوع المقبل، للبدء في حوار وطني في غزة، من أجل إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة.
وكشف الشيخ أن الذهاب إلى غزة يأتي نتيجة تعذر خروج جزء كبير من القيادات الفلسطينية من القطاع، مؤكدا أن الرئيس محمود عباس التقط المبادرة الإيجابية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وثمن حضور حركة حماس والجهاد الإسلامي جميع الفصائل في اجتماع القيادة الفلسطينية الذي دعا إليه الرئيس عباس في رام الله.
وردًا على إعلان ترامب ما تعرف بـ"صفقة القرن"، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن "الموقف الفلسطيني الموحد خلف سياسة الرئيس محمود عباس الرافض لصفقة القرن، هو بمثابة رسالة لإسرائيل وأميركا بأن شعبنا الفلسطيني موحد خلف قيادته لإسقاط هذه الصفقة التي لن تمر، وستفشل كما فشلت كل المؤامرات السابقة".
وأضاف في تصريح للصحفيين، ان جميع الفصائل الفلسطينية شاركت في اجتماع الأمس، وأكدت دعمها لموقف الرئيس محمود عباس، وسيكون هناك اجتماع موسع للفصائل الفلسطينية في غزة الأسبوع المقبل لتمتين الوحدة الوطنية ولمواجهة الصفقة الأميركية– الإسرائيلية.
وأشار أبو ردينة، إلى أن "التحرك الفلسطيني سيكون باتجاه الجامعة العربية وقمة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومجلس الأمن الدولي، وفق جدول زمني محدد لمواجهة صفقة القرن، ووضع الجميع عند مسؤولياتهم، ويترافق ذلك مع حراك شعبي على الأرض".
يُذكر أن اجتماع القيادة الفلسطينية أمس في رام الله وبحضور ممثلين عن حركتي حماس والجهاد الاسلامي أثار حفيظة الاحتلال، وبدأ اليوم الأربعاء ببث سمومه عبر وسائل اعلامه في محاولة منه للعب على ضرب الجبهة الداخلية والموقف الفلسطيني الموحد ضد الاعلان الأميركي عن صفقة القرن.