نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - شهد العام 2019 هجمة شرسة وممنهجة ضد الأسرى في سجون الحتلال، ما بين اعتداءات وانتهاكات وإهمال طبي وصولاً للقتل، واكبه تصعيد في عمليات الاعتقال، وارتفاع وتيرة اعتقال الأطفال والنساء.
قتل وتعذيب
وتمارس سلطات الاحتلال أنماط تعذيب بحق أكثر من 5000 أسير فلسطيني بينهم نساء وأطفال وكبار سن يعيشون ظروفاً مأساوية داخل السجون.
فكان 2019 عامًا سيئًا على الأسرى حيث استشهد 5 أسرى قُتلوا داخل سجون الاحتلال جراء سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها بشكل ممنهج ضدهم بحسب مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة.
وقال حمدونة: "ارتقى كل من الأسير فارس بارود، وعمر يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وسامي أبو دياك، وتواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامين أربعة أسرى منهم".
كما مارس الاحتلال تعذيبًا عسكريًّا بحق أربعين أسيرًا، من ضمنهم سامر العربيد ووليد حناتشة وقسام برغوثي، وأخضعت الشابة ميس أبو غوش لتعذيب عسكري قاسي، بتهمة النشاط النقابي في جامعة بيرزيت، وسعى لقتلهم بالتعذيب.
مرض وإهمال طبي
وأكد حمدونة أن (700) أسيراً وأسيرة، يعيشون حالة مرضية صعبة وخطيرة، في سجون الاحتلال بينها (23) مريضاً مصاباً بالسرطان، و(17) أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم فيما تسمى "مشفى الرملة".
وأكّد أنَّ 26% منهم يعانون أمراضا مختلفة بسبب ظروف اعتقالهم السيئة، دون أن يتلقون الرعاية الصحية المناسبة.
لافتا إلى أنّ العشرات من الأسرى يعانون من إعاقات حركية وشلل وأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والقلب وأمراض أخرى.
وأشار إلى أن 10% من الأسرى المرضى مصابون بأمراض مزمنة وتحتاج لعمليات جراحية ومتابعة طبية متخصصة كالسرطان والقلب والكلى والغضروف والروماتزم والربو والضغط والقرحة، في حين لا يتلقى هؤلاء الأسرى اهتماماً صحياً في سجون الاحتلال.
سياسة الاعتقال الإداري
أما الاعتقال الإداري فهو أداة القهر التي يستخدمها الاحتلال بحق أكثر من 500 أسير دون مبرر قانوني أو تهمة أو محاكمة، ويخضعهم لسياسة الملفات السرية بحيث لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه، ويمكن تجديد أمر الاعتقال الإداري مرات قابلة للتجديد بالاستئناف.
ويعتبر الاعتقال الإداري اعتقالًا تعسفيًّا وغير قانوني تلجأ إليه سلطات الاحتلال في ظل عدم وجود دليل كاف بموجب الأوامر العسكرية التي فرضتها دولة الاحتلال على الضفة الغربية لاعتقال المواطنين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة.
وينص القانون الدولي على أن "الحبس الاداري لا يتم إلا إذا كان هناك خطر حقيقي يهدد الامن القومي للدولة، وهو بذلك لا يمكن أن يكون غير محدود ولفترة زمنية طويلة".
وشهد هذا العام مطالبة وجهتها المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بالأسرى للمؤسسات الحقوقية والدولية بالضغط على سلطات الاحتلال لإلزامه بمواد وبنود اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحقوق الأسرى والأسيرات الفلسطينيات.
معاناة الاسيرات
واوضح حمدونة أن 42 أسيرة يقبعن في سجون الاحتلال و يعشن اوضاعاً اعتقالية صعبة في سجن "الدامون"، حيث ترتكب بحقهن انتهاكات مختلفة، فمن سوء المعاملة الى انعدام الخصوصية و الحرمان من الاطفال و المنع من الزيارات و الاهمال الطبي و التفتيش، و غيرها من اساليب القمع التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد الاسرى في المعتقلات.
ويفتقد سجن الدامون - الذي كان اسطبلاً للخيول قديماً- لأدنى مقومات الحياة الآدمية، حيث ما زالت أرضية هذا المعتقل من الباطون، باردة جداً بفصل الشتاء وحارة جداً في الصيف، وغالبية الغرف سيئة التهوية، مليئة بالرطوبة والحشرات كون البناء قديم جداً، وجزء كبير من الخزائن التي تستخدمنها الأسيرات صدئة، ولا يوجد كراسي بالغرف، وإدارة السجن تمنع الأسيرات من تغطية الأرضية بالبطانيات لكي يجلسن عليها.
أطفال أسرى
وبيّن أنَّ نحو 200 طفل يتعرضون لانتهاكات صارخة في سجون الاحتلال، الذي يضرب بعرض الحائط الاعراف و المواثيق الدولية كافة التي تكفل حمايتهم وحقوقهم الجسدية والنفسية والتعليمية وتواصلهم بذويهم.
وطالب حمدونة وسائل الاعلام والمؤسسات الحقوقية والانسانية المحلية والعربية والدولية " بتحمل مسؤولياتها تجاه الاسرى، و الكشف عن انتهاكات الاحتلال بحقهم، ومحاسبة ضباط إدارة مصلحة السجون والجهات الأمنية الإسرائيلية لمسئوليتها عن تلك الانتهاكات والخروقات للاتفاقيات الدولية ولأدنى مفاهيم حقوق الانسان .
إضراب عن الطعام
ولجأ الأسرى في ظل كل ما يعيشونه من تعذيب وضغوط وإهمال طبي وانتقاص من حقوقهم إلى خوض الإضراب المفتوح عن الطعام بعد نفاد جميع الخطوات النضالية الأخرى، وعدم الاستجابة لمطالبهم، من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة.
ويشكل الإضراب عن الطعام خطرًا على صحة الأسرى –خاصة المرضى- حيث يمتنعون عن تناول جميع أصناف وأشكال المواد الغذائية باستثناء الماء وقليل من الملح.
وخاض عشرات الأسرى معركة "الكرامة 2"، في إضراب مفتوح عن الطعام في الثامن من شهر إبريل/نيسان لهذا العام، يتقدمهم قادة الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
يأتي الإضراب كخطوة احتجاجية على الأوضاع السيئة التي يعيشها الأسرى داخل سجون الاحتلال، والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحقهم، ورفضًا لأجهزة التشويش المسرطنة، التي زرعتها إدارة السجون في غرف الأسرى وأقسامهم.
وتوصل الأسرى إلى اتفاق مبدئي مع إدارة السجون الإسرائيلية، ينهي إضرابهم عن الطعام الذي استمر 8 أيام، مقابل تلبية جملة من مطالبهم،
وتشهد هذه الأيام تدهور صحة الأسير أحمد زهران (42 عاما) من بلدية دير أبو مشعل، في محافظة رام الله والبيرة، حيث يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم الــ 97 على التوالي احتجاجا على استمرار اعتقاله الإداري.
ونقل الأسير زهران قبل أيام من "عيادة سجن الرملة" إلى أحد المشافي الإسرائيلي وذلك بعد تدهور وضعه الصحي بسبب استمراره في الإضراب.
وتستمر معاناة الأسرى في سجون احتلال لا يقيم وزنا لتتابع سنوات تقضم أعمارهم وتنهش أجسادهم أمام صمت عالمي وإغفال لعنجهية إسرائيلية تستعرضها على حلبة العالم بدعم أمريكي مفضوح.