نابلس - الاناضول - النجاح الإخباري - الحمام بني عام 1873، خلال العهد العثماني، حيث استمر على حاله حتى إغلاق السلطات الإسرائيلية لشارع الشهداء عام 2000 يعمل مجموعة من المتطوعين الفلسطينيين والأجانب على تنظيف الحمام تمهيدا لترميمه وإعادة تشغيله إحياء الحمام وإعادة تشغيله يسهم في إعادة الحياة للبلدة القديمة تخوف من تدخلات إسرائيلية.
على قدم وساق، تتواصل عمليات تنظيف أقدم حمام تركي في فلسطين، الذي يتربع وسط البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ويفصح عن تاريخ المدينة وإرثها الحضاري.
أكوام من الركام أزيلت من داخل "حمام النعيم" كما يطلق عليه، تمهيدا لإعادة ترميمه وفتحه من جديد، وهو ما يحتاج إلى جهود كبيرة، حتى يعود إلى سابق عهده، كونه مهجور مذ العام 2000، إثر إغلاق إسرائيل شارع "الشهداء" الذي يوصل إليه.
** تحدي للمضايقات الإسرائيلية
وبدأت عمليات تنظيف الحمام بمشاركة عشرات المتطوعين الفلسطينيين والأجانب، ضمن مبادرة للمساهمة في بث الحياة في البلدة القديمة، التي تتعرض لمضايقات إسرائيلية كثيرة، ومحاولات لدفع سكانها للرحيل.
وتقع البلدة القديمة من مدينة الخليل، تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية والسيطرة المدنية الفلسطينية.
وتنتشر الحواجز الإسرائيلية في محيط البلدة، التي يقطنها أكثر من 40 ألف فلسطيني، وحوالي ألف مستوطن إسرائيلي بحماية نحو 1500 جندي.
وشارع "الشهداء" من أهم شوارع مدينة الخليل القديمة، فهو يربط قسمي المدينة، وتسيطر السلطات الإسرائيلية عليه منذ العام 1994، عقب تنفيذ مستوطن مجزرة في الحرم الإبراهيمي أدت إلى استشهاد 27 فلسطينيا، في العام نفسه.
ورغم وجود العديد من الحمامات التركية في البلدة القديمة، مثل "إبراهيم الخليل"، و"داري"، و"البركة"، و"كاتبة بدر"، و"الشيخ بدير"، غير أن حمام "النعيم" هو أكبرها وأكثرها شهرة.
ويقول سمير القصراوي، المشرف على حمام "النعيم"، أن تاريخ بنائه يعود للعام 1873، خلال العهد العثماني، حيث استمر على حاله حتى اغلاق السلطات الإسرائيلية لشارع "الشهداء" عام 2000.
ويضيف القصراوي للأناضول: "إحياء الحمام وإعادة تشغيله يسهم في إعادة الحياة للبلدة القديمة، وفرصة لجلب الزوار والسياح للمكان".
وبني الحمام التركي على الطراز المعماري العثماني، من قبب زجاجية وأجراس، ويتكون من 9 حجرات ومطبخ، وثلاث ساحات داخلية وخارجية، ومساحته تصل لنحو 1100 متر مربع.
ويتابع: "معظم العرسان في البلدة القديمة كانوا يزفون انطلاقا من الحمام وصولا إلى الحرم الإبراهيمي".
"جميع وجهاء الخليل كانوا يستحمون هنا، أبرزهم الشيخ محمد علي الجعبري (رئيس بلدية الخليل من 1940-1958)، إضافة إلى الجنود العثمانيين الذين كانوا يخدمون في البلدة القديمة"، يقول القصراوي.
ويشير إلى أن عملية التنظيف بدأت بمشاركة متطوعين فلسطينيين وأجانب، معربا عن أمله أن يتوفر الدعم الكافي للتمكن من تشغيل حمام "النعيم"، وفتح أبوابه أمام مختلف الزوار.
** تخوفات من المنع الإسرائيلي
من جهته، يوضح هشام الشرباتي، منسق الحملة الوطنية لرفع الإغلاق عن مدينة الخليل، أن موقع الحمام التركي هو الذي دفع للتفكير بإعادة تشغيله، فهو موجود في شارع "الشهداء" الذي يحظر على الفلسطينيين قيادة مركباتهم فيه، لذلك كان التفكير بفتح باب خلفي للحمام، يمر عبر محل تجاري، للتمكن من الدخول إليه.
ويلفت الشرباتي في حديثه للأناضول، أن الوصول للحمام حاليا يتم عبر الصعود والتنقل على أسطح المنازل في البلدة القديمة، كونها متلاصقة ومتشابكة مع بعضها.
ويقول: "الخطة هي فتح باب خلفي من داخل محل تجاري مغلق كمدخل خلفي للحمام".
ويعتبر أن الحمام مهم لأنه يشكل حالة جذب إلى البلدة القديمة في ظل استهداف السلطات الإسرائيلية لها، إضافة إلى أنه الحمام الوحيد بهذه المساحة الكبيرة بجنوبي الضفة الغربية.
الشرباتي يشدد أيضا على أهمية فرض أمر واقع فلسطيني، عبر تشغيل الحمام، لكنه لا يخفي وجود تخوفات من منع السلطات الإسرائيلية الوصول إليه.
ويضيف: "لم نطلب تصريحا إسرائيليا للدخول، بل نحاول فرض أمر واقع فلسطيني في المكان".
ويبين أن الحمام بحاجة للكثير من العمل والترميمات والتنظيف الإضافي، لكن كل ذلك يتم ضمن ما هو متاح، وبالاستعانة بجهود شعبية تطوعية.
** فرصة لجذب الزوار
بدوره، يقول يوسف النتشة، منسق مؤسسة "فريق السلام المسيحي"(غير حكومية)، التي يحاذي مقرها مبنى الحمام التركي، إن "الهدف هو تجميع عدد أكبر ممكن من المتطوعين للمساهمة في أعمال ترميم الحمام".
وفريق السلام المسيحي مؤسسة حقوقية تعمل منذ 1995، على توثيق الانتهاكات الإسرائيلية في البلدة القديمة، وتعديات المستوطنين على السكان.
ويشير النتشة في حديثه للأناضول، إلى أن مؤسسته ساهمت في جلب ودعوة المتطوعين.
واعتبر أن من المهم جدا أن تتم إعادة تهيئة الحمام وتشغيله، كونه مرتبطا بتاريخ عريق للبلدة القديمة، وفرصة لجذب المزيد من الزوار للبلدة.
لكن النتشة تحدث عن تخوفه من تدخلات إسرائيلية ترفض استمرار العمل بالحمام.
ويقول: "لا نعرف للآن ما الذي يفكرون به، لكن هناك محاذير في هذا الشأن".
وهجر نحو ألف فلسطيني من البلدة نتيجة سياسة التضييق والإذلال والاعتداءات اليومية من قبل المستوطنين والجيش.
كما أغلقت أسواق كاملة وشوارع رئيسية حيوية، بحسب مسؤولين فلسطينيين، وسكان محليين. -