غزة - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - على الرغم من الفراغ الذي تركته آلة الحرب في أجسادهم، إلا أنهم مصرون على خوض غمار تجربة تختلف عن باقي التجارب حتى تحقيق أهدافهم التي يسعون اليها.
عبد الله الأنكر طفل بقلب أسد، فجر المحتل ساقه، فزرع وردة مكان اصابته، تحرر من طرفه المبتور وبدأ بالسباحة داخل الحوض الأزرق الذي سرعان ما يلامس مياهه جسده، ليشعر براحةٍ وأملٍ تُنسيه ما فقده من جسده.
يسعى عبد الله إلى تحقيق حلمه بأن يصبح بطلا في السباحة بعد أن انضم إلى مدرسة للسباحة حديثة الانشاء، برفقة خمسة عشر لاعبا تتراوح أعمارهم ما بين ربيع العمر وبداية خريفه، أفقدتهم آلة الحرب الإسرائيلية أجزاء من أجسادهم وأطرافهم أيضا، وأفقدوا بدورهم تلك الماكنات العسكرية بشاعة آثارها بطموحهم الذي لا تحده الحدود، وإصرارهم الذي لا يعرف طريقا للمستحيل، يتحدون اعاقة أجسادهم بأرواح لا تعرف معنى اليأس، فطريقهم هو ذلك الشعاع الذي يبعث بالأمل والاصرار والتحدي.
لضياء ... قصة أخرى
ضياء أبو سمرة شاب في التاسعة عشر من عمره، يسكن بمخيم جباليا شمال قطاع غزة، تعرض للإصابة خلال المشاركة بمسيرات العودة السلمية في الحادي عشر من مايو العام الماضي يقول: "بعد إصابتي تحولت لمشفى الشفاء بغزة ثم إلى تركيا، وهناك حدث ما لم أتخيله، إذ تم بتر قدمي، كنت متعلق كثيرا بالسباحة ومساعدة الصيادين "أهم هواياتي".
وتابع قائلا:" اليوم لا أستطيع السباحة ومساعدة الصيادين، ولكن امتنعت فترة عن السباحة ثم التحقت حاليا بدورة خاصة للسباحة لأتعلم كيف أسبح دون قدمي، خاصة أن السباحة دون قدم تحتاج إلى تمارين محددة وشاقة، فمن الصعوبات التي واجهتها هي عدم قدرتي على " العوم"، لكن تلقيت تدريبات خاصة ساعدتني على التغلب على هذه المشكلة، وها أنا بقمة سعادتي اليوم بعد العودة لهوايتي التي انقطعت عنها لفترة".
محمد كلوب .. قاهر القناص
محمد كلوب شاب اخر تعرض للإصابة عام 2001 بمنطقة المنطار شرق غزى، من قبل قناص إسرائيلي بأربع رصاصات اخترقت جسده، يقول: "عندما تعرضت للإصابة كنت طفلا لا يتجاوز عمري الـ12عام، فعندما أصبت وبُترت قدمي أصبحت أكره النزول إلى شاطئ البحر حتى أني كرهت السباحة ولم أخرج من البيت لفترات طويلة وذلك بسبب النظرة السلبية والجارحة للمجتمع".
وأضاف: "نتلقى داخل المدرسة العديد من التمارين الجيدة، فهدفي من الانضمام هو تغيير نظرة المجتمع السلبية تجاه الاشخاص ذوي الاعاقة الحركية، إضافة الى تشكيل فريق والمشاركة في مسابقات دولية". وبجانب كلوب يقوم مجدي التتر وهو مدرب الفريق ومدير المدرسة الفلسطينية لتعليم السباحة بتوجيه الفريق وتدريبه لتأدية حركات السباحة، قائلا: "نعمل داخل المدرسة على إنشاء دورات خاصة بالسباحة وذلك لتوعية المجتمع الفلسطيني بأهمية تلك الرياضة".
وتابع قائلا:" تحتوي المدرسة على ٤٠ متدربا من مبتوري الأطراف والذين فقدوا أطرافهم خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، فالهدف هو إخراجهم من الجانب النفسي بالشكل المطلوب وإعادة تأهيلهم ودمجهم داخل المجتمع بدلا من أن يكونوا عالة عليه.
وأضاف التتر "للنجاح الاخباري": "نتدرب بشكل يومي داخل مسبح الهدى بغزة بواقع ساعة ونصف، فعلى الرغم من المدة القصيرة لتدريب لهذه الفئة الذي أنتمي أنا شخصيا لهم وأعتبر واحدا منهم، ألا أن الاستفادة أظهرتهم على طريقتهم الاحترافية في السباحة خلال هذه التدريبات".
وبين التتر بأنهم يسعون إلى إنشاء أول فريق مختص برياضة السباحة للأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، للمشاركة في مسابقات دولية وتمثيل فلسطين أمام العالم، وأن يكون هناك مسبح دولي وخاص يتبع للمدرسة الفلسطينية.