نابلس - متابعة خاصة - النجاح الإخباري - أعاد خطاب الناطق باسم كتائب عزّ الدين القسام، الجناح العسكري لحركة (حماس)، في توقيته أمس "الضجيج" المتراكم حول ملف جنود الاحتلال الأسرى في قطاع غزة بعد مرور أكثر من أربعة أعوام عليه في ظلِّ حديث مستمر عن دخول أطراف دولية مختلفة على "خط مفاوضات" لم تنضج بعد.
فيما لا تزال (حماس) مصرَّة على موقفها، عدم الإدلاء بمعلومات دون تلبية الاحتلال شروطها بالإفراج عن أسرى صفقة "جلعاد شاليط" الذين أعاد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في (2011م).
وكان (أبو عبيدة) قال في خطاب مسجل له الليلة الماضية :"إنَّ هناك فرصة حقيقية لحلِّ ملف الأسرى والمفقودين في قطاع غزَّة إذا كانت هناك رغبة جادة لدى قيادة الاحتلال، مشيرة إلى أنَّ هذه القيادة تجاهلت فتح قضية الجندي المفقود أبراهام منغستو لأنَّه يهودي من أصل إثيوبي".
وأضاف أبو عبيدة:"أنَّ الطبقة السياسية والعسكرية في إسرائيل تمارس عملية تضليل وكذب بشأن ملف الأسرى والمفقودين ولا تريد مواجهة الحقيقة."
وقال، إنَّ قضية الجندي منغستو "لم تطرح مطلقًا أمام الوسطاء الذين تدخلوا منذ سنوات في قضية الأسرى.. ولم تحاول قيادة العدو السؤال عنه هل هو في عداد الأحياء أم الأموات".
رسائل متدحرجة
ورأى الكاتب المختص في الشأن الفلسطيني نضال سلامة أنَّ ثمَّة رسائل "وازنة" أرادت القسام أن توصلها لحكومة الاحتلال من جهة وذوي الجنود الأسرى من جهة ثانية وذلك في إطار مواصلة الضغط باتجاه إحداث خرق كبير في هذا الملف لصالح الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ويربط سلامة في تعليق لـ"النجاح الإخباري" يوم الأربعاء بين إرهاصات الحل التي رافقت صفقة "جلعاد شاليط" وبين ما حمله خطاب أبو عبيدة.
مرجّحًا أن يقود هذا التطور في نهاية المطاف إلى انفراجة ،تتمثَّل بـ"صفقة تبادل" جديدة برعاية أطراف دولية وعربية.
وردًّا على سؤال ذي صلة بدلالة مواصلة القسام الحديث عن الجندي من أصول "اثيوبية" أشار سلامة إلى أنَّ هذه المسألة تضع نتنياهو وحكومته في "ورطة" التعاطي مع الاحتجاجات وملف الأقلية الأثيوبية في "إسرائيل" خاصة وأنَّ جيوب الاحتجاجات لم تنته بعد.
لافتًا إلى أنَّ الخطاب الذي حمله أبو عبيدة، أدخل حكومة الاحتلال في دوامة لن تنتهي.
في المقابل لن تكون المقاومة خاضعة لاشتراطات أطراف قد تتلقف الرسالة وتدخل بشكل قوي بعد الخطاب المطول لأبي عبيدة على خط "المفاوضات غير المباشرة". أضاف سلامة.
صور قاتمة
من جهة أخرى، يرى الكاتب المختص في شؤون الأسرى فؤاد خفش، أنَّ خطاب "أبو عبيدة": "لن يكون له أثر داخل كيان الاحتلال ولن يحرك شيئًا ".
مضيفًا في تعليق له: "أن لا شيء يمكن أن يقلب المعادلة إلا فيديو أو صورة تشير لوجود أحياء".
الخطاب أعطى أيضًا مزيدًا من "الضبابية" حول مصير الجنود الأسرى في ظلِّ تمسك الطرفين(حماس والاحتلال) برأيهما، ما يعني أنَّه لن يكون هنالك تقدم في القضية ما لم يكسر أحدهما جمود موقفهما.
تخبط إعلامي
ورغم الرقابة العسكرية التي تفرضها "إسرائيل" على قضايا تعتبرها أمنية وتمس "الدولة" وتمنع تناولها أو نشرها، إلا أَّن وسائل الإعلام العبرية تعاملت مع خطاب "أبيعبيدة" بشكل متفاوت في العناوين العريضة التي نشرت صباح يوم الأربعاء.
موقع صحيفة يديعوت أحرونوت نقل عن أبي عبيدة قوله: "إنَّ هناك فرصةً حقيقية لإنجاز وحلّ قضية الأسرى والمفقودين، وأنَّه إذا كانت قيادة العدو جادةً في فتح وتحريك هذا الملف ودفع الثمن الطبيعي عبر المسار الواضح الذي أفضى سابقاً إلى حلّ قضايا مشابهة".
أما موقع والا العبري فتناول تحذير القسام بأنَّ ملف الأسرى قد يكون عرضة للنسيان والإغلاق نهائياً لعواملَ تعلمها قيادة العدو جيداً".
وغطى السواد الأعظم من وسائل الإعلام العبرية خطاب القسام بمجرد عرض للتفاصيل، دون تعقيب من المستوى السياسي أو العسكري، أو المحللين الإسرائيليين عما جاء فيه من رسائل كبيرة.
محاولة "لتبريد وهج الخطاب"
بدوره، قال منسق شؤون أسرى الحرب والمفقودين في حكومة الاحتلال الإسرائيلية بارون بلوم، إنَّ دولة الاحتلال لن توافق على صفقة تبادل للأسرى جديدة مع حركة حماس في غزة، وذلك في محاولة لتسجيل "نقطة"، ضاربًا بعرض الحائط الأزمة الداخلية التي تعصف بحكومة نتنياهو بسبب تعقيدات هذا الملف والإخفاق في إقناع الرأي العام في دولة الاحتلال بالفشل المستمر.
ووفقاً لموقع "ريشت كان" العبري، أضاف بلوم، "عندما نتحدَّث عن صفقة شاليط، يسأل الجميع نفسه هل سندفع هذا الثمن مرَّة أخرى؟".
وتابع: "أعتقد أنَّ هذا لن يحدث، حماس تعيش في اللا لا لاند".
ومطلع (أبريل/ نيسان 2016)، كشفت كتائب القسام لأوَّل مرَّة، وجود (4) جنود للاحتلال أسرى لديها، دون أن تكشف بشكل رسمي ما إذا كانوا أحياءً أم أموات.
فيما أعلنت حكومة الاحتلال، في أوقات سابقة، فقدان جثتي جنديين في قطاع غزَّة خلال العدوان الإسرائيلي عام (2014) هما آرون شاؤول، وهدار جولدن، لكن وزارة الأمن الإسرائيلية عادت وصنفتهما، في (يونيو/ حزيران 2016)، على أنَّهما “مفقودان وأسيران”.
وإضافة إلى الجنديين، تحدثت "تل أبيب" عن فقدان جنديين اثنين أحدهما من أصل إثيوبي والآخر من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال عامي (2014) و(2015).
وأكَّدت “حماس” في أكثر من مناسبة أنَّها لن تكشف عن مصير الإسرائيليين ما لم تفرج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين أعادت اعتقالهم في السنوات الماضية بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل عام (2011).
وتقول "حماس" إنَّها ستكون مستعدة لاحقًا لتسليم الأسرى مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية وبخاصة ذوي الأحكام العالية.
ويذكر أنَّه في عام (2011) أبرمت صفقة تبادل للأسرى بين حركة حماس والاحتلال برعاية مصرية، أطلق عليها اسم "صفقة شاليط" أو "صفقة وفاء الأحرار"، وبموجب الصفقة أفرجت حماس عن جلعاد شاليط، وهو جندي من قوات الاحتلال كان أسيرًا لديها، مقابل الإفراج عن (1027) معتقلًا فلسطينيًّا من سجون الاحتلال الإسرائيلي.