سلفيت - متابعة خاصة - النجاح الإخباري - أعرب مواطنون في قرية مردا بمحافظة سلفيت عن قلقهم الشديد لعدم توقف حالات التسمم في القرية، والتي وصل عددها أكثر من (600) حالة لأسباب لم تتضح بعد، في حين تشير كل المؤشرات إلى حدوث "تلوث لمياه الشرب" في القرية التي يسكنها حوالي (2500) نسمة.
وقالت الصحفية عهود الخفش إنَّ الحالات ما زالت تتردد على العيادة والمستشفيات وإن الطواقم الطبية ما زالت بحالة طواريء .
يأتي ذلك رغم تأكيدات وزيرة الصحة د. مي الكيلة سيطرة الطواقم الطبية على جميع حالات التسمم في القرية، مشيرة إلى أنَّ لجنة تحقيق جرى تشكيلها للوقوف على أسباب حدوث هذه المشكلة والحيلولة دون تكرارها في أي منطقة في فلسطين.
وأضافت الوزيرة الكيلة لدى زيارتها المستشفى الميداني الذي أقيم هناك، أنَّه جرى أخذ عينات من مصادر المياه في القرية، إضافة إلى عينات دم وبراز من جميع المصابين بالتسمم، لمعرفة الأسباب، وقد جرى التعامل معها جميعها، حيث غادر جميع المصابين المستشفى الميداني وعيادة القرية ومستشفى سلفيت الحكومي.
وكانت وزيرة الصحة أوعزت بتعزيز وإسناد الطواقم الطبية العاملة في مردا بطواقم من مراكز أخرى، مؤكّدة على أنَّ المستشفى الميداني وعيادة الوزارة في القرية ستعمل على مدار (24) ساعة متواصلة حتى الغد.
وكانت الوزارة تلقت إشعاراً فجر أمس باستقبال طبيب القرية لحالات تعاني من قيء وإسهال وأوجاع في البطن، حيث توجّه مدير صحة سلفيت إلى المكان، وأوعز بفتح عيادة القرية وتقديم العلاج اللازم للحالات، فيما جرى تحويل بعض المرضى لمستشفى سلفيت الحكومي.
وتتواصل الدعوات في القرية من خلال المجلس القروي ومكبرات الصوت للأهالي القرية بعدم استخدام مياه الشرب قبل غليها حتى صدور نتائج الفحوصات والتأكد من مصدر التلوث.
وتشير مصادر محلية إلى نبعة ماء محليّة في القرية باعتبارها مصدر محتمل للتلوث مشيرة إلى توجيه الصحة كتابًا للمجلس القروي يقضي بمنع استخدام مياه هذه البئر للشرب وقصرها على الاستخدام للري النباتي، فيماعانت القرية من شح شديد في المياة الواردة من شركة ميكروت الإسرائيلية منذ أربعة أيَّام حيث بدأ تسجيل إصابات ما يخشى معه من استخدام مياه البئر تلك لتعويض النقص في الإمدادات.
وقالت المصادر إنَّ محافظ سلفيت أوعز بتشكيل لجنة تحقيق من الجهات المعنية.
وأفاد حسين سعيد، - عضو المجلس المحلي- بأنَّ عشرات الحالات من القرية أصيبت بآلام حادة في البطن، يشتبه أنَّها تسمم بسبب عدة عوامل، على رأسها المياه، إلا أنَّه لم يتم التأكد حتى الآن من ذلك.
وأضاف لـ"النجاح الإخباري" أنَّ الفحوصات اللازمة أجريت للمصابين، وتمّت دعوة للأهالي احترازيًّا إلى غلي المياه قبل استخدامها، لحين الوقوف على السبب.
حادثة تشبه تلك التي حصلت في شهر آب الماضي عام (2018)، في بلدة بيت فوريك شرق نابلس وتسمم العشرات من المواطنين.
وفي وحينها توصَّلت وزارة الصحة بعد مرور شهر على الواقعة إلى أنَّ فحوصاتها كشفت عن عدم وجود مادة الكلور اللازمة لتعقيم المياه في خزان البلدة الرئيس، والأخطر وجود جرثومة لدى بعض الحالات تدعى (شيغيلا – Shigella).
وبين هذا وذاك، يتخوّف المواطنون في مدن وبلدات الضفة الغربية بتكرار سيناريو التسمم في ظلّ أزمة المياه التي تسيطر على المشهد في العديد من المحافظات.
وسبق أن أصدرت سلطة المياه، تقريراً حول نوعيّة وجودة مصادر المياه في الضفة الغربية، ونتائج الفحوصات والتحاليل المخبرية.
وأوضح التقرير أنَّ نوعية وجودة مياه محافظة جنين جيدة وضمن المواصفات الخاصة لأغراض الشرب، وتعتمد على "17" بئراً جوفية و "6" ينابيع، مشيراً إلى أنَّ هناك زيادة ملحوظة في تركيز عنصر النترات والذي يتراوح تركيزه ما بين 60-140 ملجم/لتر وهذا دليل على تلوث المصدر بالأسمدة العضوية المستخدمة للأغراض الزراعية.
ونوَّه تقرير الوزارة إلى أنَّ نتائج التحاليل البكترولوجية، أشارت إلى أنَّ معظم الينابيع ملوثة بالبكتيريا الضارة بصحة الإنسان مع عدم وجود تعقيم لهذه المياه المستخدمة للشرب مع أهمية التنبيه على هذه الظاهرة الخطيرة.. وذكر أنَّ محافظة نابلس تعتمد على (27) نبعة وخمس آبار لسد احتياجات أغراض الشرب، والتحاليل الكيميائية تشير إلى أنَّ تركيز العناصر المختلفة ضمن المواصفات الخاصة لأغراض الشرب.
وأضاف أنَّ محافظة أريحا تعتمد على "4" ينابيع وبئرين لأغراض الشرب، وتتميز الينابيع بنوعيتها الجيدة كيميائياً، مشيراً إلى آبارها تتميز بملوحة عالية جداً، وبتركيز عنصري الكلوريد والصوديوم.
وأشار التقرير إلى أنَّ محافظة رام الله تعتمد على "7" آبار و"6" ينابيع، ونتائج التحاليل الكيميائية تشير إلى جودة نوعيتها وخلوها من التلوث البكتيري.. وأوضح أنَّ محافظتي بيت لحم والخليل تعتمدان على "17" بئراً جوفية وتتميز بجودة مياهها، وآبار المغوار تتميز بارتفاع تركيز النترات (70 ملجم/لتر) مع مؤشرات لتلوثها بالبكتيريا ولكن يتم القضاء عليها بالتعقيم.
وأضاف أنَّ محافظة قلقيلية تعتمد على المياه الجوفية كمصدر رئيس لأغراض الشرب ولا توجد أي ينابيع، منوهاً إلى أنَّ آبار المياه تتأثر بصورة واضحة بالممارسات الزراعية حيث يلاحظ ارتفاع نسبي في تركيز النترات (60-90 ملجم/لتر) أما بالنسبة للعناصر الكيميائية فهي ضمن المواصفات الخاصة بالشرب (جيدة).
وذكر التقرير أنَّ محافظة طولكرم تعتمد على "17" بئراً جوفية لأغراض الشرب، مع ملاحظة ارتفاع واضح في تركيز عنصر النترات (60-10 ملجم/لتر) في العديد من الآبار كدليل للتأثير الزراعي والأسمدة العضوية على المياه الجوفية، خاصة وأنَّ الآبار ضحلة، وبعض الآبار في عتيل وعلار وكفر البلد متأثرة بالبكتيريا.
وحذَّر التقرير من وجود تلوث بكترولوجي واضح في العديد من الينابيع، وبعض الآبار، الأمر الذي يتطلّب توجيه البلديات ومستخدمي المياه بهذه الظاهرة ذات التأثير السلبي على صحة الإنسان، مشدّدًا على أهمية وضرورة تعقيم المياه قبل استخدامها للشرب وخاصة الينابيع.
وتفتح حادثة تسمم المواطنين في مردا ملف تلوث المياه الجوفية في محافظات شمال الضفة الغربية.
وكان المهندس محمد سعيد الحميدي المدير التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع المياه حذَّر في وقت سابق من قضية تلوث الآبار الجوفية في شمال الضفة الغربية،
مؤكِّدًا مخاطبة الجهات ذات العلاقة في السلطة الفلسطينية سواء مقدّم الخدمة أو غيره في هذا الإطار.
والمشكلة بحسب الحميدي كما يقول في تصريح سابق له أنَّ أيَّ تلوث في المياه الجوفية هو تلوث غير قابل للتصليح، وهذا شيء خطير جدًّا، ويعطى أهمية كبيرة جدًّا مع أنَّ حماية مصادر المياه هي مسؤولية سلطة المياه الفلسطينية التي منذ الكشف عن تلوث تلك الآبار بدأت وتصرّ على وجود آليات لحماية مصادر المياه.
ولكن الحميدي، يقرُّ باستمرار وجود ملوثات الآبار الجوفية، منها: الحفر الامتصاصية، واستخدام المبيدات الزراعية بكثرة في الشمال والأغوار، وهناك بعض الينابيع حتى في منطقة الوسط ملوثة والرقابة عليها ليست كما يجب، هذا يعني "أنَّه حتى لو وجدت آليات حماية مصادر المياه، مصادر التلوث ما زالت موجودة، ودون تكاتف الوزارات جميعها ذات العلاقة، البيئة، والصحة، والزراعة، والمياه، والحكم المحلي، ستبقى الخطورة قائمة في تلويث مياه الشرب، وكان يمكن أن تشكّل مصدرًا إضافيًّا لمياه الشرب، ولكن تلويثها من خلال حفر امتصاصية أدى إلى عدم استخدامها وهدرت مياهها سدى، وإنَّ عدم معالجة مياه الصرف الصحي مهما كان السبب سواء في قطاع غزة أو الضفة، مؤشر خطير جدًّا على أنَّ المياه الجوفية قد تتأثر سلبًا".