غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - تتسابق في هذه الأيام الفضيلة من شهر رمضان المبارك ،الجمعيات الخيرية في غزة على تقديم المساعدات الانسانية للأسر المحتاجة ، وبجانب هذا الدور الانساني ، تتصرف مع نفس المحتاجين بطريقة وصفها الكثيرون بأنها "لا انسانية" عبر تصوير المحتاج وهو يستلم المساعدة بحجة "التوثيق".
واعتبر المواطنون في غزة أن نشر صور الفقراء على شبكات التواصل الاجتماعي، استهتارًا بمشاعرهم ومتاجرة باحتياجاتهم من أجل استعطاف الداعمين.
مطالبين بضرورة وقف هذه الممارسات التي تنهش عفة الفقراء من أبناء القطاع الذين ذاقوا الويلات في الأعوام الماضية بسبب الحروب المتكررة والحصار المستمر والانقسام السياسي ، ولم يعترضوا على فكرة التوثيق في نطاق ضيق جداً ، داعين إلى وجود قرار رسمي من الجهات المعنية بإلزام كافة الجمعيات بعدم نشر صور المحتاجين ممن يتلقون مساعداتهم سواء في شهر رمضان أو أي موسمٍ آخر.
ردود الأفعال
ولاقت هذه الظاهرة السيئة سخطاً ورفضاً من قبل رواد التواصل الاجتماعي ، داعين لمحاربة مثل هذه الظواهر ،وباعتبار أن هذا العام يعتبر الأسوأ على الفقراء في غزة ، وبأن الكثير من الجمعيات اتخذت طريق التشهير بالمحتاجين من أجل أن يزيد حجم الدعم والتمويل
ومن بين الحملات الكثيرة وتحت مسميات متعددة أطلق النشطاء على المواقع حملة "احترموا مشاعرهم" لوقف ربط تقديم المساعدات بالتصوير، ودعوا إلى مقاطعة المؤسسات والحملات التي تمارس ذلك، ومنع استغلال الأسر الفقيرة من قبل الجمعيات والأفراد، إلّا أن هذه الظاهرة مازالت قائمة.
وتصاعد الجدل أكثر حول هذه الظاهرة منذ بداية شهر رمضان، بسبب ما يسميه المعارضون لها إنها إهانة للفقراء والمحتاجين.
الشاب موسى الغلبان قال :"أدعوا لإغلاق الجمعيات التي تهين الفقراء، ولا يجوز للجمعيات أن تهينهم مقابل الحصول على مساعدة مهما كان حجمها ، وهم بحاجة للمساعدات ولكنهم لن يهانوا حتى يحصلوا عليها".
أحمد العمصي قال عبر صفحته على الفيس بوك: ساعدوا الفقراء وليس شرطًا أن تذلوهم بالصور ”،وان كان لابد من تصوير المتبرع والمتبرع له فيمكن التصويرعلى نطاق ضيق جداً ،والصور تكون خاصة بالمؤسسة لا لنشرها عبر مواقع التواصل أو الوسائل الاعلامية."
اعتماد عبد الله قالت :" تصوير الفقراء والمحتاجين أثناء تلقيهم المساعدة ونشرها على صفحات التواصل الاجتماعي تُشعرهم بالحرج الاجتماعي، وتُبرزهم كـ"سلع رخيصة" هدفها فقط تلميع المؤسسة وموظفيها.
أما محسن الغلاييني فأطلق هاشتاق # حاربوا ظاهرة العرض ,فالعوز والفقر ليسوا للعرض.
داعيا جميع النشطاء بإطلاق هاشتاقات متعددة وبنفس السياق لوقف تلك المؤسسات عن هذه الظاهرة المقلقة.
وتعهد النشطاء بفضح أسماء المؤسسات التي تتعمد إهانة الفقراء وتصويرهم ونشر صورهم.
تجارب خاصة
المواطن عماد .ح، طلبت منه احدى الجمعيات الخيرية في غزة ،الحضور من أجل أن يستلم طرد غذائي فوافق فرحاً ،وحضر لاستلام الطرد، لكنه تفاجئ بشرط غير محسوب عند استلام الطرد الغذائي.
يقول ل "النجاح الاخباري": "حينما توجهت للجمعية لاستلام الكابونة ،تفاجأت بالمدير يقول لي انتظر سنصورك أثناء الاستلام ،وحينما سألتهم لماذا ..؟ فأنا لا أريد أن يراني أحد وأنا أتسلم الكابونة ،أخبرني أن هذا الاجراء روتيني وعلى نطاق ضيق ،وهو مجرد توثيق لعملية الاستلام وخاص بالمؤسسة ،فوافقت وعدت لمنزلي مسروراً لأنني سأعود لأولادي بشيء ليأكلوه ."
وتابع :" وفي اليوم التالي وأنا أسير في الشارع اذ بجاري يقول لي مبروك يا ابا محمد الكابونة ،فتفاجأت كثيرا ،لأنني لم أقل لأحد أنني استلمت كابونة ، وعلمت فيما بعد أن الصور التي التقطوها لي ،وقالوا بأنها ستكون على نطاق ضيق ،قد نشروها في وسائل الاعلام ،لعمل دعاية لجمعيتهم، وبأنها تقدم الدعم والمعونة للمحتاجين."
وأكد أبو محمد أنه لا يثق في أي جمعية تقوم بتصوير المحتاجين أثناء استلام المعونة ،واعتبره اهانة للفقير أكثر من الفقر نفسه .
ام العبد أبو سبيتان قالت ل"النجاح الاخباري "أنها تلقت مساعدة من احدى الجمعيات وأثناء وجودها لاستلام الكابونة ،تفاجأت بأنه يوجد ثلاث مصورين، أحدهم تابع لأحد الوسائل الاعلامية حضر بناءً على دعوة له من قبل الجمعية للتصوير ،"مثلما علمت من أحد المتواجدين هناك" ،وقالت عن لحظة التصوير:" بصراحة كان الموقف محرج لكثير من السيدات المتعففات اللواتي رفضن استلام الكابونة على عدسة كاميرات الصحافة ،وأنا وامرأة غيري وافقنا كوننا منقبتان ،وهذا الأمر لا يشكل فرقا كبيراً لدينا ،أما الاخريات فرفضن بشكل قاطع ،ومع محاولة القائمين على التوزيع بإقناعهن بأن يقوموا بتصوير جزء من يديهن وجانب من الوجه مع اخفاء الملامح ،متحججين بذلك بأنه نوع من التوثيق ، بالإضافة لرفضهن للمصور الصحفي أن يصورهن أثناء التسليم."
وتساءلت أم العبد ،لماذا يتم امتهان حقوق الفقير ،والعبث بكرامته من اجل كابونة طارئة ،مع استغلال الجمعيات لعوزه وفقره ،وحاجته لمثل هذا الكابونة ..؟.