نابلس - اسلام الخالدي - النجاح الإخباري - ظروف الحياة القاسية التي يعيشها الناس في قطاع غزة، باتت خانقة حتى وصل الحد في بعض العائلات المتعففة لانتظار أسواق الخضار في ساعات المساء لشراء بقاياها.
السيدة الأربعينية (فلسطين) قصدت السوق لتشتري "برارة" الخضار، كونها تباع بثمن أقل من الخضروات الطازجة والتي يرغبها الجميع، في ظلّ الظروف القاسية، وعن الدوافع تحدّثت لـ"النجاح الإخباري": " أعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد وزوجي يعاني من مرض نفسي، أنا المسؤولة عن تدبير أمور البيت وإطعام أطفالي، دون التطرق لطلب الحاجة.
حديث طال اعتراه الأسى من سوء الأوضاع التي أوصلتهم إلى هذا الحد من شظف العيش تابعت: "حاولت مراراً البحث عن عمل، لكن لا وظائف دون شهادة جامعية، فشيك الشؤون هو مصدر دخلي الوحيد الذي نعتاش منه، مع طرود غذائية من الجمعيات الخيرية، وصدقات أهل الخير، ومع ذلك لا يكفي حاجة أطفالي من الطعام".
الحاجة مرة
فلسطين تحث خطاها للسوقبعد صلاة العصر كون هذا التوقيت مناسب لها؛ لحساسية موقفها من رؤية الناس لها وهي تشتري بقايا الخضروات (الشروة) من الباعة الذين اعتادوا عليها، بثمن زهيد للغاية فهي تفي الحاجة، وعظام اللحوم من عند الجزارين وبقايا الدهون واللحوم غير الصالحة للأكل والمجمعة في مكبّ نفايات السوق.
"الحاجة مرَّة والسؤال صعب"، هذا ما ختمت به كلامها، معربة عن استيائها الشديد تجاه الوضع المأساوي الصعب الذي تعاني منه هي والكثير من العائلات الغزية.
(فلسطين) ليست الحالة الاستثنائية، التي تعتاد على شراء بقايا الخضروات والفواكه، فهنالك المئات من المواطنين يلجأؤؤن لذلك لسد احتياجاتهم، في ظلِّ وضع ماديّ صعب وأزمة تتفاقهم يوميًّا يرافقها تدهور الحالة الصحية للكثيرين، والمشهد الأسوأ رؤية امرأة تنبش مخلفات القمامة بحثًا عن لقمة تسدّ رمق جوع أطفالها، فأي حال وصلنا له!
"برارة" السوق باتت لقمة زقوم للعديد من الأسر المستورة والمتعففة، فظروف الحياة القاسية أجبرتهم على تدبير أمورهم، بإيجاد بدائل قد تسد حاجتهم وتمنعهم من مد أيديهم للأخرين، لما فيها من تذلل وخضوع.
تدني المقدرة الشرائية
في سوق معسكر الشاطئ غربي مدينة غزة، أطفال يحملون أكياس سوداء، لتخفي ما بداخلها من خضروات بعضها غير صالحة للاستخدام الآدمي، وأخرى على وشك التعفن ومهروسة، وأخرين يجمعون العظام من عند الجزارين وأرجل الدجاج، لسد قوتهم واحتياجات أسرهم.
حتى مخلفات محالّ اللحوم البيضاء والحمراء والخضروات، هنالك من ينبشون فيها، لعلهم يجدون ما يستخدمونه في تحضير طعامهم، الطفل أحمد ابن العشرة أعوام يتردَّد يوميًّا على السوق، ليجمع بقايا الخضروات والعظام الملقاة في مخلفات السوق، ويضعها فوق بعضها البعض، وعند سؤاله عن السبب، أجاب "ما معنا نشتري، أخوتي الجوع قاتلهم".
نصف المجتمع تحت خط الفقر!
تاجر الخضار في سوق الشاطئ (أبو أحمد)، أوضح أنَّهم يعملون على فرز الخضروات إلى قسمين منها تباع بسعرها المطروح في الأسواق عمومًا، وأخرى على وشك التلف تباع بطريقة (الشروة)، بثمن زهيد للغاية، لمربي الدواجن والحيوانات، لكن حاليًّا باتت لقمة الفقراء في غزة.
ويشير لـ"النجاح الإخباري"، إلى أنَّ هنالك الكثير من المواطنين يأتون خصيصاً لشراء الخضروات ذات الجودة الرديئة، فمقدرتهم الشرائية لا تتفق مع سعر الخضروات الطازجة، هذا ما وجده من خلال إقبال الناس عليها، مرجعاً ذلك لسوء الأوضاع الاقتصادية.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت نسبة الفقر (53.0%)، أي ما يزيد عن نصف المجتمع الغزيّ، فيما وصلت نسبة الفقراء تحت خطر الفقر المدقع إلى (33.8%)، وهذا مؤشر خطير بحسب الدراسة.