نابلس - نهاد الطويل - النجاح الإخباري - قبل أيام نشرت وسائل إعلام غربية رسالة حصرية موجهة من عشرات المسؤولين الأوربيين السابقين إلى الإدارة الأمريكية وقادة بلادهم، دعوا فيها الاتحاد الاوروبي إلى مساندة حل الدولتين، ورفض خطة السلام التي تعمل عليها إدارة دونالد ترامب ومعروفة إعلاميًا باسم "صفقة القرن"، لأنها ليست عادلة للشعب الفلسطيني.
وفي التفاصيل فإن الرسالة موقعة من 36 مسؤولاً أوروبيا رفيعي المستوى، وصفوا صفقة القرن بالأحادية، وحثوا القادة على رفض أي خطة ليست عادلة للفلسطينيين.
كذلك انتقد المسئولون الأوروبيون تجاهل الولايات المتحدة لتوسع عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية، وقطعها المساعدات التي تُقدّر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين، وهو الأمر الذي اعتبروه "مُراهنة على سلام واستقرار العديد من الدول الواقعة على أعتاب أوروبا".
اللعب بجميع الأوراق
وفي هذا الصدد، أكد الكاتب الصحفي مكرم الطراونة أن الرسالة "الوازنة" تعبر عن موقف اوروبي سياسي واضح وصارم تجاه رفض السلوك الأحادي الذي تمارسه واشنطن.
لافتا الى أن المطلوب من الاتحاد الأوروبي تجاوز الرفض الدوبلومسي والإعلان عن موقف حازم مدركا للمخاطر التي قد تتسبب بها "صفقة القرن".
وقال الطروانة في تعليق له يوم الأربعاء إن الأردن يتمتع بعلاقات كبيرة مع دول الاتحاد،وإن الملك عبدالله الثاني يمثل صوت الحكمة في المنطقة.
وشدد الطروانة أن الجميع سيشهد معركة مصيرية والمطلوب استخدام جميع أوراق اللعب لمواجهة المخطط الأمريكي والتأثير في الموقف الأوروبي لاتخاذ اجراءات عملية تتجاوز الرفض والإدانة.
وأشار الطراونة الى أهمية زيادة المساعدات المقدمة للفلسطينيين لمساعدتهم على مواجهة التحديات والعراقيل التي تضعها في طريق استقلالهم كل من اسرائيل واميركا.
فتح: الرسالة يبنى عليها
بدورها اعتبرت حركة فتح الدعوة دعوة التي وجهها 37 وزير خارجية أوروبي ومسؤول سابق بخصوص التدخل في حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، قبل إطلاق ما يسمى " صفقة القرن".
وأكدت الحركة في بيان لها على ضرورة التعبير بقوة عن موقف أوربي يتسق مع قرارات الشرعية الدولية ويراعي المطالب الفلسطينية بالسيادة والاستقلال تطبيقا لحق تقرير المصير، الذي لا يقبل شعبنا عنه بديلا. "وفق الوكالة الرسمية"
وحتى الآن لم يُعلن عن موعد كشف الستار عن الخطة والتي يعمل عليها فريق ترامب للسلام منذ نحو عامين، إلا أن التقارير المنشورة مؤخراً تفيد بأن ذلك سيحدث قريبًا، ونقلت صحيفة البيان الإماراتية عن تقارير إعلامية أنه من المُحتمل الإعلان رسمياً عن "صفقة القرن" نهاية الشهر الجاري، فيما أشار مسؤولون مُطلعون على الخطة أنها قد تخرج للنور هذا الربيع أو ربما مع بداية فصل الصيف.
إقرأ المزيد: رهان أردني فلسطيني على أحزمة أمان للوقوف بوجه "صفقة القرن"
تفاصيل لم تنضج
لكن، المبعوث الأمریكي الخاص للتسوية في الشرق الأوسط جیسون غرینبلات أعلن عن أن الإدارة الأمريكیة لن تورد في الوقت الحاضر تفاصیل خطتھا للتسوية في المنطقة.
وقال غرینبلات في تغریدة له على حسابه في "تویتر" الليلة، إن "ما یتم تداوله من تخمینات حول الصفقة لا ینفع أحد، بل إنه يضر جھود تحقیق السلام". على حد قوله.
ومنذ توليه المنصب، سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقديم كل أشكال الدعم للحكومة الإسرائيلية التي أشادت به، حيث كانت خطواته بمنزلة عقوبة للفلسطينيين وتحول دون إقامة دولة فلسطينية.
وتأتي الرسالة في وقت تستعد فيه إدارة ترامب للكشف عن الصفقة النهائية، والتي لا تزال سرية، لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وهي التي رفضتها مسبقاً القيادة الفلسطينية باعتبارها متحيزة.
وتطرح الصفقة ضم القدس كلها لـ"إسرائيل"، وإسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضم المستوطنات بالضفة إلى دولة الاحتلال، والسماح بحكم ذاتي للفلسطينيين على الأجزاء المتبقية من الضفة، والسماح بكيان فلسطيني على غزة وأجزاء من شمال سيناء المصرية.
سباق مع الزمن
بدوره، أشار الباحث متخصِّص في الشؤون الأوروبية حسام شاكر الى مساعي الدوبلوماسية الفلسطيني وتحركها المستمر في قلب أوروبا وذلك لاختراق الموقف الأوروبي الرسمي وإحداث "إنقلاب" على "صفقة القرن" عبر الدفع بتبني موقف من قبل الاوروبيين لمواجهة الصفقة.
ورجح شاكر لـ"النجاح الإخباري" الاربعاء أن تكون الرسالة التي نشرت من قبل مسؤولين اوروبيين سابقين تأتي في إطار تلبية المطلب الفلسطيني التدخل لدى البيت الأبيض وتعطيل "صفقة القرن" بنسخته المسربة.
واستبعد شاكر في الوقت ذاته أن تلق الرسالة اذانا صاغية أو تجاوبا لدى الإدارة الامريكية في ظل انحياز الرئيس الأميركي دونالد ترامب المطبق لمصلحة "إسرائيل".
ويتخوف شاكر من عدم قدرة الاتحاد الاوروبي على ترجمة رفضه لـ"صفقة القرن" بغير بيانات الإدانة.
وعمليا لم يسبق "للقارة العجوز" بحسب شاكر أن تحركت في ملف فلسطين بشكل مستقل عن واشنطن وهو ما يفسر "حالة الضعف".
وفي تصريحات منشورة لوزير للخارجية والمغتربين رياض المالكي أشار كشف فيها "أنه تم التوافق مع دول الاتحاد الأوروبي على أن تشرع بتحركها قبل أن تعلن الإدارة الأميركية خطتها للسلام وذلك للحيلولة من دون رفضها."
وذكرت أن المسؤولين قدموا الرسالة إلى فيديريكا موغيريني، منسقة الخارجية الأوروبية، ووقع عليها جان مارك أيرولت، كارل بيلت، فودزيميرز سيموسيفيتش، ماسيمو داليما، جاي فيرهوفشتات، داتشيان سيلولي، وهم رؤساء الوزراء السابقين لفرنسا والسويد وبولندا وإيطاليا وبلجيكا ورومانيا على التوالي.
كما وقع على الرسالة أيضًا السكرتيران العامان السابقان لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ويلي كليز وخافيير سولانا، ورئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون. كما قام كل من وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند وجاك سترو بإضافة أسمائهم.
تدهور الأوضاع
قال المسؤولون الأوروبيون: "نحن مقتنعون بأن الخطة لن تسمح بتأسيس دولة فلسطينية، وتحولها إلى كيان خالٍ من السيادة والتواصل الإقليمي، ما يعني ضعف الحالة الاقتصادية وإفشال كل الجهود المبذولة لتحقيق السلام".
كذلك أكد المسؤولون أن التخلي عن حل الدولتين من شأنه إلحاق أضرار جسيمة بقضية السلام، وسيقوّض أي جهود مستقبلية لإحلال السلام للفلسطينيين والإسرائيليين.نقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن مسؤولين مُطلعين على الخطة أن"صفقة القرن" تتضمن بنوداً يتم بموجبها تأسيس دولة فلسطينية مُستقلة، ولكنها ربما تنص على أمور تُنعش الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين، وتتجاهل تماماً مسألة حل الدولتين.
وفي رسالتهم، شدد المسؤولون السابقون على ضرورة للالتزام أوروبا لمبادئها الأساسية فيما يتعلق بقضية السلام الفلسطيني الإسرائيلي، مؤكدين على أهمية حل الدولتين.
خريطة بلجيكية
البرلمان البلجيكي كان قد وضع رؤيته لـ"دعم بلجيكا لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط"، وطالب الحكومة الفيدرالية بعدة توصيات تضمنت في جانب مهم منها تأييد إقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 على أن تكون القدس عاصمة للدولتين، والانضمام إلى المبادرة الفرنسية لإحياء عملية السلام (...)، والوصول أخيراً إلى حل الدولتين عبر التفاوض لمصلحة إنشاء مجموعة دعم دولية، وتنظيم مؤتمر دولي، وتنسيق هذه المبادرة مع التقرير المتوقع للرباعية.
عجز مستمر
وعجز الاتحاد الأوروبي عن إصدار موقف موحد في شأن خطوة ترامب، في ظل نزاع بين دول الاتحاد الرافضة للقرار من جهة كفرنسا وألمانيا، ودول أوروبا الشرقية مثل المجر واليونان وليتوانيا والتشيك التي تبدي رغبتها في إقامة علاقات أكثر دفئاً مع "إسرائيل"، ويفكر بعضها في أن يحذو حذو الإدارة الأميركية في الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكيان المحتل، من جهة أخرى وهو ما يفتح الطريق أمام الدوبلوماسية الفلسطينية لمواجهة هذه الدول بالتنسيق مع دول عربية وبعض الأصدقاء في المنطقة.