نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - في فلسطين سوق العمل هو الأصعب، تتحطم على أعتابه طموحات الشباب وتتبخر أحلامهم، ينظر الواحد منهم إلى ورقة بيضاء في يده كلّفته (16) عامًا أو يزيد، يطوف بها الأركان باحثًا عن فرصة عمل، إلا أنَّها قد لا تنفعه إلا في الجلوس على حافة رصيف أو يداري بها رأسه من حرارة الشمس. هي إنجاز وفرحة بلا ريب لكن في ظلّ الكساد الوظيفي وتراكم الخريجين بات لزامًا على الشباب أن يغيّروا وجهتهم صوب الجانب المهني.
الكثير من قصص النجاح أثبتت أنَّ شباب فلسطين لا يعرفون الفشل ويشقون طريقهم لو في الصخر، ففي زاوية من زوايا مهرجان التسوق الثالث على أرض جامعة النجاح، نماذج كثيرة لطموح يكبر كلّ يوم، يمثّله هشام الأغبر ابن مدينة نابلس.
هشام نحت من خشب الزيتون هواية ومصدر رزق وتراثًا جميلًا، عنه تحدّث لـ"النجاح الإخباري": "في كلّ واحد منا جانب مضيء حتى لو أظلم العالم كلّه، درست علم النفس ولم أعمل به، إلا أنّ موهبتي في الجانب الفني من رسم وخط وشعر، جعلني أفكر في نحت الخشب، وإنتاج قطع فنيّة لتكون أجمل هديّة معبّرة تحمل نكهة تراثنا الفلسطيني وأثر من المُهدى إليه ولو بكلمة".
تحف وهدايا ومنحوتات خشبية تراثية أبدع فيها هشام، ولم يكتفِ بل أعاد تدوير خشب ما يُعرف ب"المشاتيح" لعمل رفوف وزوايا وأفكار لا تنتهي، أسماها شرقيات الرصيف الخامس كمشروع أطلقه عام (2013)، وحول سبب التسمية قال:
"الكل يستغرب التسمية ويسأل عن معناها، فرصيف هو اسم مقتبس من رواية بوليسية اسمها الرصيف رقم 5، واسم مجلة للكاتب الفلسطيني علي فودة، الذي استشهد بحرب لبنان وكان يوزع مجلة اسمها الرصيف، والخامس لأنني امتزت بخمس جوانب من حرق وحفر الخشب، والكتابة على المعكرونة، وحفر الزجاج وتركيب العطور والهدايا، أما شرقيات فلأنها لفظة تأخذك إلى التراث العتيق الذي يحمل نكهة الأجداد والأصالة، تجسدها هدايا رمزية جماليتها بقيمتها المعنوية".
الأعمال اليدوية تحمل لمسات وبصمات صاحبها بل هي جزء من روحه، لذا هي غالبًا ثمينة وتدوم طويلًا.
وأوضح هشام أنَّه يستقي أفكاره من الطبيعة والمزاج العام بالإضافة إلى الإنترنت، كما أنَّ الزبون نفسه لديه وجهة نظر في القطعة التي يختارها فينفذها هشام بطيب خاطر ويضيف عليها لمساته المبدعة.
كلُّ مشروع يبدأ فكرة ويصبح حقيقة مجسّدة على أرض الواقع، كلّما أحببتها وأعطيتها اعطتك نجاحًا.
هشام يطمح في الوصول للعالمية، والمشاركة بأعماله في معارض كبيرة يعرض من خلالها تراث فلسطين المصنوع من أخشاب زيتونها، وقطعًا ولدت في خياله ونطقت بين يديه.
وجود مهرجان التسوق الثالث على أرض جامعة النجاح فتح آفاقًا كثيرة للشباب والخريجين على وجه الخصوص لرؤية زوايا الاقتصاد وفرص العمل والأفكار والمشاريع الصغيرة منها والكبيرة، علّهم يجدون أنفسهم بين جنباتها، ثمّ وضعهم وجهًا لوجه أمام أصحاب الشركات ورؤوس الأموال في عملية تشبيك بين الجانبين الأكاديمي والعملي.
حين نقول نابلس نعني الأصالة والفخامة والتراث، نعني البلدة القديمة وسوق الخان الذي اتّخذ منه هشام مكانًا أضاف جمالية استقطبت السياح الذين يقصدون نابلس ويمرون على محلّه ليحملوا معهم هدايا تذكارية مصنوعة من زيتون بلادنا، بمهة الشباب نعمّر فلسطين.