غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - يصادف اليوم الذكرى الـ31، لاستشهاد القائد خليل الوزير "أبو جهاد" نائب القائد العام لقوات الثورة، مهندس الانتفاضة الأولى، الذي اغتاله "الموساد" الإسرائيلي في بيته بتونس، بقيادة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك.
خليل الوزير يعتبر أحد أكبر قيادات منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، الأمر الذي أحدث ضجة عارمة في الأراضي الفلسطينية والوطن العربي.
حيث قامت فرق 'كوماندوز' إسرائيلية، وصلت فجر السادس عشر من أبريل 1988، إلى شاطئ تونس، وتم إنزال 20 عنصرا مدربين من قوات وحدة 'سييريت ماتكال' من أربع سفن وغواصتين وزوارق مطاطية وطائرتين عموديتين للمساندة، لتنفيذ مهمة اغتيال 'أبو جهاد' على شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاجة.
واقتحمت إحدى الخلايا البيت بعد تسللها للمنطقة، وقتلت الحارس الثاني الشهيد نبيه سليمان قريشان، وتقدمت أخرى مسرعة للبحث عن الشهيد 'أبو جهاد'، فسمع ضجة في المنزل خلال انشغاله في خط كلماته الأخيرة على ورق كعادته، وكان يوجهها لقادة الانتفاضة.
وذهب وهو يرفع مسدسه ليستطلع الأمر، كما روت زوجته انتصار الوزير، وإذا بسبعين رصاصة تخترق جسده ويصبح في لحظات في عداد الشهداء ليتوج أميرا لشهداء فلسطين، علما بأن آخر كلمة خطتها يده هي (لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة).
محطات في حياة خليل الوزير
الشهيد القائد أبو جهاد، النموذج والمثال والرمز والقدوة، إبن مدينة الرملة، تم تهجيره وأسرته منها فكان من بين ضحايا عملية التطهير العرقي والطرد الجماعي الذي تعرض له شعبنا عام 1948
ولد خليل الوزير في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1935 في مدينة الرملة بفلسطين، والتي غادرها مع عائلته إلى مدينة غزة، عبر رام الله والخليل.
الدراسة والعمل
تلقى خليل الوزير تعليمه الابتدائي بإحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة غزة، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية سنة 1954.
بعد اعتداء القوات الإسرائيلية على قطاع غزة في 28 شباط/ فبراير 1955، رداً على عملية "زوهر" الفدائية، والذي سقط بنتيجته عشرات الشهداء والجرحى من المصريين والفلسطينيين، شارك خليل الوزير في قيادة المظاهرة الحاشدة التي انطلقت من مدرسة "فلسطين" الثانوية في مدينة غزة، ورفع المتظاهرون خلالها شعارات "جندونا تنقذونا"، "دربونا تسعفونا"، إلى جانب شعارات ترفض مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
التحق بكلية الآداب قسم الصحافة بجامعة الإسكندرية سنة 1955، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية، وانتقل في صيف سنة 1957 إلى السعودية للعمل مدرساً لمدة أشهر قليلة في مدينة القنفذة في منطقة عسير.
نضاله في الكويت
غادر السعودية إلى الكويت، في خريف سنة 1957، ليعمل مدرساً
اتفق خليل الوزير، في خريف سنة 1957، مع ياسر عرفات في الكويت على تأسيس تنظيم سري بهدف تحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح. وشارك الاثنان، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1959، في اجتماع عقد في شقة بالكويت، بحضور عدد من الشبان الفلسطينيين الذين قدموا من عدة بلدان عربية، أُعلن فيه عن تأسيس "حركة التحرير الوطني الفلسطيني" (فتح)، واختير عضواً في اللجنة المركزية الأولى للحركة، واستمر عضواً في هذه اللجنة حتى استشهاده.
أشرف على إصدار نشرة " نداء الحياة- فلسطيننا" في تشرين الأول/ أكتوبر 1959 في بيروت، والتي صارت تعكس مواقف حركة فتح.
شارك خليل الوزير، بين سنتي 1960 و1962، في تشكيل خلايا سريّة لحركة فتح في مدن الضفة الغربية لنهر الأردن، وساهم في شراء وتخزين السلاح لهذه الخلايا.
وفي عام 1963 غادر الكويت إلى الجزائر، حيث سمحت السلطات الجزائرية بافتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى مسؤولية ذلك المكتب، كما حصل خلال هذه المدة على إذن من الحكومة بالسماح لكوادر الحركة بالاشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر.
نضاله في دمشق
غادر الشهيد أبو جهاد الجزائر عام 1965 إلى دمشق، حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكُلف بالمسؤولية عن العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، وبخاصة بعد أن كان جناح حركة فتح العسكري، "قوات العاصفة"، نفذ في ليلة 31 كانون الأول/ ديسمبر 1964، أول عملية فدائية رمزية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948، في ممر مائي يحمل اسم "نفق عيلبون"، تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية وجرح جنديين إسرائيليين، واستشهد بنتيجتها أحد منفذي العملية وهو أحمد موسى سلامة.
اعتقل خليل الوزير، مع ياسر عرفات وعشرة من رفاقهما، لفترة قصيرة في دمشق في شباط/ فبراير 1966، بعد اتهامهم بالتسبب في مقتل الضابط الفلسطيني في الجيش السوري يوسف عرابي.
عند قيام إسرائيل بعدوانها على مصر وسورية والأردن، واحتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وصحراء سيناء في حزيران/ يونيو 1967، نظّم خليل الوزير عدة عمليات عسكرية ضد القوات الإسرائيلية في الجليل الأعلى في شمال فلسطين.
في إثر الصدامات العنيفة التي وقعت بين الفدائيين والجيش الأردني في أيلول/ سبتمبر 1970، والتي أسفرت عن خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن، انتقل خليل الوزير مع رفاقه إلى لبنان، وصار يتنقل ما بين بيروت ودمشق.
تولى مسؤولية التنظيم ثم الإعلام في حركة فتح، وأصبح عضواً في القيادة العامة لقوات العاصفة، ثم صار يشرف على نشاط تنظيم فتح داخل المناطق الفلسطينية المحتلة، المعروف باسم "القطاع الغربي"، وذلك بعد استشهاد كمال عدوان، مسؤول هذا القطاع، على يد وحدة عسكرية إسرائيلية تسللت سراً إلى بيروت في نيسان/ أبريل 1973.
انتخب خليل الوزير نائباً للقائد العام، ياسر عرفات، في المؤتمر الرابع لحركة فتح الذي عقد في دمشق في أيار/ مايو 1980.
في لبنان
كان له دور قيادي بارز في التصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان، في صيف سنة 1982، وفي معركة صمود القوات المشتركة الفلسطينية- اللبنانية في بيروت المحاصرة من قبل القوات الإسرائيلية.
تونس
بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، انتقل خليل الوزير، مع ياسر عرفات، إلى تونس، ثم عُيّن، سنة 1984، رئيساً للجانب الفلسطيني في اللجنة الأردنية- الفلسطينية المشتركة لدعم صمود الأرض المحتلة، وعمل على دعم مؤسسات المجتمع المدني وبناء التنظيم وأسس حركة "الشبيبة" الطلابية و"لجان المرأة للعمل الاجتماعي" ونقابات العمال في الأراضي المحتلة، وقام بدعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المجالات.
ترأس خليل الوزير وفد حركة فتح في جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، التي عقدت في عدن والجزائر في صيف 1984.
وانتقل بعدها إلى بغداد في صيف سنة 1986 بعد فشل خطة العمل المشترك الفلسطينية - الأردنية التي كان عرفات والملك حسين قد أتفقا بشأنها في شباط/ فبراير 1985.
من أقوال القائد أبو جهاد :
عندما قادت دلال المغربي أحدة العمليات الفدائية واستشهدت داخل الأرض المحتلة، قال ( كونوا خولة في الثبات , وكونوا دلالاً في الجهاد والفداء ) .
كما كان يردد قول خالد بن الوليد ( أن أمة يتدافع أبناءها للشهادة ،أمة لاتعرف الهزيمة)
تشييع جثمانه
دُفن 'أبو جهاد' في العشرين من أبريل 1988 في دمشق، في مسيرة حاشدة غصت بها شوارع المدينة، بينما لم يمنع حظر التجول الذي فرضه الاحتلال جماهير الأرض الفلسطينية المحتلة من تنظيم المسيرات الغاضبة والرمزية وفاء للشهيد الذي اغتيل وهو يتابع ملف الانتفاضة حتى الرمق الأخير.