نابلس - نهاد الطويل - النجاح الإخباري - يحبس المراقبون في الأردن كما في فلسطين أنفاسهم قلقًا من تداعيات نتائج انتخابات "الكنيست" وما سبقها من تصريحات تطبّق على ما تبقى من "حلم الدولة" الفلسطينية وقبل كل ذلك القرارات الأمريكية المتدحرجة نحو ما بات يطلق عليه إعلاميًّا وعمليًّا بـ"صفقة القرن" وسط تساؤلات شعبية فلسطينية وأردنية مشروعة حول الأوراق التي يملكها البلدين لمواجهة "الصفقة" سيئة السمعة وإفشال تمريرها.
المصري: لحظات مصيرية
في سياق متصل أكَّد رئيس الوزراء الأسبق العين طاهر المصري، أنَّ الأردن، يمتلك أوراقًا رئيسة في مواجهة الخطر الداهم، بعد انتخاب بنيامين نتنياهو للمرَّة الخامسة.
وبيَّن أنَّ أهمَّ هذه الأوراق الموقف الشعبي الأردني وبناء مؤسسات قويَّة تتحمَّل المسؤولية والوقوف بصلابة خلف موقف الملك الذي وصفه بـ"الرائع"، وعبَّر فيها من خلال "لاآته الثلاث" التي رفعها في وجه "صفقة القرن" وسط تشابه الظروف السياسية والاقتصادية، كذلك ورقة "معاهدة السلام الأردنية – الإسرائيلية" والتلويح بها كخيار استراتيجي بين (السلم أو الّا سلم) والتهديد بالغاء السلام.
وأشار المصري في تصريحات تناقلتها مواقع أردنية أنَّ الأردن وأمنه يواجه لحظات مصيرية حقيقية وليست كأيّ وقت مضى، وأنَّ الخطر "داهم" وسببه ناجم عن سياسات وخطط نتنياهو تجاه فلسطين والأردن.
محذِّرا من أنَّ نتنياهو سيقوم بتنفيذ ما تبقى من المشروع الصهيوني الذي بدأ في مدينة "بازل" السويسرية وسوف ينتقل إلى المرحلة الأخيرة، بالتهجير السكاني للفلسطينين وبناء الهيكل وتصفية القضية الفلسطنينية التي تجري منذ سنوات وهو ما خطَّطت له إسرائيل وحلفاؤها، حيث تراجعت أمريكا عن حقوق الإنسان والديمقراطية وانقلبت على كلِّ تلك القيم وذهبت إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وتقضي خطة نتنياهو بترحيل السكان الفلسطينين و"دون ضجة" كما فعلوا في احتلال فلسطين عام (48) ثمَّ (67) والمحاولة في معركة المعركة الكرامة (68) وأخيرًا الوصول إلى ضم الجولان العربي السوري المحتل بحجة حماية أمن إسرائيل.
إقرأ ايضا: لافروف: "صفقة القرن" طريق إلى العدم
مخاوف مشروعة
الكاتب والمحل السياسي المعروف ماهر أبو طير أشار في هذا الصدد إلى أنَّ الأردن أمام مفصل صعب "جدًا" وحسّاس وأنَّ إمكانية التجاوب مع الصفقة يبدو مستحيلًا ويزداد الوضع حساسيّة ارتباطًا بما يجري في الأردن.
وقال أبو طير في تعليق له: "إنَّ الأردن كما هو معروف لا يستطيع أن يتورَّط في مثل هذه الحلول".
مشدّدًا على أنَّ الأردن يراهن على أحزمة أمان ستقف في وجه هذه الصفقة وفي مقدِّمتها الرفض الفلسطيني والأوروبي لهذه الصفقة.
"رفض الأردن سيكون له كلفة كبيرة مثلما أنَّ قبوله بالصفقة سيكون له كلفة كبيرة أيضًا" أضاف أبو طير.
وردًّا على سؤال يتعلق بالسيناريو الأخطر الذي يواجه الأردن شدَّد أبو طير أنَّ السيناريو الأخطر يتعلَّق بالتهديدات الإسرائيلية بـ"ضم الضفة الغربية" وبالتالي تحويل المناطق الفلسطينية إلى "تجمعات سكانية" معزولة تقضي في نهاية المطاف على حلم الدولة الفلسطينية وبالتالي سيفتح المشكلة باتجاه الأردن، وسيكون مطلوبًا منها في هذه المرحلة القيام بدور وظيفي سياسي وخطير وهو ما يرفضه الأردن الرسمي والشعبي.
تطويع المنطقة
بدوره أكَّد الكاتب والخبير الاستراتيجي عامر السبايلة أنَّ المعركة هي معركة الأردنيين كما هي معركة أيضًا للفلسطينيين.
لافتًا لـ"النجاح الإخباري" إلى أنَّ كلَّ الحلول تأتي في سياق "السلام الاقتصادي" ولا أحد يرغب بطرح حلّ سياسي للملف الفلسطيني.
ورأى السبايلة أنَّه جرى تطويع كلَّ شعوب المنطقة والمحيط الفلسطيني بشقيه " الضفة الغربية وقطاع غزة" اقتصاديًا
ورجح السبايلة أن تكون "صفقة القرن" جاءت نتاج لسياسة دولية على مدار هذا القرن منذ الحرب العالمية وصولًا لهذه اللحظة.
مؤكّدًا أنَّ ما يطرح "هو تحوّل نحو التنمية في المنطقة ووضعها في زاوية "صفقة القرن" عبر بوابة السلام الاقتصادي".
إقرأ أيضا:مشهد مُتداخل بعُنوان “صفقة القرن” وتحذيرات من الخطوة المقبلة
"يجب ان يكون الأردن حذرًا جدًا انطلاقًا من السياسية الواقعية الأمريكية من خلال إعلان القدس "عاصمة لإسرائيل" وإعلان الجولان تحت السيادة الإسرائيلية ولاحقًا بعد الانتخابات الإسرائيل الذهاب إلى خطوة ضم الضفة الغربية وبالتالي تحمل تبعات كبيرة ومعقدة". أضاف السبايلة.
من جهته يشير الكاتب والمحلل السياسي إيهاب سلامة إلى أنَّ القبول المستبعد للأردن بصفقة ترامب، وفق أيّ من الصيغ المسربة عنها، له تبعات أمنية توازي السياسية خطورة.
لافتًا إلى أنَّ الأردن يترقب بأعلى مستوياته إفصاح الإدارة الأمريكية عما بات يعرف إعلاميًّا بـ"صفقة القرن" التي أصبحت قاب قوسين من الإعلان.
ووصف سلامة المشهد المقبل على المنطقة ببالغ التعقيد ما يتطلب الاستعداد والاستنفار له.
ورأى سلامة أنَّ قطع ساكن البيت الأبيض طريق التفاوض على ملفات الوضع النهائي، القدس، وحق العودة، واللاجئين، يعني حرفياً قبوله بتصفية القضية الفلسطينية.
وتفصيلا لما سبق، شدَّد سلامة على أنَّ تصفية القضية الفلسطينية ستقود لتوطين (2.2) مليون لاجىء فلسطيني، وضعفيهما من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية المهجرين من أراضي الضفة الغربية المحتلة سنة (67) ما يعني شطب حق العودة، والاعتراف لاحقاً بـ"يهودية إسرائيل"، والتسليم بمدينة القدس المحتلة عاصمة له.
وكان القاسم المشترك بين الأردن وفلسطين خلال الفترة الماضية يتعلق بتكثيف الاتصالات والتنسيق منذ بدء الحديث عن "صفقة القرن" فيما بينها رفض مخرجات هذه الصفقة، تمثَّلت بمقاطعة فلسطينية من قبل السلطة الفلسطينية والرئيس عباس لأيَّة اتصالات مع الجانب الأمريكي، ورفض أردني للضغوط الأمريكية ،عبَّر عنه الملك عبدالله الثاني في أكثر من زيارة إلى واشنطن ولقاءاته مع الإدارة الأمريكية، بإصراره على الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وإحقاق الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.