غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - توتر وقلق بات هو السائد والمسيطر على قلوب وعقول أهالي الأسرى، من اللحظة التي أعلن فيها الأسرى عن اضرابهم المفتوح عن الطعام، بعد رفض ادراة سجون الاحتلال تنفيذ مطالبهم المشروعة ، فبدأت الامهات والآباء يفكرون بحالة ابنائهم ،وكيف لهم أن يقاوموا حتى النهاية فلا يملكون ،شيئا سوى الدعاء ،ومشاركتهم الاضراب ،عبر فعاليات تحثهم على الصمود والصبر.
عائلة الأسير محمد المبحوح والذي يقضي حكما بالمؤبد ،لاشتراكه بعمليات المقاومة ،ومحاولة قتل اسرائيي محتل ، قلقة للغاية بما ستؤول عليه أوضاع الأسرى ،وخصوصاً أن ابنها الذي قضى في الأسر 10 سنوات ،هو يعاني من مرض السرطان، ولا يقدر على الصيام ،ولا يستطيع حتى مقاومة عنجهية المحتل الغاصب.
تجلس العائلة كل يوم اثنين أمام الصليب الأحمر في مدينة غزة ، للمطالبة بحقوق أبنائهم الأسرى ، تقول والدة محمد: "الإضراب عن الطعام هو خيار يصعب على أي أسير اتخاذه، لكن ثمنه الحرية ،وابني هو من بين المئات بل الآلاف من الأسرى الذين عانوا من ظلم السجان ، الاحتلال حاربهم وهم بين أهلهم وذويهم وفي أرضهم ،ويحاربهم وهو يعتقلهم ،بأن يضيق عليهم ،ويخنقهم وينتزع أبسط حقوقهم التي كفلها لهم القانون والمواثيق الدولية ."
وأضافت لمراسلة"النجاح الاخباري" نحن لن نترك أي فعالية أو فرصة يمكن أن توصل رسالتنا لأبنائنا بين الأسوار ،بأننا معهم ،وسنقاوم ما داموا يقاومون ، ولو كلفنا ذلك أرواحنا ."
ولفتت والدة الأسير أن الاحتلال يحاول أن يبث بعض الأخبار المسمومة والمدسوسة ،بأن أبناءهم داخل الأسر قطعوا الاضراب ، والحياة طبيعية داخل المعتقلات ،ولكنهم على يقين تام أن أبنائهم لن يتنازلوا عن حقوقهم فإما نصر أو شهادة .
وقالت :" لم أزر ابني منذ عامان ،ونحن محرومون من زيارته في سجن النقب الصحراوي ،وأأمل أن يثمر هذا الاضراب على رؤية ابني المريض خارجه،أو حتى داخله ،فقلبي يؤلمني كلما فكرت أنه مريض ،ويحتاج كل الدعم منا ولا يستطيع ذلك من وراء قوانين لا انسانية تمارس ضده."
شهادة وجع من أسير محرر
الأسير المحرر نبيل العسلي (44 عاما)، خاض اضرابا عن الطعام، وأمضى قرابة ال7سنوات في سجون الاحتلال، منها 4 سنوات في الاعتقال الإداري دون توجيه أي تهمه له.
يصف ل "النجاح الاخباري" :"إن خيار الإضراب عن الطعام صعب للغاية ،فالأسير لا يصل إلى هذا القرار إلا بعد انسداد كل الطرق في وجهه، فهو يعلم تماما أن أياماً من الجوع والعطش والضغط النفسي والجسدي سيتعرض لها في عزلة تامة داخل زنازين تحت الأرض".
ويضيف:" يتم نقل الأسير منذ لحظة إعلان الإضراب إلى الزنازين، ويعزل بشكل كامل، ويبدأ جسده بالهزلان ، وبعد الأسبوع الأول من الإضراب لا يستطيع الوقوف، ويدخل في مرحلة من التعب والتوتر الجسدي والنفسي وسط هذا كله."
وأوضح العسلي أن حلم الحرية أو تحقيق المطالب هو ما يفكر به الأسير في هذه المرحلة ،فهو لا يسمح لعقله أبداً أن يفكر بفشل الاضراب أو التراجع والخنوع جراء ممارسات وضغوطات الاحتلال عليه.
ويتابع :" بعد أن يدخل الأسير في مرحلة الاعياء التام وتبدأ أعضاءه بالتوقف جزئياً عن العمل ،يتم نقله إلى المستشفى ويبقى مقيداً في السرير وهو محروم من كل شيء، ويرفض المضربون عن الطعام تناول السكر او الملح ،فقط ما يتناولونه هو الماء ،وهو ما يحرمون منه هو ايضا فيما بعد ،لممارسة مزيد من الضغوطات النفسية عليه حتى يكسر اضرابه."
ابن الشهيد يساند ابن الأسير
وبكلمات ملؤها البراءة ،وحب الوالد ،وعشقه لحنان الأب الذي اشتاق لحضنه كثيراً،يقول آدم أبوحجير ابن الشهيد عماد الذي سقط شهيداً في مسيرات العودة ،ابن العشرة أعوام:" أنا الآن أشعر بماةيشعر به أبناء الأسرى ،فمعظمهم لم يرى والده منذ عشرات السنوات ، والبعض الآخر لم يشاهده أبداً ، والآخرون محكوم عليهم أن لن يروهم مرة أخرى ."
وتابع آدم حديثه البسيط مع "النجاح الاخباري" :" أنا الآن أشعر بفقدان العزوة والسند ،وقد حرمني الاحتلال من الحضن الدافئ ، وقلبي مع كل اطفال الأسرى القلقين على صحة آبائهم أو أمهاتهم ،وآمل أن يرونهم في القريب العاجل ، وعلى المجتمع أن يخرج بكل أطيافه لمساندة الأسرى ،وليس أهلهم فقط ،فهم قدموا ارواحهم وحياتهم فداءا لهم وللوطن مثل والدي تماما."
جدير بالذكر أن الأسرى في "معركة الكرامة 2"،قد دخلوا أياما على اضرابهم المفتوح عن الطعام ،حيث شرعت بها الهيئات القيادية للأسرى داخل السجون، بعد رفض إدارة السجون الاستجابة لمطالبهم.
وانضم للإضراب مئات الاسرى في عدة سجون تركزت في "النقب، وريمون، ونفحة، وايشل، وعوفر، وجلبوع، ومجدو".
وتجري مفاوضات غير مباشرة داخل السجون، وجهود مصرية ما تزال مستمرة للضغط على سلطات الاحتلال من أجل تحقيق مطالب الأسرى الحياتية.
ومن أبرز هذه المطالب التي يناضل من أجلها الاسرى في معركة الامعاء الخاوية هي:
إزالة أجهزة التشويش ، وتركيب هواتف عمومية في أقسام الأسرى، وإلغاء منع الزيارة المفروض على مئات من الأسرى، ورفع العقوبات الجماعية التي فرضتها إدارة المعتقلات على الأسرى منذ عام 2014، إضافة إلى العقوبات التي فرضتها في الآونة الأخيرة وتحديداً بعد عمليات القمع التي نُفذت بحق الأسرى في سجني "النقب الصحراوي، وعوفر"، وتوفير الشروط الإنسانية في ما يسمى (بالمعبار) (وهو محطة يمر بها الأسرى عند نقلهم من معتقل لآخر قد ينتظر فيه الأسير لأيام قبل نقله للسجن)، ونقل الأسيرات لقسم آخر تتوفر فيه ظروف إنسانية أفضل، وتحسين ظروف احتجاز الأسرى الأطفال، ووقف سياسة الإهمال الطبي وتقديم العلاج اللازم للمرضى، وكذلك للمصابين من الأسرى بعد الاعتداءات، وإنهاء سياسة العزل.