نابلس - شهناز ذياب - النجاح الإخباري - مستمرة وفاءً لزوجها، تجند حياتها خالصة لأبنائها، تعمل بجهد لتؤمن مستقبل أيتامها، بعد أن حوّلتهم رصاصة محتل غادر تحوَّلت إلى أيتام يشكون ظلم الاحتلال.
سلام ماضي "أم رامي" البالغة من العمر (39)عامًا، زوجة الشهيد خالد طه ماضي، تقبَّلت الواقع ووقفت تتحدى المصاعب لتُعِلّم وتربي أيتامها الأربعة وتضمن مستقبلهم، بعد أن أعدمت قوات الاحتلال زوجها بدم بارد أثناء اجتياحها لمدينة سلفيت بحجة مطاردة مطلوبين لديهم بتاريخ (8/3/2004 م).
تخرج من منزلها الساعة الخامسة صباحًا، لتستهدف مخبزها الذي تعمل به بيدها، تغمس يديها في طحين القمح لتصنع منه خبزاً شهياً مقبولاً لدى أهالي سلفيت، فخبزها ومناقيشها ذات مذاق خاص، إلى جانب صواني اللحمة، الكفتة، ومحمَّر البطاطا وأيّ وجبة غداء يطلبها الزبائن.
وفي المساء يستهدف الشبّان مخبز "ام رامي" لتوصيتها على وجباتهم المفضلة للعشاء، وتبقى مستمرة في العمل هي وابنها رامي البالغ من العمر (23) عامًا حتى الساعة الثانية عشر ليلًا.
وتقول أُم رامي لـ"النجاح الإخباري" بابتسامة ممزوجة بحزنها المكتوم، عِشت تحت جناح زوجي أجمل لحظات العمر، وحين رحل قرَّرت أن أقف على قدميّ؛ بعدما رأيت نفسي وحيدة مع أطفالي الأربعة.
وأضافت، "راتب الشهيد ما بطعمي خبز"، فمضيت اعتمد على قدراتي، وحاولت بعدّة أعمال أن أُلبي احتياجاتنا، فكنت أُعدّ الطعام في البيت بإمكانيات متواضعة، حتى قررّت بحمد الله أن افتتح مخبزاً لأنتج الخبز العربي والمناقيش والمعجنات، وأعدّ جميع أصناف الطعام للزبائن، وحقَّقت نجاحًا كبيرًا من خلاله بفضل الله".
وأكَّدت زوجة الشهيد الصابرة، أنَّها ستبقى مستمرة في عملها حتى تضمن مستقبل أولادها وتؤمنهم في منازلهم.
لم تستطع أم رامي قبض دموعها، حتى سقطت على وجنتيها لتكشف ما ألمَّ بها بعد استشهاد زوجها ونظرات جرح تروي قصة عذاب مريرة وأطفالها بعمر الزهور يحيطون بها ينشدون الأمان المفقود. تعجز الكلمات عن وصف الصبر والصمود لشابة في عمر الخامسة والعشربن استشهد زوجها وترك لها أربعة صغار( مريم 8 سنوات، رامي 6 سنوات، راني3 سنوات، طه 40 يومًا).
وواصلت أم رامي لـ"النجاح الإخباري"، " لم آخذ رأي أحد حين قرَّرت افتتاح مخبزي لأنني لم أر أيَّ شخص يقدَّم لي المساعدة المعنوية قبل المادية"، وأكَّدت على أنَّ مسؤوليتها كبيرة وأعباء الحياة لا تتوقف بل تتطلب الصمود والتحدي.
وشدَّدت زوجة الشهيد على أنَّها لم ولن تيأس، وستستمر في تكريس حياتها لبناء مستقبل أولادها.
وأكَّدت "أم رامي" على صعوبة السنه الأولى من استشهاد زوجها، وتابعت، "كنت اتخيل فقيدي قادم كلما قرع الجرس، وكنت أشعر بالخوف الشديد عندما يحلُّ الظلام فأنا وحيدة مع أبنائي لم نعتد أن يبتعد خالد عنا"، لكنَّها تأكدت من ضرورة إصرارها وثباتها واعتمادها على نفسها بدلًا من اليأس، فهي لم تكن وحدها التي فقدت زوجها شهيداً، لكنَّها نموذجًا قويًّا يحتذى به ربت أطفالها وحيدة وقامت بواجباتها كأم وأب في آن.