غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - كثيرة هي السلوكيات السيئة التي يمارسها الكبار، وتنتقل للصغار من خلال التقليد والمحاكاة، سواء من البيئة الحاضنة (الأسرة) أو من الشارع، والتي تمثل جريمة كبيرة إذا ما انتبهت لها الأسرة، والمدرسة، ولعلَّ أبشعها سبّ الذات الإلهية في العديد من المجتمعات المسلمة، والذي يعدُّ جرمًا كبيرًا يخرج المسلم من دينه إذا ما قام بفعل هذا السلوك.
ولخطورة الموضوع على الأطفال والكبار معاً، أوضح الشيخ منتصر عوّاد أستاذ الشريعة لـ"النجاح الإخباري"، أنَّ سبَّ الذات الإلهية والدين من أعظم الكبائر ومن أعظم المنكرات، وهذان الأمران من أعظم نواقض الإسلام ومن أسباب الردَّة عن الإسلام، فإذا كان من سبَّ الرب سبحانه أو سب الدين ينتسب للإسلام، فإنَّه يكون مرتدًا، وكافرًا يستتاب، إن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر في البلد، وقال بعض أهل العلم: إنَّه لا يستتاب بل يقتل؛ لأنَّ جريمته عظيمة، ولكن الأرجح هو أنَّه يستتاب لعل الله يمن عليه بالهداية، فيلتزم الحق و ضرورة تعزيره.
وأكَّد عواد على أنَّه ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذا، وهو الصواب الذي قاله جمع من العلم تعزيره، ولو استتبناه وقبلنا توبته، لكن يعزر عن إجرامه العظيم وإقدامه على هذه الكبيرة العظيمة.
وأوضح أقول آخرين: "لا يستتاب بل يقتل بكلِّ حال وهو قول قوي، لكن استتابته اليوم أولى إن شاء الله، مع التأديب المناسب، والسجن المناسب حتى لا يعود إلى هذا المنكر، قال الله سبحانه: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ".
كيف يتوب؟
ودعا عواد من أراد التوبة من معصية السبّ أن لا ييأس من رحمة الله ومغفرته، فالله عز
و جل وعد التائب من الكفر والقتل والزنا بالتوبة والقبول، وهؤلاء أمهات المعاصي: ( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ، وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ).
الجانب الأسري والتربوي
من جانبه، وتعقيبًا على الموضوع، أوضح الأستاذ ناجي سمعان أستاذ التربية لـ "النجاح الإخباري" أنَّ السبب الرئيس الذي يدفع الطفل إلى سبِّ الذات الإلهية هو "المحاكاة"، وتقليد الكبار سنًّا "سواء من أقربائه أو حتى المارين في الشارع"، قائلاً :"من المستحيل أن يتعلم الطفل سلوكاً كالذي نتحدث عنه من بيئته المدرسية، نظرًا لدورها التربوي الملقى على عاتقها في تهذيب الأطفال وتحسين سلوكهم".
وأشار إلى دور الأسرة في دعم الوازع الديني لدى أطفالها من خلال تعزيز تعاليم الدين الإسلامي وتكوين منظومة ثقافية ودينية مطلعة على كلِّ الأضرار التي تسبّبها الدخائل الغربية على الثقافة التربوية الإسلامية.
لافتاً إلى أهمية "التعزيز المادي والمعنوي" من جهة الأسرة أو المسجد في تعزيز السلوكيات الحسنة والإيجابية، وإصلاح الجوانب السلبية "والأهم من ذلك كلّه محاولة الأهل الوصول إلى المصدر الذي جلب منه ابنهم هذه الألفاظ التي تسيء للدين وللمسلمين بشكلٍ عام".
وأكَّد سمعان على ضرورة التوجيه والإرشاد حيث إنَّ المهمة الأساسية هي "تأديب" هذه الأجيال الناشئة، منوّهًا إلى ضرورة الابتعاد أثناء عقاب الطفل عن العنف، مستدركًا: "بل بالعقلانية والتروي حيث إنَّهما الطابع الأساسي لأيّ حلول جذريَّة يمكن أن تصل إليها الأسرة في تعديل سلوكيات أبنائها".
وحذّر من مغبة التأخر في علاج الطفل الذي يتمادى في الإساءة إلى الله سبحانه وتعالى، خوفاً من أن يصعب علاجه فيما بعد، مشدِّدًا على دور الإعلام الرئيس في تثبيت العديد من الأفكار الإيجابية أو السلبية في فكر الطفل ومنظومته الثقافية، الأمر الذي يعني ضرورة التنويه لهذه الأخلاقيات، والعمل على تدعيم الخلق الحسن من خلال الخطة البرامجية والمحتوى المبثوث.
وسردت عدَّة أمهات لسلوك أبنائهم الأطفال وكيف تعلموا سبَّ الذات الالهية والدين من الشارع وأولياء أمورهم، وكيف تمَّت السيطرة على الأمر وتعزير أبناءهم بأنَّ هذا السلوك خط أحمر. وأشرن إلى ضرورة عدم التغاضي والتهاون مع الأبناء في حال بدر منهم هذا السلوك.