غزة - عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - دعوات كثيرة وجهتها العديد من الدول الإقليمية والدولية للفصائل الفلسطينية، في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من أهمية كبيرة على مستوى الشرق الأوسط، سيما ما يشهده الوضع الداخلي الفلسطيني من انقسام ما زال مستمراً منذ أكثر من 12 عاماً، بالاضافة الى القرارات الامريكية المجحفة بالقضية الفلسطينية.
آخر هذه الدعوات كان من العاصمة الروسية "موسكو" التي وجهت للفصائل دعوة رسمية، من بينها فتح وحماس، في ظل ترحيب فصائلي كبيرة لهذه الدعوة، وسط آمال بأن تنجح تلك اللقاءات بتقليص الخلاف وصولاً إلى إنهاء الانقسام.
مآرب وأهداف عديدة للروس من هذه الدعوة، فبحسب محللين سياسيين، فإن روسيا تحاول ان تستثمر نجاحاتها وانجازاتها في المنطقة لزيادة نفوذها في الشرق الأوسط، مشددين على أن روسيا تحاول إيصال رسائل للولايات المتحدة وإسرائيل من خلال توجيهها دعوة للفلسطينيين للتوجه إليها.
أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أكد أن هناك لقاء سيجمع الفصائل الفلسطينية الشهر الجاري في العاصمة الروسية موسكو.
وقال مجدلاني لـ "النجاح الاخباري": لدينا حوار في موسكو في 10 فبراير من الشهر الجاري، لبحث العديد من القضايا مع الفصائل والقوى الفلسطينية بما فيها حركتي "فتح وحماس"، لافتاً إلى أن الروس سيبذلون جهوداً حثيثة من أجل قطع الطريق لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.
ملفات عديدة
المحلل السياسي، د. مخيمر أبو سعدة- أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أوضح أن ما سيتم تناوله على طاولة موسكو ملف المصالحة الفلسطينية وحالة التراجع التي تشهدها القضية الوطنية الفلسطينية بسبب التغول الأمريكي والإسرائيلي.
وقال أبو سعدة لـ"النجاح الاخباري": "إن ما قامت به الإدارة الامريكية من إجراءات من اعتراف بالقدس ونقل السفارة ووقف تمويل وكالة الغوث، وقطع العلاقة مع الولايات المتحدة سيكون حاضراً أيضاً في موسكو".
وأضاف أن هذه المجريات تركت الباب مفتوحاً أمام روسيا لأن تكون لاعباً أساسياً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حتى على الوضع الفلسطيني الداخلي والمصالحة هذه النقطة الأساسية"، معرباً عن عدم تفاؤله من أن تحدث موسكو اختراقا في ملف المصالحة بالرغم مما تتمتع به من ثقل دولي واقليمي.
وأشار أبو سعدة إلى أن ملف المصالحة الفلسطينية لا يتوقف على دور الوسيط سواء كان مصريا أو قطريا أو روسيا، الموضوع يتعلق بالدرجة الأولى بالأطراف الفلسطينية، مشدداً على ضرورة وجود نية لدى حركتي فتح وحماس وثقة متبادلة لتحقيقها.
وبيّن أن الإجراءات التي حصلت على مدار الـ12 عاما الماضية وصلت الشعب الفلسطيني إلى نقطة اللاعودة للحديث عن مصالحة فلسطينية حقيقية، وفق تعبيره.
وكان مصدر دبلوماسي روسي كشف بأن الحوارات التي دعت إليها موسكو بين الفصائل الفلسطينية تهدف إلى "إيجاد أرضية جدية لتقليص مساحة الخلافات، ومحاولة الخروج بنتائج تدعم الحوار الوطني الداخلي".
أهداف كثيرة
في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي، محسن أبو رمضان أن لروسيا أهداف ومآرب كثيرة في دعوتها للفصائل الفلسطينية، مبيّناً أنها تريد أن تستثمر ذلك في أن يكون لها نفوذ بالعديد من البلدان في الإقليم، خصوصاً وأن القضية الفلسطينية ما زالت قضية محورية ومهمة في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب تحليل أبو رمضان لـ"النجاح الاخباري" فإن روسيا تتميز بعلاقات إيجابية مع كافة الفصائل الفلسطينية في المجتمع الفلسطيني لأنها تاريخياً دعمت حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال وتقرير المصير والعودة وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن اللقاء الذي سيجمع الفصائل في موسكو يأتي في ضوء ملفات صعبة على مستوى الجبهة الداخلية الفلسطينية، مستدركاً "لكن روسيا بحكم الاحترام الذي تحظى به من كافة الأطراف ممكن ان تلعب في توفير مناخات وأجواء أفضل من الراهنة خصوصاً بين حماس وفتح".
ومن وجهة نظر المحلل أبو رمضان فإن الأمور أعقد بكثير نتيجة حدة الاحتقان الكبيرة بين فتح وحماس الفترة الراهنة، لافتاً إلى أن الروس قد يساهمون في اختراق بعض الأشياء في مجال تنقية الأجواء ووقف التراشقات الإعلامية بين الطرفين.
واستدرك " لكن لا أعتقد نتيجة حدة الاحتقان الكبيرة بين فتح وحماس أن تساهم في التوافق على المصالحة الفلسطينية لأن هذا منوط بإرادة الطرفين وإرادة الطرفين بعد أكثر من 12 عام غير متوفرة بل تميل أكثر من مزيد من أخذ القرارات الفردية".
رسالة لأمريكا وإسرائيل
ومن زاوية أخرى، قال أبو رمضان أن روسيا بعد الاختراقات والخطوات الملموسة التي حققتها في سوريا لم تعد كما السابق، فهي لا تريد أن تخلي الساحة بالمطلق للولايات المتحدة، منوهاً إلى أن روسيا في هذه الدعوة تريد أن توصل رسالة لإسرائيل والولايات المتحدة بانهم ليسوا اللاعبين الوحيدين في الشرق الأوسط.
ويضيف " الجانب الثاني تريد أن توصل رسالة لإسرائيل التي تشارك روسيا في سوريا من خلال استهدافها لإيران او مناطق معينة.. أننا نستطيع ان نؤثر في الملعب الداخلي الإسرائيلي من خلال تقوية الموقف الفلسطيني من خلال تحقيق المصالحة الوحدة الفلسطينية".
وبيّن أنه قد يكون لدى روسيا نية في اللعب على ملف عملية التسوية خصوصاً وأن الولايات المتحدة فشلت في إدارة عملية التسوية والمفاوضات ومن الممكن ان تستجيب إسرائيل على مقترحات روسية أكثر قدرة على الترجمة الواقعية من الاختراقات الامريكية في العملية السلمية من خلال الإدارة الامريكية تضمن الاستقرار والامن ومصالح الأطراف.