نابلس - خاص - النجاح الإخباري - فتح برنامج "زاوية حرجة" على إذاعة صوت النجاح في نابلس ملف الشيكات المرتجعة في البنوك المحليَّة بعد وصولها العام الماضي لمستويات قياسية فاقمت الظاهرة في مؤشر يصفه المراقبون بـ"الخطير".
أسباب الظاهرة
بدوره قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية طارق الحاج، إنَّ تنامي ظاهرة الشيكات المرتجعة يعود إلى عدَّة عوامل أهمها الركود وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية؛ فضعف الإنفاق من قبل المواطنين على شراء السلع يؤدي إلى انعدام السيولة لدى التجار، وبذلك لا يستطيع التاجر أو المواطن تغطية الشيكات الواردة في حساباته الخاصة في البنوك.
وأكَّد الحاج على أنَّ ارتفاع وتيرة الشيكات المرتجعة يعطي انطباعًا سلبيًّا عن مسار النشاط الاقتصادي داخل أيّ دولة.
واعتبر الحاج أنَّ ذلك يعكس صورة واضحة لجهة ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين داخل الاقتصاد.
وبحسب الحاج فإنَّ قيمة الشيكات المرتجعة في السوق المحلي اقتربت، من الوصول إلى مليار دولار، خلال العام (2018) مقارنة بالعام (2017) الذي بلغت الشيكات المرتجعة فيه(1.153) مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ القطاع المصرفي الفلسطيني.
وتوقَّع الحاج أن تذهب سلطة النقد والمؤسسات المصرفية الفلسطينية إلى مزيد من تشديد إجراءات وأسباب الحصول على دفاتر الشيكات.
ومن ضمن الإجراءات التي بدأت سلطة النقد القيام بها خلال الفترة الماضية، وتنوي استكمالها خلال الفترة المقبلة عدَّة آليات تدخّل، تقوم على خفض التسويات الرضائية، وتعديل عدد أوراق الشيكات المعادة والخاضعة للتصنيف.
ومن ضمن الإجراءات، خفض الفترة القانونية المعتمَّدة لغايات تسديد الشيك المعاد، وتحديد سقوف للشيكات الشخصية والشركات.
وتحديد سقوف للشيكات الشخصية، يعني أنَّه لا يمكن للفرد كتابة ورقة شيك تزيد قيمتها عن (2000) شيكل على سبيل المثال.
وبحسب الحاج واستنادًا على بيانات منشورة على موقع سلطة النقد الفلسطينية، بلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة (935) مليون دولار، في أوَّل (10) شهور من العام الجاري.
وبيَّن الحاج أنَّ الأمر لا يقتصر على التأثير المادي فحسب.
"فالجهاز المصرفي لا يضمُّ فقط بنوك وقوانين الجهاز بل يضم أنظمة وتعليمات مؤسسات وبالتالي الثقة في الجهاز المصرفي سوف تتراجع إذا كانت قيمة الشيكات المرتجعة بقيمة عالية كما ذكرنا سالفًا". أضاف الحاج.
وأشار إلى أنَّ الأخطر من ذلك تأثير تنامي هذه الظاهرة على النسيج الاجتماعي على اعتبار أنَّ هذه الشيكات عبارة عن ودائع للأفراد الطبيعين والاعتباريين وهذا يخلق الكثير من المشاكل الاجتماعية.
وأرقام الشيكات المرتجعة، هي فقط التي تتم عبر المقاصة الفلسطينية، أي لا تشمل الشيكات المرتجعة داخل الفروع، أو المقاصة مع دولة الاحتلال.
وفي (أكتوبر/ تشرين أوَّل الماضي)، تراجعت وتيرة الشيكات المرتجعة بنسبة (32.2%) على أساس سنويّ، إلى (102.33) مليون دولار، نزولًا من (150.7) مليون دولار في أكتوبر (2017).
وتدريجيًّا بدأت وتيرة نمو الشيكات المرتجعة في السوق الفلسطينية، تتراجع، بفعل إجراءات لسلطة النقد الفلسطينية، مرتبطة بأنظمة الاستعلام، وأخرى شدَّدت من حصول العملاء على دفاتر الشيكات.
ويبلغ عدد البنوك العاملة في فلسطين، حتى نهاية النصف الأوَّل من العام الجاري (14) بنكاً، منها (7) بنوك محليَّة و(7) بنوك وافدة، موزعة بين (6) بنوك أردنية وبنك مصري واحد.
وقبل عدَّة سنوات، أعادت سلطة النقد الفلسطينية، القيمة الاعتبارية والنقدية لورقة الشيك البنكي، بإطلاق نظام تصنيفات يفرض ضوابط وعقوبات على متداولي الشيكات البنكية بدون رصيد.
ويفرض النظام، عقوبات تصل إلى وقف إصدار أية شيكات للمتداولين الذين لا تصرف شيكاتهم نتيجة عدم توفر الرصيد، وتعزيز النظام القضائي بحق المخالفين.
وقالت سلطة النقد إنَّها ستتشدَّد في منح دفاتر شيكات للأقارب من الدرجة الأولى للعملاء المصنفين على النظام، إضافة إلى تعديل قانون المصارف، وتعزيز الإجراءات القضائية.
وصعدت الشيكات المقدَّمة للتقاص (الصرف)، خلال العام الماضي بنسبة (19%) صعودًا من (12.69) مليار دولار في العام السابق له (2016).
وجاء في البيانات، أنَّ إجمالي عدد الشيكات المقدَّمة للصرف خلال العام الماضي، (6.375) ملايين ورقة.
ومعروف أنَّ القانون المطبَّق على هذه الوقوع في مشكلة(الشيك المرتجع) هو الأمر العسكري رقمه (890) - لسنة (1982) أيضًا قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام (1960) وعقوبته رادعة تصل لـ (10) الاف شيكل غرامة أو أربعة أضعاف قيمة الشيك أو الحبس. لكن القضاة في فلسطين يلجأون لإصدار العقوبة بحدّها الأدنى وغالبًا ما تكون الحبس ثلاثة شهور، ومن ثمَّ استبدال المدَّة بغرامة بواقع نصف دينار عن كلِّ يوم.
كما أنَّ العشرات من الأشخاص بدأوا يلتفون على شروط سلطة النقد بالدفع بابنائهم وزوجاتهم للتقدَّم للحصول على دفاتر للشيكات ومواصلة نفس السيناريو السابق بتقديم شيكات بلا رصيد وهذا يسبِّب ضررًا كبيرًا للاقتصاد الفلسطيني.