نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - بخلاف قاعدة كلما زاد الطلب انخفض السعر معادلة خارجة عن المألوف بحاجة إلى فهم أعمق، فالمواطن يشكو ارتفاع الأسعار والمطور العقاري يشكو ضعف الإقبال.
بحث برنامج "زوايا حرجة" عبر إذاعة "صوت النجاح" ويقدمه الزميل بشار دراغمة ملف التطوير العقاري في مدينة نابلس.
وحول الموضوع قال خبير التطوير العقاري خالد سلهب: "هناك جمود وتراجع كبير في الإقبال على شراء العقارات بنسبة (50%) وهو مؤشر خطير جدًا".
وعن الأسباب أوضح سلهب أنَّ الحالة النفسيَّة، والخوف من الوضع الاقتصادي التي يشهدها المواطن الفلسطيني، عوامل تؤثر على قراراتهم في شراء العقارات، خاصة الشقق التي تعتبر اقتصاديًّا سلعة مرنة تتأثر بأيّ تغير سياسي واقتصادي بسرعة كبيرة جدًا.
ثمَّ إنَّ أسبابًا أخرى تلعب في معايير هذه المعادلة كالارتفاع الحادّ في أسعار العقارات كالأراضي، من (4- 5) أضعاف خلال العشرة أعوام السابقة في حدود مدينة نابلس، وارتفاع تكاليف البناء، على صعيد المواد والأيدي العاملة، التي توجَّهت للعمل في أسرائيل لارتفاع الأجور فيها، وكذلك إجراءات في المعاملات من تراخيص في البلديات والدفاع المدني والسلامة العامّة ومن التغيرات.
وأوضح سلهب أنّه كان يسمح ببناء (5000) متر على دونم مربع، أمّا الآن فمسموح فقط بـ(3000) متر، ما شأنه رفع سعر الوحدات السكنية.
وتطرّق للحديث عن قانون السلامة العامّة الفلسطيني، المطبّق حديثًا وقد تبنى القانون الأردني دون مرونة في التعاطي أو مراعاة الأولويات، والذي يفرض أسس السلامة العامة على العقارات والعمارات، وبين سلهب أنَّ السلامة العامة مطلب أساس إلا أنَّ التشديد فيه يؤتي نتائج عكسيَّة، "نحتاج أن يكون سلم أولويات بدءًا بالمستودعات والمصانع ثمَّ المجمعات السكنيَّة".
وأشار إلى أنَّه يجب أن تعتمد المشاريع العقارية والاستثمارية على دراسات ناضجة شاملة ومعلومات دقيقة وأرقام، من خلال مراكز دراسات وأبحاث معتمدة قادرة على ترشيح المشاريع وتوجيهها على كلِّ القطاعات.
وبيّن أنَّ المسؤولية تقع على عاتق المطور العقاري والمواطن نفسه وأصحاب رؤوس الأموال وحتى البنوك وإجراءاتها التشديدية التي كان لها دور في تباطؤ عملية شراء العقارات في مدينة نابلس.
كما أنَّ نسبة استثمار المغتربين في دول الخليج تحديدًا في انخفاض بسبب التغيّر الطارئ على دخلهم والمستوى الاقتصادي العام في الخليج، ما أثّر على قطاع العقارات هنا.
يُضاف إلى كلّ ذلك الوضع السياسي والتقسيمات إذ لها دور كبير، وأشار إلى مشكلة هيكلة البناء في مدينة نابلس وهو خطأ من البلدية حيث يتم تصنيف المناطق السكنية إلى ( أ، ب، ج) حسب طبيعة البناء، وقد عالجت البلدية الموضوع بطريقة خاطئة حين اعتمدت كلّ المناطق الجديدة مناطق سكنية (أ)، في حين تزداد الحاجة للتنويع في المناطق السكنية لإرضاء جميع الشرائع.
وجهة نظر أخرى
وكان للخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية، طارق الحاج وجهة نظر أخرى، قال فيها: "من منظور اقتصادي ينظر لقطاع العقارات بعين الأهمية، ويتحكم فيه ثلاثة أطراف أساسية، المستثمر، واللمؤسسات المشرفة والمواطن" وأشار إلى أنَّ بعض المستثمرين توارث المهنة، وبعضهم دخلاء لا يعرفون خباياها، فعكس التنافس بينهم صورة مشوَّشة بقطاع العقارات خاصة السكنية، بالإضافة إلى الطمع في الأرباح التي تصل في بعض الأحيان نسبة (200%).
وأكَّد الحاج على أنَّ المواطن الفلسطيني مسؤول أيضًا، والذي أصبح على دراية بكل شاردة وواردة فيما يخص الاقتصاد والعقارات ولم يعد غشيمًا كما السابق، وكذلك السلطات الرقابية كالبلديات التي ترخص العقارات على علاتها ومخالفاتها، جعلت الناس ينفرون من الشقق ومشكلاتها بحسب الحاج.
فيما ردَّ سلهب بأنَّ الانتقاد سهل، وأرجع الأسباب في أساسها للاحتلال، الذي يفرض قيودًا على التوسع والعمران، و أنَّ المنافسة مشروعة في عالم التجارة.
في حين احتج طارق الحاج بأنَّ بعض أصحاب رؤوس الأموال لايستثمرون في القطاع العقاريبل هدف البعض منهم تبييض الأموال على حساب العقارات.
مؤكّدًا في الوقت ذاته على أنَّ هناك كم من الشقق المعروضة للبيع يصل الآلاف في مدينة نابلس، هناك حاجة للشراء مع عدم القدرة عليه.
وبيّن أنَّ رغبة الناس في البعد عن مناطق الاكتظاظ أدَّى لكساد بعض الشقق، وعليه يقع على عاتق البلديات خلق بنيَّة تحتية جيدة تضمن إطالة عمر الإقبال على المناطق، وخلق عوامل جذب للمواطن الفلسطيني.
وشدَّد الحاج على سوء وضع العقارات التي يسعى أصحابها للربح دون مراعاة عوامل راحة السكان، ثم إنَّ غياب التخطيط الاسترايجي من قبل البلديات، ورفع المستثمرين لمستوى الربح، وعدم تقبل المواطن الفلسطيني لفكرة الشقق أدَّى لهذه الإشكالية.
وألمح الحاج، إلى الأراضي في رؤوس الجبال التي تشترى وتهمل بالقرب من مدينة نابلس، في حين تمتد المستعمرات بصورة سريعة، ما يدعو لاتّخاذ خطوات جديّة على صعيد العقارات والاستثمارات المدروسة.