نهاد الطويل - النجاح الإخباري - يودع عام 2018 السوريين بسيناريو معقد مع استعداد القوات الاميركية لمغادرة البلاد وتأهب كل من النظام السوري وتركيا لملء الفراغ الأميركي، فيما جددت دولة الاحتلال الاسرائيلي عملياتها لتقويض النفوذ الايراني في عمق.
سيناريو اخر أطل برأسه مع اقتراب دخول عام 2019 وهو عودة العرب إلى الشام وفك العزلة وعودة التقارب وفتح كل الأبواب المغلقة.
فقبل أيام حطت طائرة سورية في مطار "المنستير" بتونس، لتكون الأولى منذ قطع الحكومة التونسية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق بُعيد اندلاع الأزمة السورية قبل نحو ثماني سنوات.
قبلها كان الرئيس السوري بشار الأسد يستقبل في مطار دمشق الدولي الرئيس السوداني عمر البشير في أول زيارة لرئيس عربي يطأ أرض الشام، وبعدها فتحت دولة الإمارات العربية سفارتها في دمشق، وقبل كل ذلك كان وزير خارجية البحرين يجتمع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في أيلول الماضي.
وهنا ثمة من يرى أن سوريا في عامها الجديد لن تكون كسوريا في العام 2011 عندما انطلقت شرارة الحرب الأهلية أو كما يسميها كثيرون "الكأس المرة".
وأكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني بلال العبويني أن يكون عام بدء إعمار الخراب الذي خلفته الأزمة والتي ساهمت فيه دول عربية عبر دعمها للجماعات المسلحة التي عاثت في سوريا فسادا وإجراما إلى أن تمكنت الدولة السورية عبر حليفها القوي روسيا من الحفاظ على وحدة الأرض السورية وهزيمة المجموعات المسلحة والإرهابية.
ورجح الكتاب العبويني لـ"النجاح الإخباري" أن تتوالى السفارات العربية فتح أبوابها في دمشق.
وسط توقعات بأن تتوالى السفارات العربية فتح أبوابها في دمشق، ومن شبه المؤكد أن تعود الدولة السورية لتشغل مقعدها في الجامعة العربية وأن تكون حاضرة في مؤتمر القمة العربية الذي من المقرر أن ينعقد في تونس في شهر آذار / مارس المقبل.
ولفت العبويني الى أن بوادر التغيير في المشهد العربي تجاه سوريا بدأت قبل أن أن يدخل العام الجديد.
وربط العبويني بين مؤشرات ما سبق بما جرى من تغييرات على الساحة السعودية قبل أيام،لجهة التعديل الذي طرأ على حقيبة وزارة الخارجية السعودية بتحييد عادل الجبير عن حقيبة الخارجية، بالتغيرات المرتقبة في الموقف السعودي من الملف السوري، وهو ما لا ينسجم مع استمرار حمل الجبير لملف الخارجية وهو الذي كرر مرارا وتكرارا تصريحه بضرورة تغيير النظام السوري وتحييد الرئيس بشار الأسد عن مستقبل سوريا.
بموازة ذلك يقول المراقبون إن كسب وُدَ دمشق والرغبة في إعادتها إلى حضن الجامعة العربية يبدو نوعا من التكتيك الآني لسحب البساط من تحت إيران مع رغبة مُلحَةٍ من بعض الدول في أن تكون تلك الخطوة استراتيجية لما فيها من منافع سياسة واقتصادية لسوريا ولباقي الدول العربية وخصوصاً فيما يتعلق بإعادة الإعمار التي من المرجح أن تصل إلى 450 مليار دولار.
وتأتي هذه المحطات من ضمن سياق سياسي واسع لإعادة الاعتبار إلى دور سوريا وموقعها في الإقليم، ويُضاف إليها زيارات رئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك إلى مصر والسعودية وعُمان، التي زارها أيضاً وزير الخارجية وليد المعلّم. فضلاً عن الجهود الروسية المبذولة، من أجل عقد لقاء بين الرئيسين بشار الأسد وعبد الفتاح السيسي، في خطوة "معنوية" كبيرة، تُعيد تعبيد طريق سوريا إلى جامعة الدول العربية.
وعلى أية حال عودة العرب إلى سوريا لن تكون ذات معنى إلا إذا بدأ مشروع إعادة الاعمار لبلد حطمته الحرب وشردت شعبه وجعلته يحتل الصدارة في قائمة البلدان المنكوبة ويحتاج إلى فعل أكبر من العلاقات الدبلوماسية.