نابلس - خاص - النجاح الإخباري - أخطاء طبيّة كثيرة حصلت في فلسطين كان ضحيتها العديد من المرضى والكثير من اللوم من قبل الأهل المفجوعين، فهل هذا اللوم محق، ومن يحمي أو يلاحق الطبيب في حال وجود خطأ ما.
ضحايا بالجملة
فمنذ تسع سنوات، وحتى اليوم والشابة مرام خضر (26) عاماً، تعاني جراء خطأ طبي.
تقول مرام لـ"النجاح الاخباري": البداية كانت عندما دخلت المستشفى بسبب ألم شديد في البطن، وبعد اجراء الفحوصات تبين انها الزائدة الدودية، وتم ادخالي لغرفة العمليات، وفي اليوم التالي شعرت بألم شديد وكنت متأكدة ان هناك شيئاً غريباً قد حدث، ولكن قيل لي أن هذا الامر طبيعي ويحدث مع جميع المرضى، بفعل العملية".
وتابعت:" عندما أقترب موعد المراجعة "ازالة الغرز" انتبهت ان الجرح لم يلتئم وشعرت بخروج شيء من بطني وأكتشفت ان العملية قد "تعفنت" وتوجهت بعد ذلك للطبيب، لأتفاجئ بأنه اخرج "الشاش الطبي" من بطني، ومع ذلك بقيت أشعر بثقل وعدم قدرة على الحركة، وتوجهت للطبيب مرة اخرى وفي كل يوم كان يخرج المزيد من "الشاش"، وفي الوقت نفسه لم يكن مكان العملية قد إلتأم".
وأضاف الشابة": راجعت المستشفى وواجهتهم بما حدث معي، وكانت اجابتهم ان هذا الامر مستحيل، حتى انهم اتهمني بأنني من اقوم بوضع الشاش في مكان العملية، وحتى اليوم انا اعاني من مضاعفات والتصاقات، وتم فتح مكان العملية ثلاث مرات بسبب هذا الخطأ الطبي، وفي كل مرة اراجع المستشفى، يقولون لي بأن وضعي الصحي ممتاز، وفي اخر مرة قال لي أحد الاطباء انتي بحاجة لمراجعة طبيب نفسي".
قصة رغد
بدورها تحدثت السيدة رغد الوادي، لـ"النجاح الاخباري" عن تجربتها التي لم تقل ألماً عمن سبقتها.
تقول الوادي:" اموري كانت طبيعية كأي سيدة حامل بالشهر التاسع، تعرضت لتطورات الولادة وتوجهت للمستشفى، كان هناك طبيب واحد فقط، في القسم وكان هناك أكثر من حالة ولادة، تم إعطائي، حقنة مسكنة، للألم في الظهر، وكان الطبيب يذهب لفترات طويلة ومن ثم يعود، وفي المرة الاخيرة التي عاد فيها لمعاينتي، شعرت بأنه قد ارتبك، وسألتهم عما يحدث، قالوا ان الامور طبيعية".
وتابعت:" قرر الطبيب ان تتم الولادة بصورة طبيعية، دون الحاجة لاجراء عملية، وبدون وجود طبيب أطفال وبدون اي تحضيرات، وبعد ذلك سألتهم عن وضع الطفلة، التي لم أسمع صوتها عند اجراء عملية الولادة، أكدوا ان الامور طبيعية، ليتم ابلاغنا بعد (15) ساعة ان الطفلة توفيت".
وأكدت الوادي أنها فقدت طفلتها نتيجة خطأ طبي، سبب حدث نقص حاد بالاكسجين، وان الطفلة لو بقيت على قيد الحياة، كانت ستعيش مع إعاقة دائمة".
الطفل نمر: قصة تدمي القلب
والدة الطفل سيف غريب نمر نجم، تتحدث هي الأخرى بكل ألم عن حالة طفلها الذي لم تراه منذ ولادته، كما تتمنى أي ام ان تعيش مع طفلها، بشكل طبيعي.
وأضافت :" كنت اتعالج من التهاب بحوض الكلى عندما كنت حاملاً بالشهر الخامس، ونفس الاطباء اشرفوا على ولادتي، بتاريخ (7/10/2018) توجهت للمستشفى، وقال الاطباء لنا بضع ساعات وسأكون قد انهيت ولادة طفلي، لكن بقيت حتى السابعة من صباح اليوم التالي، ولم يطرأ اي تغيير على حالتي".
وتابعت : تم اجراء فحوصات من قبل الاطباء، ومع مرور الوقت كنت اتألم بشكل أكبر، لم أستطع تحمل ذلك وخرجت من غرفة الولادة،الطبيب المقيم بعد أجراء الفحص قال أنني بحاجة لعملية، وتوجه للطبيب المناوب وأكد له ذلك، الا أن الاخير رفض ذلك، وطلب من الطبيب المقيم أن يقوم بإجراء ولادة طبيعية، ما ادى الى نقص في مستوى الأوكسجين عني، ما انعكس على الجنين، وادى لانقطاع الاوكسجين عنه لمدة (35) دقيقة، عندها تم أجراء الولادة عن طريق العملية، وهذا ما كان يجب ان يحدث منذ البداية، وبعد ذلك قالوا لي ان وضع الطفل الصحي غير مستقر، وتم اخذه لمشفى اخر، ليصلنا بعد ذلك تقرير يفيد بأن وضعه خطير جداً وبأنه يعاني من نقص اوكسجين بشكل كامل، وطلبنا التحقيق بسبب هذا النقص، وهل هو طبيعي أم انه بسبب خطأ طبي، وأكدوا لنا ان ما حدث مع طفلي بسبب خطأ طبي فادح واستهتار من قبل الاطباء".
" الطفل حتى الان على الاجهزة الطبية، واستطعنا بعد عناء طويل توفير تحويلة طبية لمسشتفيات الداخل منذ اسبوعين، الا انه لم يتم تحويله حتى الان وفي كل مرة نسأل يقولون لنا أن الاجراءات لم تنتهي، ولم يطرأ تحسن على حالته، واذا ما بقي طفلي على قيد الحياة سيعيش مع اعاقات نطقية او حركية، وشلل دماغي، وعندما تم معاينته من قبل طبيب اعصاب قال لنا أنه يعاني من ارتخاء بسبب نقص الاوكسجين". بحسب والدة الطفل نمر.
"قانون الحماية والسلامة الطبية والصحية"
وكانت حكومة الوفاق الوطني قررت في أكتوبر 2016 تشكيل لجنة وطنية لإعداد مسودة قانون الأخطاء الطبية، والذي تم تعديل مسماه إلى "قانون الحماية والسلامة الطبية والصحية" بناء على تحفّظ نقابة الأطباء.
ودخل القرار بقانون حول الحماية والسلامة الطبية والصحية، حيز التنفيذ وسط رفضه من قبل نقابة الأطباء.
وبعد سنتين من النقاشات، خرجت اللجنة بمسودة نهائية للقانون، توجت بإصدار القرار بقانون رقم 31 لسنة 2018 في سبتمبر الماضي، ليكون نافذًا بعد مرور ثلاثة شهور على نشره بالجريدة الرسمية، أي بتاريخ 23/12/2018.
الصحة مع الحوار
في حين تقول وزارة الصحة إنه ورد الى مكتب وزير الصحة، خطاب من نقابة الأطباء، بتاريخ 9/12/2018 يتضمن اعتراضات على بعض البنود في قانون السلامة والحماية الطبية والصحية، وعلى الفور تم التواصل مع نقابة الأطباء للاجتماع بهم، ومناقشتهم في هذه الإعتراضات للوصول الى حلول.
واكد بيان صادر عن الوزارة فإن النقابة وللأسف لم تستجب النقابة لطلب الوزارة بالحوار، لنتفاجأ بصدور بيان من نقابة الأطباء يدعو الى اجراءات تصعيدية، دون الجلوس على طاولة الحوار.
حماية لكل مواطن
على النقيض من نقابة الأطباء، ترى رئيسة اللجنة الوطنية لصياغة القانون الدكتورة خيرية رصاص، أن هذا القانون يشكل إنجازاً قانونياً ويوفر الحماية للجميع، من مرضى وأطباء ومؤسسات طبية.
واكدت رصاص في تصريحات سابقة لـ"النجاح" إن هناك فراغا واضحا في القوانين الخاصة بتنظيم المساءلة الطبية وحماية المؤسسات الصحية والأطباء والتعامل مع الأخطاء الطبية، وتلجأ المحاكم إلى قواعد عامة قديمة، ويتم اعتقال الأطباء وتوقيفهم حتى قبل صدور الأحكام القضائية القطعية.
ورأت أن القانون بصورته الجديدة سيكون بداية العمل لمحاسبة من لا يلتزم بالقواعد الطبية الصحيحة، ولتكريس بروتوكول صحي دولي، وتعزيز ثقة المواطن بالخدمة الصحية الوطنية، بدلاً من البحث عن التحويل للعلاج بالخارج.
واعتبرت أن موقف نقابة الأطباء الرافض للقانون، مبني على عدم الاطلاع الكافي على بنود القانون.
وأوضحت أن نقابة الأطباء أرادت إدخال بعض البنود التي لا يمكن إضافتها، لأنها تتنافى مع القانون الأساسي وبعض القوانين الأخرى.
وأضافت: "أوضحنا لهم أنه لا يمكن القبول بمخالفات دستورية أو إدخال إضافات تخل بأمور دستورية أو قانونية".
من ناحيته، يقول رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك إن هذا القانون بصيغته الحالية جيد، ويوفر الحماية للمريض وللطبيب وللمؤسسة الطبية، وفي حال تطبيقه بشكل أمين، فإنه سيرفع من جودة الخدمة الطبية الفلسطينية.
وأوضح في تصريح سابق لـ"النجاح الاخباري" أن المسودة الأولى للقانون كانت تحقق التوازن بين الطبيب والمريض والمؤسسة، إلا أن بعض الأطباء، وبسبب المبالغة في التخوفات، أدخلوا بالاتفاق مع الأطراف الرسمية، بعض التعديلات على المسودة في المرحلة الأخيرة، أدت لزيادة الحماية للطبيب على حساب الحماية للمريض.
ويبين أن التعديلات التي أدخلت كانت على تشكيلة اللجنة الطبية الدائمة للتحقيق بالأخطاء الطبية، بحيث يترأسها شخص يعينه وزير الصحة، فيما يعين نقيب الأطباء من طرفه نائبا للرئيس، ولا يصدر قرار اللجنة إلا بموافقة الطرفين معا.
وحول اعتراض نقابة الأطباء على القانون، أوضح دويك أن نقابة الأطباء كانت من الأساس ضمن المؤسسات التي شاركت في اعداد القانون، وأن الأطباء كان دائما عندهم تخوف من موضوع سجن الطبيب (أن يتعرض للسجن والتوقيف)، موضحاً أنه تم وضع نص في القانون بأنه "لا يجوز توقيف أو حبس الطبيب احتياطياً ما لم يصدر قرار قطعي من المحكمة بإدانته بارتكاب جرم،