نابلس - نهاد الطويل - النجاح الإخباري - مشهد انتفاضة الأقصى الثانية يتكرر.. فقد أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي مداخل المدن ومخارجها كافة، فارضة الإغلاق والحصار على رام الله والبيرة الذي امتد فيما بعد للمحافظات الفلسطينية كافة، في الشمال والجنوب، وسط نشر مئات الحواجز من جديد وتوفير الحماية للمستوطنين الذين يقودون عربدة واعتداءات يوميةَّ على الفلسطينين وإرهاب الأطفال والنساء.
الاحتلال يترقب الأسوأ
وأكَّد الكاتب والمحلل السياسي حمزة أبو رمان أنَّ الاحتلال يترقّب الأسوأ أمنيًّا في الضفة الغربية وعلى مفترقات مدنها وقراها.
وقال أبو رمان في تعليق لـ"النجاح الإخباري" السبت أنَّ ما يحدث في الضفة الغربية عبارة عن ردود أفعال ونتاج تصعيد الاحتلال ومستوطنيه، الذين أخذوا الضوء الأخضر من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وقلَّل أبو رمان في الوقت ذاته من سيناريو الذهاب إلى انتفاضة شعبية ثالثة على الأرض رغم ولادة بعض الإرهاصات المتّصلة بهذا الحدث الكبير.
وشدَّد أبو رمان على أنَّ حكومة الاحتلال ليست معنيّة بالتصعيد في الضفة الغربية وذلك على حساب الجبهة الشمالية بساحتيها السورية واللبنانية مع حزب الله.
ورجَّح أبو رمان أن يبقي الاحتلال على الإجراءات الاحترازية خلال الأيام الماضية لمنع وقوع عمليات بحجم العمليات التي وقعت قبل يومين وغيرها من العمليات المؤلمة.
القيادة تتحرك
في السياق بدأت القيادة بالتحرك للجم تصعيد الاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وقال عضو اللجنة المركزية حسين الشيخ إنَّ الرئيس محمود عباس يتابع بالتفصيل وعلى مدار الساعة العدوان الإسرائيلي من هدم للمنازل والاغتيالات والاقتحامات.
مشيرًا إلى أنَّ الرئيس يجري اتصالات إقليمية ودولية مكثفة لوقفه.
وكشف الشيخ في تصريح متلفز له عن قمة ستجمع غدًا في عمان الرئيس "أبو مازن" مع العاهل الأردني الملك عبد الله لبحث آخر الاعتداءات والتطورات الأخيرة.
أجواء حقيقية
بدوره قال د. مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية: إنَّ الضفة الغربية تعيش أجواء انتفاضة شعبية حقيقية، وأنَّ جيش الاحتلال يواجه موجات من الشباب المقاومين في كلِّ مكان يحاول اقتحامه.
وقال البرغوثي في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري": إنَّ ممارسات الاحتلال في اليومين الماضيين، هي المزيد من الحصار الجماعي والقمع.
ولم يستبعد البرغوثي أنَّ يتجاوز الاحتلال هذه الممارسات في ظلِّ ما يجري على الأرض من عربدة وعدوان كبير من قبل "دولة المستوطنين".
ويواصل الاحتلال تعزيز وحدات إضافية في محطات الحافلات ومراكز نقل الجنود في المناطق المختلفة من الضفة الغربية، وتحديداً ما يراه الأكثر إثارة للقلق جغرافياً، كما أسّس لأكثر من (120) برج عسكريَّة دفاعية، في أكثر من عشرين نقطة انتشار على المفارق الرئيسة لمحافظات الضفة الغربية.
تدحرج كرة اللهب
وتدحرجت كرة اللهب في حضن الاحتلال من لحظة إعلان استشهاد أشرف نعالوة وصالح البرغوثي، نفّذ أحد المسلحين عمليته الفردية، حاصدًا في المجمل ثلاثة قتلى من جنود الاحتلال ونحو أربع إصابات، منها اثنتان في حال الخطر. في الصباح الباكر، هاجم الشهيد مجد مطير (26 عامًا) بسكينه اثنين من شرطة الاحتلال في شارع الواد في البلدة القديمة في القدس، ليصيبهما قبل أن تُطلَق عليه النار ويُستشهد بعد تركه ينزف نحو (40) دقيقة، فيما نعته حركة "فتح" وقالت إنَّه من سكان مخيم قلنديا في القدس. بعد ساعات، نفَّذ فلسطينيان اثنان على الأقل هجوماً عند مفترق مستوطنة "غفعات أساف"، شرق رام الله، المنطقة التي تبعد نحو كيلومترين فقط عن موقع عملية "عوفرا" (شارك فيها الشهيد البرغوثي)، ليسقط فوراً جنديان قتيلان من لواء "ناحال"، ويعلن في وقت لاحق عن مقتل الثالث وبقاء جريح رابع بإصابة خطيرة.
الصدمة التالية كانت فقدان سلاح أحد القتلى، إذ فتشتوا كلَّ السيارات المحيطة بالمنطقة ولم يجدوا له أثراً، فضلاً عن أنَّ أياً من الجنود لم يطلق رصاصة واحدة.
تقديرات الاحتلال
لا أحد بعيداً يذهب في إسرائيل نحو توقع انتفاضة في الضفة الغربية، لكن أيًّا من أصحاب القرار السياسي أو العسكري لا يملك إجابة عن المستقبل القريب. القلق قائم جراء استئناف العمليات المسلحة.
وفقًا لصحيفة "هآرتس" فإنَّ الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة تشكّل تحديًّا أمام قوات الاحتلال، التي تسعى للردّ بما يشكِّل ردَّعًا للفلسطينيين في الوقت الذي يسعى فيه إلى تجنب انفجار أمني في الضفة الغربية.
وأشارت التحليلات العسكريّة التي أوردتها المواقع الإسرائيلية في أعقاب عمليات إطلاق النار ومقتل جنود ومستوطنين، إلى أنَّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تخشى أن يؤدي العقاب الجماعي لأهالي الضفة الغربية المحتلة، إلى انفجار أمني، على الرغم من بقاء الضفة هادئة على الصعيد الأمني في أعقاب نقل السفارة الأميركية إلى القدس والإجراءات العقابية الأميركية بحق الشعب الفلسطيني، بالمقارنة مع مسيرات العودة التي انطلقت في (30/ آذار/ مارس) ومستمرة لغاية اليوم على الشريط الأمني الفاصل شرقي قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إنَّ الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها جهاز الأمن العام (الشاباك)، يخشى أن يؤدي القمع المفرط لأهالي الضفة، إلى تشكيل تربة خصبة التي تجرُّ الضفة إلى مواجهات مستمرة مع الاحتلال".
وأشعلت العمليات المتتالية مخاوف الاحتلال من انطلاق انتفاضة مشابهة لانتفاضة (2015)، التي شهدت سلسلة من عمليات إطلاق النار والطعن والدهس ضد المستوطنين وجنود الاحتلال.
وتعيد هذه الأجواء شريط الأحداث الذي شهدته الضفة الغربية عندما خرجت قبل (3) أعوام لمواجهة جنود الاحتلال خلال "هبّة القدس"، وبالتظاهرات التي تلت إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس "عاصمة لإسرائيل".