غزة - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - اتخذ الكثير من الشباب الذين تقطعت بهم السبل لتحصيل لقمة عيشهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، إلى اللجوء لشاطئ البحر للعمل على "بسطات" لبيع المشروبات الساخنة و"الذرة" والمأكولات الخفيفة للمصطافين ورواد الشاطئ، في محاولة منهم للتغلب على صعوبة الحياة، لكنَّ هذه المحاولة تحطمت مع إقدام شرطة بلدية غزة، على تحطيم تلك البسطات أمام أعين أصحابها.
الشاب منتصر السدودي لم يجد طريقاً للعمل سوى بائع على بسطة على شاطئ البحر لمساعدة عائلته في مصاريفها اليومية، بعد أن تقطعت به السبل في الحصول على فرصة عمل. وبدأ مشروعه البسيط بأربعة كراسي وطاولة، لبيع الذرة، وشيئاً فشيئاً توسعت البسطة لتصبح مشروعا ناجحاً ومميزاً يقصده الكثير من الزبائن مع جلسة هادئة تطل على شاطئ بحر غزة.
"كنّا بنبيع الناس صرنا نبيع الهواء"
مشروع السدودي الذي أطلق عليه أسم" موفمبيك على قد الحال"، مستوحياً الاسم من اسم فندق "الموفمبيك" الفخم، تطور مع سنوات العمل، لتأتي شرطة بلدية غزة التي تسيطر عليها حركة حماس لتضع حداً للقمة عيشه وعائلته، بتدمير بسطته المتواضعه.
ويقول السدودي : "إن ما حدث معه في ذلك اليوم الذي وصفه بأنه أسوء أيام حياته، وفي تمام الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم الاثنين 3/ ديسمبر /كانون الاول كنت برفقة شقيقي وزميلي داخل العمل نعمل على تحضير العشاء بعد يوم مرهق، وتفاجئنا بمداهمة عناصر البلدية والشرطة (تديرها حركة حماس) وتكسير ومصادرة مجموعة من البسطات التي تتواجد على شارع الكورنيش على بحر غزة.
وأضاف:" في تلك اللحظة هرع أصحاب البسطات بشكل جنوني إلى ممتلكاتهم من أجل إنقاذها من التدمير، فمنهم من حمل الكراسي تجاه الشاطئ والبعض الآخر هرب تجاه المباني السكنية المجاورة للبحر لكن عناصر البلدية قاموا بملاحقتهم. بدي أسلم المنطقة للمسؤول صحراء.
وتابع السدودي والحسرة غالبة على قسمات وجهه:" حاولنا أن نتفاهم مع البلدية وعناصر الشرطة من أجل الخروج بأقل الاضرار لكن المحاولات باءت بالفشل، فعناصر البلدية أصروا على تخريب وتدمير البسطة، وقاموا بمصادرة جميع المقتنيات لأصحاب البسطات التي توجد على كورنيش بحر غزة، حتى أني حاولت أن أخذ قطعة قماش من بقايا البسطة المدمرة لكن أحد عناصر البلدية قال لي "بدي أسلم المنطقة للمسؤول صحراء".
وأضاف: "بعد تدمير المكان ذهبت إلى مسؤول في البلدية من أجل العمل على تسوية الأمر بالتراضي وعرضت عليه أن أقوم بترخيص البسطة مقابل أجر مادي لكنه رفض.
مشيراً إلى أن الخسائر التي تعرض لها بلغت حوالي 3 الاف دولار، فلم يتبق من ممتلكات بسطته أي شيء.
وعلى بعد أمتار قليلة من بسطة السدودي، يجلس أبو يامن نسمان بجانب بسطته التي تحمل"البرنس".
واكد نسمان :" نتيجة لعدم توفر فرص عمل بسبب الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها داخل قطاع غزة اتجهت إلى افتتاح البسطة قبل ما يقارب الخمسة سنوات من أجل إعالة اطفالي الذين يعانون من مشاكل سمعية."
وتابع نسمان: "الأخطار الذي حذرتنا منه البلدية يعتبر إخطارا عاديا يأتي الينا بشكل دائم لكنه لا يتضمن إزالة البسطات".
مشيراً إلى أن البسطات لم تكن مصدر رزق لأصحاب البسطات وحسب ، بل كانت مصدر رزق للباعة المتجولين.
وأشار نسمان إلى أنه أصبح متعطلا عن العمل بعدما كان يعمل على البسطة برفقة ووالده وأخوته، مطالبا من البلدية بتعويضه عن الخسائر التي لحقت به، والسماح لهم بالعمل بكل حرية ودون قيود.
اعتقال وضرب وتدمير
معاوية عاشور صاحب بسطة "سماكو" كان أسوء حال من سابقيه والذي تم اعتقاله والافراج عنه بعد خمس ساعات الحجز، يقول:" قبل ستة سنوات من الآن أنهيت دراستي المدرسية بالثانوية العامة لكن سوء أوضاعي الاقتصادية حال دون أن أكمل مسيرتي التعلمية لذا لجأت الى العمل على شاطئ بحر غزة.
ويسرد عاشور ما حصل معه في ذلك اليوم المفجع كما تحدث، قائلا:" في الليل قام عناصر من البلدية والشرطة بتحطيم وتكسير ممتلكات البسطة من كراسي ومراجيح كانت موجودة للأطفال دون رحمة",
وأضاف:" لم يكتفي عناصر البلدية والذي وصل عددهم الى عشرين بضربي أنا وعمي بالعصي بل قاموا أيضاء عناصر الشرطة بالاعتداء على جدتي التي كانت تحاول فض الشرطة عني"، مشيرا الى أنه تعرض لخسائر وصلت الى 3 الاف شيكل.
الفتاة رانية ذهبت لشراء مشروب "البراد" من أحد المحال القريبة من شاطئ البحر، وتوجهت بعد ذلك برفقة صديقاتها للجلوس على الكرسي التي وضعت على كورنيش البحر، لكنها تفاجأت بعدم وجود كراسي هناك.
تقول:" تفاجأت بعدم وجود بسطات على البحر كما هو معتاد، خاصة انني كنت اتوجه الى شاطئ البحر برفقة عائلتي وصديقاتي بشكل دائم كون أن منزلنا يقع بالقرب من الشاطئ والاسعار هناك تعتبر مناسبة جدا مقارنة بالمقاهي والفنادق.
وفي ظل شح فرص العمل داخل قطاع غزة لجأ العديد من المتعطلين الى افتتاح بسطات وإقامة مشاريع لهم واتخاذ الاماكن العامة والتي يتواجد بها تجمع أعداد كبيرة من المواطنين كالأسواق والميناء والبحر مكانا لتجمعهم، لكنهم الأن أصبحوا بلا عمل وبزرق مقطوع.