غزة - هاني ابو رزق - النجاح الإخباري - أيام معدودة تفصل المواطن أبو محمد المدهون على موعد الفرح بزفاف ابنه وإقامة وليمة غداء له، بهذه المناسبة وتحديدا في الثالث عشر من نوفمبر، وحجز اعداد الوليمة لدى مطبخ "حارتنا" الكائن أسفل عمارة الرحمة في شارع العيون بمدينة غزة، ليتفاجأ قبل يوم الزفاف بيوم واحد باتصال هاتفي من صاحب المطبخ ليخبره بما لا يتوقعه، وأن مطبخه تعرض للقصف الإسرائيلي وتحول إلى أثر بعد عين.
يشار إلى أن طائرات الاحتلال حولت مطبخ "حارتنا" الذي كان يزود المواطنين بالوجبات الساخنة، هدفاً لصواريخها عندما قصفت العمارة السكنية المدنية بطائرة F16.
المدهون الذي دفع ثمن الوليمة سلفاً لصاحب المطعم وهو من أقاربه، ورغم الوضع الحرج الذي وقع فيه، إلا أنه رفع كفيه إلى السماء بسلامه صاحب المطبخ، وأنه لم يصب بأذى، وعادت له أمواله رغم ما أصاب الأخير من ضرر لا يسر صديق.
في الثاني عشر من نوفمبر وتحديدا الساعة الحادية عشر تعرض مطبخ حارتنا والذي يقع بحي النصر بمدينة غزة للقصف الإسرائيلي نتيجة قصف عمارة الرحمة وهي نفس العمارة المستهدفة من قبل طائرات الاحتلال الاسرائيلي لتحوله الى أكوام من الحجارة.
المطبخ الذي يبلغ مساحته 400 متر ويعيل أكثر من تسعة عوائل، تحول بثواني معدودات ركاما، وأصبح كل من يعمل داخله متعطلا عن العمل.
يتميز المطبخ بعروضه المميزة للزبائن خاصة يوم الجمعة ووجباته الشهية اضافة للعديد من المسابقات التي كان يجريها على مواقع التواصل الاجتماعي.
يسرد نايف المدهون وهو صاحب المطبخ ما حل بمصدر رزقه الذي يعتاش منه والحسرة تخيم على قسمات وجهه:" في ذلك اليوم كنت أجلس داخل بيتي استمع إلى المذياع وتفاجأت بالمذيع يقول تم قصف عمارة الرحمة بالكامل فمطبخ حارتنا كان في الطابق الاراضي للعمارة على طوال مساحتها، هرعت الى المكان بعد نصف ساعة على قصفه لأجد المنطقة عبارة عن خراب وحطام".
وأضاف المدهون لمراسل النجاح :" عند وصلي إلى المكان لم أجد شيئا يدل على أن هناك مطبخ سوى بعض الاواني المعدنية التي بالكاد تظهر من تحت الركام والملصقات المتطايرة في الشارع والتي تحمل شعار المطبخ".
المدهون والذي يبلغ من العمر 46 عاما، يقطن بمخيم جباليا شمال قطاع غزة ، عمل في مهنة التجارة، وكان يتملك بعض المحال وشاحنة ونتيجة لتراجع مهنة التجارة في ظل الاوضاع الصعبة التي يعشيها قطاع غزة، اضطر إلى بيع كل ما يملك واتجه إلى افتتاح المطبخ قبل ثلاثة سنوات.
وأشار إلى أن المطبخ يعمل بداخله تسعة عمال بما فيهم المحاسب والطباخين أصبحوا بفعل همجية الاحتلال الاسرائيلي بلا عمل، وفي الايام التي يكون بها ضغط بالعمل خاصة أوقات المناسبات يصل عدد العمال الى 30 عاملا.
وأوضح المدهون:" هناك العديد من الزبائن الذي قدموا إلى المطبخ بعد قصفه من أجل شراء أطباق الارز والدجاج، لينصدموا أن المكان مدمر، نتيجة لذلك قمت بنشر إعلان تنويه على صفحة الموقع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن المطبخ مدمر ومتوقف عن العمل في الفترة الحالية.
وأشار المدهون الى أن المطبخ كلفه ما يقارب الـ 200 الف دولار والذي يبلغ مساحته 400 مترا، مبينا أن المطبخ كان يضم العديد من الوجبات المختلفة ذات الاسعار المناسبة لجميع شرائح المجتمع.
وبين المدهون أن إقبال المواطنين كان بشكل كبير على المطبخ خاصة قبل قصفه في ظل العروض التي كان يتميز بها المطبخ والجلسة المخصصة لتناول الطعام داخل المبطخ، مطالبا بتعويضه من قبل المسؤولين بغزة.
حسن الرشيدي كان يعمل طباخا داخل مطبخ، يقول:" بعد قصف المطبخ أصبحت متعطلا عن العمل فهو كان مصدر رزقي الوحيد، مشيرا الى أن المطبخ كان به ذكريات جميلة له برفقة زملائه بالعمل.