غزة - إسلام الخالدي - النجاح الإخباري - بالكاميرا والقلم، يقارع صحفيوغزة قوات الاحتلال،  بهدف توثيق مجريات الأحداث ونقلها للعالم الخارجي، من خلال نقل  الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، شعارهم لا لطمس الحقيقة والصورة.

 بعد مرور (30) أسبوعًا على مسيرات حدود قطاع غزَّة، عمليات قنص واستهداف مباشر للشباب السلميين المتظاهرين بل وكل من يتواجد في الميدان من طواقم طبية أو الصحفية ، هكذا يبدو المشهد الأسبوعي، فلا أحد يسلم من بطش رصاصاتهم.

خط النار المشتعل

وفي الميدان، تجد مئات الصحفيين من مواقع ووكالات عدة، يجتمعون لكشف الحقيقة، رغم خطورة الموقف الذي يعيشونه كلّ لحظة، تاركين خلفهم الخوف والمخاطر متمسكين برسالتهم للعالم، الإعلامية مريم أبو دقة واحدة من مئات الصحفيين، الذين واكبوا الأحداث وما زالوا مستمرين بالتغطية الإعلامية منذ بدء مسيرات العودة، التي وصفتها بـ "خط النار المشتعل".

حول تجربتها في العمل على مدار الأسابيع المنصرمة تقول لـ"النجاح الإخباري": "منذ خمس سنوات أعمل في مجال الإعلام مراسلة ميدانية ومصورة، ورغم كلّ المخاطر التي نتعرض لها في التغطية، هدفنا توثيق الجرائم المرتكبة بحق الشباب الثائر، لذا أصر على الخروج يوميًّا لنقل الأوجاع ومشاهد القتل المروعة بحق المتظاهرين السلميين، التي تحدث على الحدود".

وتتابع: "نحن كصحفيين تعرضنا للعديد من المخاطر والانتهاكات التي جرت بحقنا من قبل الاحتلال، سواء باستهداف مباشر أو حتى قنص، بهدف الترويع وزعزعة الثقة الداخلية وطمس الحقيقة التي نأتي من أجل الكشف عنها".

وعن أكثر المواقف التي ما زالت حاضرة في ذاكرتها، تكمل: "اللحظة الأصعب وأكبر الصدمات التي تلقيتها في الميدان، عندما كنت على الهواء أعلن خبر استشهاد أحدهم، وما هي إلا دقائق معدودة حتى عرفت أنَّ الشهيد هو أخي، أذعت خبره بنفسي فكانت من أشد الصدمات وقعاً وتأثيراً على حالتي النفسية" مضيفة أنَّها كانت شاهدة على استهداف الصحفيين بشكل مباشر فمنهم من ارتقى شهيداً كالزميل ياسر مرتجي وأحمد أبو حسين، وإصابة العشرات بالقنص بشكل مباشر، وأخرين بالاختناق، منهم مؤخّرًا الزميلة دعاء زعرب.

وتشير أبو دقة، إلى أنَّ دعاء التي أصيبت برصاصة في القدم في جمعة الثبات والصمود، من الزميلات المقربات لها في ميدان العمل تعمل مصورة فوتوغرافية، قد مرَّت بعدّة مضاعفات خطيرة ستودي بقدمها للبتر، لو لم يتم الاستجابة لمناشدتها التي وجهتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة بإجراء تحويلة للعلاج خارج غزَّة، واستجابت السلطة الوطنية الفلسطينية منذ بضعة أيام لطلبها، وجاري متابعة علاجها وسيتم نقلها خلال أيام للمستشفى الاستشاري في رام الله.

لكن الصحفي محمود أبو مراحيل والذي يعمل معدَّ تقارير تلفزيونية بشركة زين الإعلامية، يقول حول انخراطه في المجال الإعلامي وتجربته في ميدان العمل: "منذ بدء مسيرات العودة الكبرى، قمت بتغطية أغلب المناطق الحدودية من الشمال وصولاً إلى الجنوب، لكشف جرائم الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين، وأيضاً رصد الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين والطواقم الطبية في الميدان".

ويضيف، بأنَّ جميع الصحفيين تعرضوا للاستهداف المباشر والمتعمد من قبل الاحتلال الذي يعبر عن همجيته، ضاربًا بالقوانين والمواثيق الدوليّة التي تحمي حقوق الصحفيين بعرض الحائط، فمنهم من أصيب إصابة مباشرة بأعيرة نارية وأخرين أصيبوا بالاختناق جراء استنشاقهم للغاز الذي يحمل مواد سامة ما يشكّل خطراً حقيقاً، مبيّنًا أنَّه أصيب عدّة مرات.

يجتمعون على قلب رجل واحد

ويتابع: "العلاقة التي تربط زملاء العمل في الميدان أقوى من المخاطر، فجميعنا على قلب رجل واحد، مع عشية كلّ جمعة ومجرد الانتهاء من التغطية نتبادل الاتصالات للاطمئنان السالمين ومعرفة الضحايا الجدد لقناصة الاحتلال".

وعن الأحداث التي عايشها على أرض الميدان، يكمل قائلاً: "مرّة كنا متّجهين صوب الحدود في منطقة قريبة من السياج الفاصل، وعلى مقربة من ترسانة العدو، نرتدي الدروع والزيّ الصحفي، إلا أنَّ ذلك لم يمنع  قناصة الاحتلال من إطلاق الرصاص الحي المباشر علينا عمدًا،  بفضل الله نجونا بأعجوبة"، مطالباً المؤسسات الحقوقية والدولية بتوفير الحماية الكاملة للصحفيين، وتضمن لهم الامن من المخاطر.

أحكام وقوانين تحمي الصحفيين

وبدوره يقول الحقوقي ورئيس مجلس الإدارة لدى الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي: "إنَّ الاحتلال يستمر في انتهاك حقوق المدنيين والصحفيين، واستهداف طواقم المؤسسات الإعلامية منذ بدء مسيرات العودة، وهذا مؤشر على مدى الإفراط باستخدام القوة من قبل الاحتلال ضد الصحفيين، رغم حمايتهم من المؤسسات الدولية وفق قواعد وأحكام اتفاقية جنيف الرابعة".

لكل تلك الأسباب كان من الواجب فضح هذه الانتهاكات والتواصل مع كلِّ الأجسام الحقوقية التابعة للأمم المتحدة واتّحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين، والذين ظلّ أدواؤهم قاصرًا حتى الآن ولم يشكل  ضمانة لحماية الصحفيين.

ويشير، إلى أنَّ الإحصائية الأخيرة لأعداد مصابي الطواقم الصحفية في مسيرات العودة وصلت لـ (220) إصابة مختلفة، منهم (63) صحفي أصيبوا بالرصاص المباشر من قبل الاحتلال، ضارباً بعرض الحائط المواثيق والأعراف الدولية كافة، التي تحمي الصحفيين في ميادين العمل.

ويضيف أ. عبد العاطي: "وبدورنا في اللجنة القانونية والتواصل الدولي، قدمنا ملفاً خاصاً يتضمن شكوى لمحكمة الجنائيات الدولية مطالبين مكتب الادعاء العام بالبدء في تحقيق جذري لما يقوم به الاحتلال في مسيرات العودة ضد الصحفيين"، مطالباً الاستجابة والتعجيل في اخضاع جيش الاحتلال للمساءلة القانونية.