غزة - أسامة الكحلوت - النجاح الإخباري - فضّل الزوجان المسنان" علي العالم، وفايزة عايش" من قطاع غزّة، واللذان حرما من نعمة الإنجاب، انفاق ما ادّخراه طوال حياتهما من أموال، من خلال التبرُّع للأعمال الخيرية ، وبناء مؤسسات خدماتية في ظلّ الظروف العصيبة التي يعيشونها، بغية رسم البهجة على شفاه المكلومين.

ما أجمل أن تلبي من يسألك! لكن الأجمل أن تعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته، التي ربما يخجل أن يفصح عنها متعففًا عن الحاجة والسؤال.
المدرس علي العالم، وزوجته فايزة عايش، ضربا مثالًا رائعًا بالعطاء والايثار، من أجل إسعاد الآخرين، رغم حرمانهما من نعمة الولد، كانا مصدر أمل، حيث وصلت مساعداتهم الإنسانية المقدمة في قطاع غزة ما يقارب مليون دولار أمريكي، بعد مسيرة تعليم استمرت (40) عامًا،جنوا ثروة استغلاها في بناء مستقبل الآخرين.

تبرع المدرس العالم بكلِّ ما جمعه من أموال مع زوجته خلال عملهما في سلك التعليم لإقامة أعمال الخير، بهدف إسعاد الناس، فتبرعا بكلّ ما جمعاه (40) عامًا.
ولد العالم لأسرة  من (11) فردًا، عاشوا وضعًا اقتصاديًّا سيئًا، فانطلق لمساعدة والده وهو في المرحلة الاعدادية عاملًا في الزراعة،  ثم سافر إلى القاهرة بعد حصوله مرتبة عالية في  الثانوية العامة، كأول طالب من غزّة يدخل جامعة القاهرة عام (1962)، حيث التحق في كلية الآداب من أجل بناء الإنسان.

عيّن في سلك التعليم في قطاع غزّة بعد تخرجه مباشرة، وعمل في عدة مدارس منها: مدرسة اليرموك النموذجية، والكرمل، وفلسطين، والبحتري، وصلاح خلف، وكذلك في معهد المعلمين بغزة، وتنقل خلال عمله بين كل المحافظات في قطاع غزة والكثير من المدارس ما بين معلم ومدير.
وبيّن العالم قدر الفخر الذي يشعر به حين يشاهد طلبته يصبحون زملاءه في المدرسة ذاتها، ويزداد فخرًا بأولئك الذين تولوا مناصب سياسية في قطاع غزّة.
أما زوجته فايزة عايش، بنت المجدل، مواليد عام (1945)، تخرجت من جامعة القاهرة بتخصص اللغة العربية، وعملت في سلك التعليم منذ العام (1963)، وتولت منصب مديرة مدرسة منذ العام (1970)، تنقلت خلالها بين عدة محافظات في قطاع غزة، وأحيلت للتقاعد عام (2005).

قدَّمت عايش الكثير من الأبحاث في اللغة العربية، ترصد البراهين من مراجع قوية، وقدَّمت جميع أبحاثها صدقة جارية.
ويقول الأستاذ علي:" خلال عملي في التعليم كنت أبحث عن الفقراء في الفصول المدرسية، لأدفع عنهم الرسوم المدرسية، وأشجعهم على التعليم، وبفضل الله كفلت أكثر من (50) طالبًا في المراحل الجامعية".

لافتاً إلى أنَّ الكثير ممن ساعدهم في الرسوم الجامعية، أصبحوا أكاديميين جامعيين، مضيفاً: "دفعت الرسوم الجامعية بالكامل عن الكثير من الطلاب في تخصصات الطب والتجارة حسب رغبتهم، والهدف خالص لوجه الله تعالى، أحب الأطفال رغم حرماني من نعمة الإنجاب، تعوضني بسمة أرسمها على شفاه الأطفال في المدارس".
وتابع: " أسرُّ فعلا حين أرى طلابًا ساعدتهم قد أصبحوا صيادلة وأطباء ومهندسين، وكأني أساهم في بناء المجتمع الذي يقوم بالعلم".

وقدم العالم أكثر من مليون دولار لمشاريع خيرية، وهو الذي عرف كيف يدير ثروته من خلال تنميتها بشراء عقارات وبيعها بعد أشهر، والاتّجار بالذهب، فكانت استثماراته تجدي نفعًا يعود على الفقراء والمساكين وطلبة العلم، بدءاً من أهل بيته وإخوته وصولاً للكثير من المواطنين في قطاع غزّة.
لم يكتفِ الزوجان بهذا القدر من العطاء بل شمل عطاؤهما المساجد فبنيا مسجدًا في منطقة المغراقة من ثلاثة طوابق، وآخر في منطقة البريج من ثلاثة طوابق أيضًا، بعد أن قصف خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة عام (2008).

وقدّم العالم وزوجته المساعدات القيمة لدار المسنين في غزّة ومقرها الرئيس في مدينة الزهراء، مداها بأجهزة طبية بتكلفة تصل إلى (320) ألف دولار أمريكي، لشراء جهاز أكسجين مضغوط، وتجهيز غرفة للجهاز بتكلفة (50) ألف دولار أمريكي.

كما ساهما في بناء عيادة في مخيم النصيرات، وما زال العمل جار لتزويدها بمعدات طبية، حتى تصل للهدف المرجو وخدمة المواطنين.
ورفض العالم الكشف عن كثير من المشاريع الأخرى، و تفاصيل أعماله الخيرية، مكتفيًّا بالمعلومات التي قدمها بعد إلحاح شديد.
جدير بالذكر أنَّ العالم وزوجته يعيشان اليوم على راتبهما التقاعدي مكتفيان بالأجر من الله والسعادة التي يرسمانها بشغف على وجوه المساكين.