نهاد الطويل - النجاح الإخباري - بعد ليلة صاخبة غادر فريق من محققي الشرطة التركية والمدعين القنصلية السعودية في اسطنبول بعد دخولها لإجراء بحث "ساخن" استمر تسع ساعات بإشراف السلطات السعودية بعد اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وأشارت وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية أن التحقيقات التركية ستستغرق يومين أو ثلاثة قبل التوصل إلى نتائج نهائية، وأن التحقيق يشمل استجواب الموظفين بالقنصلية السعودية بمن فيهم القنصل محمد العتيبي، بينما يبقى تفتيش منزل العتيبي متعلقا بموافقة السلطات السعودية.
واختفت آثار خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، لإجراء معاملة رسمية تتعلق بزواجه.
صفقة مرتقبة!
وقال الكاتب الصحفي الأردني بلال العبويني لـ "النجاح الإخباري" الثلاثاء إن العلاقة بين تركيا والسعودية ستشهد خلال الفترة المقبلة موجة من الاتهامات المتبادلة، وستستغل تركيا الحدث لتصفية حساباتها مع السعودية بشأن الملفات الأخرى التي هي موضع خلاف بين الدولتين وتحديدا ما تعلق بقطر وملف الإخوان المسلمين وما إلى ذلك.
وأوضح انه إلى اليوم، لم تقدم السعودية البرهان القاطع على أن الصحفي جمال خاشقجي قد غادر مبنى السفارة، وبالتالي فإن موقفها ما زال ضعيفا، وهذا ما سيغري تركيا إلى ممارسة مزيد من ابتزاز السعودية.
ولفت العبويني الى انه ليس تركيا وحدها من ستمارس ضغوطا بل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث استمعنا خلال اليومين الماضيين إلى تصريحات امريكية تشير بانها ستدخل على الخط وستمارس نوعا من الابتزاز وهذا ممكن إن يفهم من تصريحات ترامب، وفي الحقيقة هذا ميدانه العملي فقد سبق وأن أشار إلى أن على السعودية أن تدفع مقابل ما تحصل عليه من حماية أمريكية.
"ربما لن يطول الأمر بين السعودية وتركيا على هذا المنوال، فتركيا جاهزة أن تتخلى عن الملف وعن ممارسة التضييق على السعودية إن تم الاتفاق على تسوية بعض الملفات التي تهم تركيا، ليصبح بعد ذلك مصير الخاشقجي ذكر بعد أثر." أضاف العبويني.
وقال العبويني إن تاريخ التصعيد التركي حيال بعض الملفات واضح للعيان، حيث تراجعت بالأمس عن قرار احتجاز القس الأمريكي وسبق أن اعتذرت لروسيا عن حادثة اسقاط الطائرة فوق الأجواء السورية، كما سبق أن تجاوزت ملف حادثة سفينة الحرية مرمرة التي كسرت الحصار على غزة وقتل بعض النشطاء فيها الاحتلال الإسرائيلي.
"لذلك، ربما نشهد تسوية لقضية الخاشقجي مع السعودية إن تمت بين الدولتين صفقة من نوع ما" رجح العبويني.
وأعلنت تركيا موافقتها على إنشاء لجنة تحقيق مشتركة، مطالبة السعودية بالتعاون معها في إطار هذه اللجنة، والسماح لها بتفتيش مقر القنصلية، الأمر الذي لم تستجب له الرياض لغاية اللحظة، رغم اعلانها موافقتها على ذلك.
نوايا مبيتة!
وفي السياق ذاته قال المحلل السياسي حمزة ابو رمان إن كل ما ترافق مع حادثة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي يؤكد أن العلاقات الدولية في عهد الرئيس الأمريكي المثير للجدل دونالد ترامب دخلت مرحلة جديدة أريد أن أطلق عليها اسم "الحفاظ على المصالح والضرب تحت الحزام".
وأوضح أبو رمان لـ"النجاح الإخباري" أن التهديدات الاقتصادية التي تتعرض لها المملكة تأتي بنوايا مبيتة لمحاولة الضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات السياسية والاقتصادية للدول التي جاهرت بأنها تطلب دوما الأموال مقابل الحماية والتعاون العسكري، لكن هذا لا يعني أن لا يتم كشف حقيقة اختفاء خاشقجي بكل شفافية ودون مجاملة على حساب قضية إنسانية صدمت العالم.
وفيما يتعلق بالموقف التركي والعلاقات مع السعودية تابع أبو رمان " بتصوري أن جميع دول العالم ساومت على قضية خاشقجي وتستغلها لتعظيم مصالحا وإبرام الصفقات مع السعودية، وتسائلة أبو رمان هل يعقل إلى حد الآن لم يتم الكشف عن مكان وجود خاشقجي إن كان على قيد الحياة؟".
عائلة خاشقجي تخرج عن صمتها
طالبت أسرة الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، في أول بيان لها منذ اختفائه، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بتشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في "موته"، بحسب البيان.
وقالت الأسرة في بيانها: "نحن نتابع، بحزن وبقلق، الأنباء المتضاربة بشأن مصير والدنا بعد فقدان الاتصال معه، قبل أسبوعين، عندما اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول. إن عائلتنا مصدومة، وتتوق إلى أن نكون سوية في هذا الوقت المؤلم".
قُتل بالخطأ!
وفي وقت سابق، قال مصدران، في تصريحات خاصة لـCNN، إن السعوديين يحضرون تقريرا يفيد بأن جمال خاشقجي، "قُتل بالخطأ خلال تحقيق معه كان بهدف إعادته" إلى المملكة.
وذكر أحد المصدرين أنه "من المحتمل أن التقرير سيخلص إلى أن العملية نُفذت دون تصريح واتسمت بالغموض، والأشخاص المتورطون سوف يحاسبون".
وأوضح أحدهما أن التقرير ما زال قيد الإعداد، مضيفا أن "الأمور قد تتغير". ويذكر أنه لم يتسن لـCNN الاطلاع، حتى الآن، على أي نسخ أولية من التقرير.
بموازاة ذلك ، طالبت عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، والإتحاد الاوروبي، الرياض بالكشف عن مصير خاشقجي بعد دخوله سفارة بلادها في اسطنبول، فيما عبرت دول عربية عن تضامنها مع السعودية في مواجهة اي تهديدات بعقوبات على خلفية هذه القضية.