خاص - النجاح الإخباري - جمعهم رباط الحب وفرقتهم حواجز الاحتلال، معاناة كُتبت على أهل غزة شبابًا وفتيات، صغارًا وكبارًا يعانون ضغوطًا ومصائب لا حدّ لها.

ظلمٌ طال حتى القلوب المحبة وشتت الأسرة الواحدة، ومنع تكوين أسر عمادها الحب، ظلم حرّم عليهم الاجتماع بأحبّتهم وفرّق الأزواج.

حواجز صماء قضبانها حديد وأجهزتها مليئة بالحقد والكراهية، شباب وفتيات طلبت أرواحهم الحياة وتخطّت قلوبهم الحواجز معلنة الحب، إلا أنَّ الاحتلال بحواجزه يحول دون الاجتماع، صعوبات جمة تنتظر هذا الارتباط وتحكم عليه أحكامًا جائرة.

تنتظر تصريح الدخول منذ ثلاث سنوات

داليا وعائلتها جمعتهم مواقع التواصل الاجتماعي بأقاربهم في نابلس، تعرّفت على ابن عمها "حسام"، ووقعت في حبه، واتفق الاثنان على الارتباط بمباركة العائلة، إلا أنَّ الفرحة المنقوصة التي رسمت على وجوههم بعد ذلك، تشير إلى مأساة الفراق القسري، فاجتماعهما يحتاج إلى معجزة.

تقول:"في عام (2015) تمَّت خطبتي على ابن عمي حسام، وبدأت معاناتي بتقديم التصاريح  للدخول للضفة الغربية ولكن جميع المحاولات فشلت، تقدَّمت للحصول على تصريح "عدم ممانعة" لدخول الأردن، وبعد سنة من المعاناة حصلت عليها، وتوجَّهت لدائرة الشؤون المدنية لكي يسمح لي الاحتلال بالدخول عبر معبر بيت حانون "إيرز" ، كانت خطّتي أن أجتاز فقط هذا المعبر، ومن ثمَّ أحول اتّجاهي إلى الضفة الغربية، لكن الاحتلال رفض بحجة صغر سني حتى مع موافقة الأردن وجميع الأوراق والتقارير التي تفيد بأنَّني بحاجة لعلاج هناك.

وتابعت:"استنفذت كلّ الفرص، لكنّني ما زلت هنا في غزة وزوجي في نابلس، لا هو قادر على المجئ ولا أنا قادرة على السفر إليه، يحول بيننا احتلال غاشم".

خطيبي طلب مني الانفصال

في قصة أخرى للثلاثينية  فيروز ناجي التي عقدت قرانها منذ سبع سنين على ابن عمتها ثائر من مدينة القدس المحتلة، الأسير المحكوم بالمؤبد أربع مرات، قالت: "رغم رفض عائلتي الكامل لارتباطي بـ"ثائر" فمستقبله ضبابي وراء قضبان الاحتلال، والأمل بالإفراج عنه ضئيل، ومع ذلك أصرّيت على عقد القران، وتمَّ ذلك فعلًا،  زرت "ثائر" مرتين في سجن نفحة الصحراوي، وفي آخر زيارة لي، طلب مني ثائر أن التفت لحياتي ومستقبلي؛ لأنَّه لم يعد واثقًا من خروجه من المعتقل، في البداية رفضت وقلت له إنّني  سأنتظره حتى آخر نفس بحياتي وبأنني واثقة أن الله سيفرجها عليه وعلى جميع الأسرى، لكنَّه طلقني حمايةً لمستقبلي على حدّ تعبيره".

فعدت من زيارتي حزينة على فقدانه وعلى حاله وحال الأسرى الذين فرقتنا عنهم قضبان قاسية وسجان ظالم، هو الآن داخل السجون الإسرائيلية يقاسي ألم فراق الأهل والأحبة ، وأنا هنا في غزة فاقدة للأمل في السعادة."

عائلة كامل تنتظر التصريح لتعود إلى بيتها منذ أربع سنين

"أم محمد" من سكان الخليل مرض والدتها فرّق أسرتها، قبل حوالي أربع سنوات مرضت والدتها في غزَّة فانشغل بالها عليها كثيرًا حتى قدَّمت طلب تصريح لتراها وبعد محاولات عديدة سمح لها بالدخول هي وابنها محمد ومعتصم، وبعد أن اطمأنت على والدتها وفرحت بعائلتها وإخوتها قرَّرت العودة إلى بيتها وزوجها بالخليل وتفاجأت أنَّ طلبها رفض رفضاً قاطعًا كونها مواليد غزّة، تقول:" لي الآن أربع سنوات بعيدة عن زوجي وبيتي، فقد جئت إلى غزة لرؤية والدتي المريضة على أن أعود بعد أيام، أربع سنين مرّت وأنا في انتظار الفرج وأن أعود لأسرتي، قدَّمت طلبات وتصاريح للعودة للخليل عبثًا، حتى أنَّ زوجي قرر أن يأتي هو إلى غزة ونلمّ شملنا، فقوبل بالرفض، والسبب  صغير سنّه ولأنّه من مواليد الضفة الغربية.

وتابعت "أم محمد" بمزيد من الألم: "وسيلة التواصل الآن بيننا وبين زوجي كامل هي الاتصالات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، أولاده وأنا اشتقنا له ولبيتنا وحياتنا في كل مناسبة، في الأربع سنوات التي مكثت فيها هنا تغيرت الأحوال، فأمي ماتت وأبي كذلك، متسائلة إلى متى سأظل بعيدة عن بيتي وزوجي؟، يجمعنا هاتف لا بيت!"

وبحسب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل يُتاح للفلسطينيين من سكان قطاع غزّة الانتقال للعيش في مناطق الضفة الغربية ضمن تصاريح وعبر حاجز بيت حانون "إيرز" شمالي القطاع؛ لكن إسرائيل تنصلت من تلك الاتفاقيات وعزّزت من رفضها السماح بانتقال الغزيين إلى الضفة منذ تشديد الحصار على القطاع وخصوصا بعد سيطرة حماس عليه عام (2007).

يذكر أنَّ أعداداً محدودة من الفلسطينيين وضمن ظروف خاصة جداً سمحت إسرائيل بدخولهم من غزَّة إلى الضفة الغربية خلال السنوات الماضية وتنحصر غالبًا في فئة الكبار والتجا وبعض المرضى، بينما تستثنى فئة الشباب.

 من الصعب حصر العائلات التي شتَّتها الاحتلال الإسرائيلي بين الضفة وغزة بدعوى ضرورة الحصول على لمّ شمل أو تصاريح خاصة، بينما تنصُّ اتفاقات أوسلو على حق أي فلسطيني في الضفة والقطاع تغيير عنوانه من محافظة لأخرى بإبلاغ وزارة الداخلية الفلسطينية فقط.