مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - على الرغم من مرور قطاع غزة بأزمات خانقة في غاز الطهي في السنوات الماضية، إلا أن هذه الأزمة تلاشت تماماً على الرغم من أن الكميات التي تدخل القطاع لم ترتفع أو تنقص، وذلك يعود لعدم قدرة المواطن على تعبئة اسطوانة الغاز كاملة واللجوء للتعبئة بنظام الكيلو من المحطة، بسبب عدم توفر السيولة النقدية والوضع الاقتصادي العام المتردي في القطاع والذي بات لا يخفى على أحد.
ويبلغ سعر إسطوانة الغاز 64 شيقل، وهذا المبلغ الزهيد أصبح عبئاً كبيراً على العائلات المتوسطة والكبيرة منها على وجه الخصوص، لذلك يتأخرون في التعبئة تارة ويلجأون لتعبئتها جزئياً وهو أمر غير مسبوق في حياة المواطن.
محمد عليان صاحب محل تعبئة اسطوانات الغاز في شمال القطاع، أكد أن المواطنين في القطاع باتوا يقبلون على تعبئة اسطوانات الغاز بخمسة شواكل كحد أدنى وأن معظم الاسطوانات فارغة، لافتاً إلى أن كمية البيع انخفضت لأكثر من 70% وانخفضت مشتريات المواطنين لعدم وجود قوة شرائية لشراء اسطوانة الغاز. وأوضح أن العديد من المواطنين يأتون لطلب الغاز بالدين، لافتاً إلى أن هناك مشكلة في الدخل الفردي في كل القطاعات بغزة.
الغاز متوفر والإقبال عليه قليل
زياد حمد موزع غاز، أكد أن الغاز متوفر في تجمعات التعبئة؛ لكنَّ المواطنين لا يملكون ثمن تعبئة الاسطوانات وكثيرون يطلبون تعبئة اسطوانات الغاز بمقدار 2 كيلو أو كيلو.
وقال:" كنا في السابق نسير لنجمع اسطوانات الغاز الفارغة من منازل المواطنين في مناطق عدة، وتمتلئ سيارة التوزيع بالأسطوانات بكافة الأحجام وغالبا هناك عائلات تطلب منا تعبئة أكثر من اسطوانتين سعة 12 كيلو، أما الآن فنسير ساعات وساعات ومعظم هذه الأنابيب 6 كيلو أو أقل والباقي سعة 12 كيلو، ويطلب منا أصحابها تعبئة نصفها.
وعن الأوقات التي يكثر فيها الطلب على تعبئة الاسطوانات دون غيرها من الأوقات أوضح أنه كل بداية شهر يزداد الطلب على تعبئة الغاز، أما في الأيام الأخرى من الشهر يكون الطلب أقل من ذلك.
في ذات السياق، قال المواطن سمير إسماعيل :" أصبح موضوع تعبئة اسطوانات الغاز يشكل ضغطا نفسيا على رب الأسرة، فأنا عاطل عن العمل ولدي عائلة كبيرة لا تكفيها اسطوانة 12 كيلو، فكل 15 يوما يجب تعبئة الاسطوانة أي أنني يجب أن أعبئها مرتين شهريا بواقع 124 شيكل.
وأضاف، أنه يعتمد على عمل ابنه في قطاع البناء، وهو عمل متقطع، وفي حال عدم توفر المال نضطر لاستخدام بدائل الغاز "النار" في أحيان كثيرة أو على أقراص الكهرباء.
يشاركه في الرأي الأربعيني محمد مسعد الذي يجلس بالقرب منه بجوار محل تعبئة اسطوانات الغاز في انتظار تعبئة اسطوانته، واضعا كفه أسفل وجهه يقول:" أنا موظف وكل بداية شهر مطلوب مني أن أعبئ إسطوانة الغاز لبيتي ولبيت أهلي وأخي المتزوج والعاطل عن العمل، فتتعدى الميزانية المخصصة لتعبئة اسطوانات الغاز إلى أكثر من 200 شيكل وهذه الميزانية أصبحت ترهقني وتتعبني، فإن استطعت توفيرها هذا الشهر لن أستطيع تعبئتها الشهر المقبل.
ولفت مسعد إلى أن سعر كيلو الغاز مرتفع مقارنة بسعرها في أي دولة أخرى، فغزة بظروفها الاقتصادية السيئة والتي أصبحت مزرية يجب أن يكون سعر الغاز بها أقل بكثير.
بعض أصحاب محلات التعبئة يستغلون حاجة المواطن للغاز
أبو أكرم مواطن بسيط يعمل كسائق أجرة، يوميته التي يعود بها إلى بيته لا تتعدى ال 30 شيكل في أفضل الحالات يقول:" أوقات إغلاق المعابر وارتفاع سعر اسطوانة الغاز ويصبح شحيحا، يكون بعض المواطنين مضطرين لتعبئة اسطواناتهم بشكل آني وعاجل، فيقوم أصحاب محلات التعبئة بتغريمه شواكل إضافية على تعبئتهم لأسطوانته بشكل سريع، وأنا واجهت مثل هذا الموقف، فقد انقطع الغاز في بيتي بوقت صعب جدا وفي وقت سعر الغاز كان فيه باهظا فاضطررت أن أعبئ 6 كيلو في اسطوانة 12 كيلو، فلدي صغار يريدون أن يأكلوا ويشربوا وقد دفعت وقتها 45 شيكلا على نصف اسطوانة."
وعن رأي سيدات المنازل اللواتي لا يستطعن الاستغناء عن الغاز في البيت تقول إم رمزي:" نعتمد 100% على اسطوانة الغاز وموضوع الكهرباء رفعناه من حساباتنا منذ سنين فهي تأتينا يوميا فقط 4 ساعات، وطبعا لا نراها يوميا فهي غالبا ما تأتينا ليلا ونكون نائمين، حتى إن وجدت لا نستطيع كربات منازل أن نشعل (مناصب الكهرباء) فهو يسحب كمية كبيرة من الكهرباء وبآخر الشهر تكون فاتورة الكهرباء مرتفعة."
يذكر أن احتياج قطاع غزة من غاز الطهي في الصيف يتعدى 270-300 طن فيما وصل إلى 400 طن في الشتاء.
وحذر مختصون من أن الأوضاع الاقتصادية في القطاع سوف تنهار في كافة القطاعات الاقتصادية في الأيام المقبلة نظرا لاستمرار الحصار وتراجع دعم المانحين وتهديد أمريكا بوقف الدعم المالي للسلطة والأونروا ، وأن الاقتصاد الفلسطيني تحول إلى اقتصاد خدمي غير منتج، ساهمت سنوات الحصار والانقسام والحروب المتتالية إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها بالإضافة إلى أن مجموع من يتلقون مساعدات وصلوا إلى 80% من سكانها.