النجاح الإخباري - لمَ يلجأ البعض للعادات القديمة للعلاج رغم التطورات الطبية الموجودة؟ وما هي الحجامة وما أنواعها؟ وهل تغني عن الأدوية والمستشفيات؟
الحجامة (Cupping therapy) بمعناها البسيط هي إحداث فتحات دقيقة بالجلد عن طريق التشريط وإخراج الدم الفاسد المحمّل بالسموم وبقايا الأدوية والشوائب الضارة من تلك الفتحات فى أماكن معينة بالجسم، وتستخدم لمعالجة العديد من الأمراض وهي كغيرها من علاجات الطب البديل لها فوائد وأضرار.
أنواع الحجامة
وهناك ثلاثة أنواع من الحجامة، لكلٍّ منها استخدامه الخاص، وهي على النحو التالي:
-
الحجامة الجافة: هذه الطريقة تعتمد على تغيير ضغط الدم في الجسم ولا يشترط خلالها التشريط لاخراج الدم الفاسد عن طريق كاسات الشفط. تُستخدم فيها كأس زجاجية توضع على مكان معين في الجسم، ويفرغ الهواء بجهاز شفط مخصص.
-
الحجامة الرطبة: هذا النوع يقوم فيه المعالج بشق الجلد و سحب الدم بعد الشفط، مما يجعل تدفق الدم أقوى ويحفز الجسم لإنتاج المزيد من كريات الدم الحمراء.
-
الحجامة المتزحلقة: يجمع هذا النوع ما بين الحجامة الرطبة والجافة، حيث تدهن مواضع الحجامة بالزيت مثل زيت الزيتون أو زيت النعناع، ثمَّ يحرك كوب الحجامة لتجميع الدم الفاسد تحت الجلد.
وتعتبر الحجامة من أقدم الأساليب الطبيّة التي استعملت في العصور القديمة، لعلاج الآلام والإجهاد الذي يصيب الجسد، وتعود أصولها إلى الصينيين القدماء.
حول موضوع الحجامة و"التمليس"، وطرق العلاج العربي والطب البديل التقى النجاح الإخباري بالحاجة أم إبراهيم العبسى (68 عامًا) والتي تمتهن العلاج بـ"كاسات الهواء" قالت: "بعمل بالمهنة من (35) سنة، ورثتها عن أمي الي كانت قابلة".
وأضافت: "عالجت آلاف النساء العزابية والمتزوجة، في ناس بتصيبهم خوفة بتسبب عقد بالشرايين، وفي نساء بتطول لتحمل، كاسات الهوا والتمليس بحل هاي المشاكل".
وأضافت الحاجة، أنَّ الخوف يسبب الألم، كما أنَّ بعض النساء يعانين من تحرك الرحم من مكانه ما يأخّر فرصة الحمل أو يعيقها.
وعن التوقيت المناسب لعمل كاسات الهواء تقول ام ابراهيم: "نبدأ من اليوم الثالث من الدورة الشهرية وتستمر لثلاثة أيام" مشيرة إلى أنّها طريقة مناسبة قبل الزواج وبعده وبعد الولادة ليعود الرحم إلى مكانه الطبيعي وللحفاظ على صحة الظهر وسلامته من الأوجاع.
وهي طريقة مناسبة للرجال والنساء على حد سواء بحسب أم إبراهيم، للتخلص من الاجهاد والإرهاق المتراكم.
وأوضحت أنَّ هناك شروط لتطبيق هذا العلاج فالمعدة يجب أن تكون فارغة، بأن تمتنع المريضة عن تنازل الطعام والشراب لساعات قليلة، ويفضل إجراء القفلة والتمليس في الصباح الباكر.
"أستخدم مرتبانات زجاجية لها فتحة عريضة من الأسفل أشعل بها النار من خلال ورق الجرائد وأضعها على مكان الصرة "قاع البطن"، حيث تنطفأ النيران بعد وضعها مباشرة وتبدأ الزجاجة بشفط الجلد للخارج لاستخراج الالام، ويتم وضعها لثلاث مرات بذات المكان"، أوضحت أم ابراهيم.
وتابعت: "ثمّ أدلك تلك المنطقة باستخدام الزيت لمعالجة الرحم المائل، وبعدها توضع كاسات الهواء على الضهر بعيداً عن منطقتي الكلى والعمود الفقري".
واستدركت: "بعض البنات بتتعرض لجفلة أو خوفة، بنعالجها بالتدليك ونقاط معالجة الخوفة هي الرأس والرقبة والأيدي من الكف حتى المرفق، ومنطقة الفخذ من الأعلى، بنلاحظ وجود تكتلات أو عقد في الشرايين مع التدليك تبدأ بالذوبان".
وبحسب أم مهند النجار وهي إحدى مرضى الحاجة أم إبراهيم: " أوّل مرة جيت عند الحاجة كان مر على زواجي أربع سنين دون حمل، طبيًّا ما كان مشكلة، ثمّ لجأت للحاجة الي بفضل رب العالمين أجا ابني البكر على ايدها، وهاي المرّة الثانية للتخلص من الأوجاع".
وحول الالم أثناء العلاج وبعده، قالت أم مهند: "الألم لا بد منه، ألم ساعة ولا كل ساعة، تقريبًا في ألم لثلاثة أيام ويزول، لكن كلّه بهون، مقابل تشوفي ابنك".
وشاركت بالحديث السبعينية أم مراد: "في أوّل زواجي كنت أجهض باستمرار، جابتني حماتي عند أمها للحاجة قفلت لي ظهري وثبت الحمل من بعدها، وكنت بعد كلّ ولادة لي أرجع عندها".
وأضافت: "شعور مريح جسدياً ونفسيًّا بعد وضع كاسات الهواء، والوجع بروح بس بعد أكم يوم، بعدين بترجع الطاقة والنشاط للجسم، رجعت أعمل كاسات هوا من بعد (24) سنة، هالمرّة بدي أستخدمها لرجلي ليزول الوجع".
وبحسب الشيخ أحمد شرف المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح قال: " طريقة مألوفة وقديمة عرفت عند العرب قبل الإسلام، وعرفتها الأمم الأخرى في العصور القديمة، كالفراعنة، حيث كانوا يستخدمون الكؤوس المعدنية وقرون الثيران للتداوي، وكانوا يفرغونها من الهواء بعد وضعها على الجلد عن طريق المص ومن ثم استخدمت الكؤوس الزجاجية والتي كانوا يفرغون منها الهواء عن طريق حرق قطعة من القطن أو الصوف داخل الكأس".
وأضاف: " الفقهاء اختلفوا في حكم الحجامة على قولين: الأول قال إنَّ الحجامة مندوبة ومستحبة، واستدلوا بظواهر الأحاديث النبوية الواردة في ذكر الحجامة، ونسبة الشفاء إليها :
روى البخاري في صحيحه :
1- عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ)
2- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ).
والقول الثاني: إنَّها من المباحات العلاجية فحسب، وليست من المستحبات الشرعية ذات الأجر والثواب الخاصين.
وتابع شرف: "ويمكن أن يستدل للقول الثاني أنَّه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتيب ثواب خاص عليها، ولا ترتيب عقوبة أو ملامة على تركها. ولا يبدو فيها وجه خاص للتعبد، ولا للتقرب إلى الله تعالى، إنما هي كسائر العادات اليومية التي يعتادها الناس في شؤون معاشهم وأبدانهم".
وأوضح أنَّه لا مانع من القول بأنَّها سنة لمن كان مريضاً واحتاج إليها، فإنّه يكون قد جمع بين أمرين هما التداوي، واختيار الحجامة خصوصًا، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إليها، وأخبرنا أنَّ فيها شفاء.
ولا يعلم من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم في وقت عدم احتياجه إليها، إنما إذا أصابه مرض، كصداع أو نحوه ، مما يدل على أنَّ الحجامة يفعلها من احتاج إليها.