سماح محبوب - النجاح الإخباري - أخرجت الفتاة الفلسطينية إصرار اللحام البالغة من العمر 35 عاما ً ابنة مدينة بيت لحم كلمة المستحيل من حياتها ولم تتراجع للحظة عن تحقيق هدفها وحلمها , رافضة الاستسلام رغم معاناتها المرضية. أصل الحكاية !
وتقول إصرار اللحام في حديث لنجاح الإخباري :إن الحكاية بدأت منذ الصغر ,حيث كانت تعاني من نوبات بسيطة وغياب عن الوعي لمدة دقائق من عمر السادسة ,جاهلة السبب وبعد فترة ذهبت للطبيب واكتشف بعد اجراء الفحوصات أنها تعاني من مرض "الصرع " الذي يؤدي الى خلل بنقل الاشارات الكهربائية داخل الدماغ ,وكان الخبر بمثابة صدمة لها ومن الصعب تقبله .
وبعد ذلك أصبحت اصرار الانسانة المريضة التي لا يحتك فيها أي شخص خلال وجودها على مقاعد الدراسة ,وذلك خوفا منها ومن مرضها وكانت ادارة المدرسة تمنعها من النزول على الاستراحة المخصصة بين الدوام المدرسي حتى لا تصاب باغماء مفاجئ مما ترك لها أثر سلبي في نفسيتها وجعلها انطوائية واكثر خجلاً , عكس شخصيتها بالسابق قبل اكتشاف المرض وكانت من المتفوقين .
وتضيف اللحام لنجاح الاخباري: أنها قررت بعمر الثامنة عشر أن تبدأ حياة جديدة ولا يوجد اختلاف بينها وبين الطالبات الأخريات ولكن واجهت تحديات من الاطباء والمعلمات حيث اخبروها من الصعب أن تحققي نجاح في حياتك الاكاديمية بسبب الجرعات الهائلة من ادوية الاعصاب التي تتخذها, وصلت لدرجة أن يأتي الاطباء الى منزلها وينصحون عائلتها بأن لا تكمل دراستها حرصاً على سلامتها ومن المستحيل أن تتطور وتحقق شيئا ً ايجابيا في المجتمع نظرا لمرضها .
ولكن بالرغم من كل ذلك أصرت على اجتياز مرحلة الثانوية العامة بالنجاح واعتبرت كل الانتقادات بمثابة استفزاز لها وتدمير لحياتها وخطتها المستقبلية التي كانت ترسم لها منذ سنين,مؤكدة أن الجميع كان يلتفت اليها بعلامات تعجب كيف لها أن تصل للجامعة ووتكمل حياتها بشكل طبييعي.
وتتابع اللحام أنها تخصصت بمجال التنمية البشرية الذي يعتبر شيء يلامس حياتها ومارسته وانعكس عليها بشكل شخصي وتعمقت فيه بجميع سنوات الدراسة حتى تمكنت من السفر بعد اكمال البكالوريس في فلسطين ليكون بامكانها ان تخصص بمجالها أكثر وحصلت على ماجستير في جامعة القاهرة .
وواصلت نجاحها وتطورها من خلال تواصلها مع جميع المختصين بالتنمية من مختلف الدول العربية واستطاعت أن تتخصص في مجال "الكروفولجي" أي تحليل الشخصيات عن طريق خط اليد والتنويم الإيحائي,وهذا جزء من عالم التنمية البشرية والذي تعتبره من أكثر الاشياء التي ترغبها وتسعى أن تتعمق فيه اكثر .
ولم تتوقف مسيرتها فقط على أن تثبت نفسها بالشهادات واعطاء تمارين وتدريب في كافة المناطق الفلسطينية من الشمال حتى الجنوب بما يخص التنمية البشرية ومجالها ,بل تمكنت من فتح مركز خاص بها عن طريق الشؤؤون الاجتماعية بأخذ قرض بمبلغ بسيط جدا ً تحت مسمى (مركز الإصرارللتنمية والتدريب الدولي ) في عام2012.
ومن هنا حققت اللحام قصص نجاح كثيرة من خلال اعطاء دورات تدريبية لعدة اشخاص يعانون من اعاقات حركية ولموظفين ولطلاب ,حيث كان المركز يستهدف الاعمار من 18 الى 65 عام حيث لجأ اليها اشخاص انهوا عملهم وكانوا بحاجة لنصائح وخطة بعد الاستقالة والتقاعد .
وتروي اللحام لـ"النجاح الإخباري" بأن من بين القصص المميزة التي ساهمت في نجاحها وان توصل لحلمها للفتاة أماني ثوابتة خلال اعطائها دورةالتخطيط الاستراتيجي حيث قامت برسم خطتها لإقامة اكاديمية خاصة بها وبعد أن تم مساعدتها تم الانجاز على الارض الواقع ونجحت بتأسيس اكاديمية بمسمى (إدراك 99) وهي اكاديمية خاصة بالمونتاج والتصوير ورقم تسعة وتسعين تعني فيه اسماء الله الحسنى .
وتحت شعار (نعم انا استطيع ,نعم انا استطيع ,لا للمستحيل ) استطاعت ان توثر على نفسها وعلى غيرها حيث سافرت العديد من الدول لتوصيل رسالتها,هذا وكان من اخر نشاطاتها اقامة حفل رائع لنجاح قصة لسيدة تعاني من اعاقةحركية وهي من سكان القدس في الاربعينات من عمرها ,لديهاموهبة الكتابة وكانت تحلم كثيرا ً بأن تصدر كتابا ً بإسمها ,وتعهدت على نفسها بأن تهديه لنفسها بيوم ميلادها وبالفعل حققت ما تريد بمساعدة المستشارة اللحام من خلال كتابة خطتها في دورة التخطيط الاستراتيجي .
وفي الختام شكرت إصرار اللحام كل من ساندها ووقف بجانبها وتخص بالذكر والدها ووالدتها المكفوفين الذين رغم معانتهم لم يتركوها ثانية لوحدها ,وقفوا بجانبها حتى اكملت الطريق وأصبحت إسم وقدوة للجميع وعنوان للتميز والتحدي والإصرار.