نهاد الطويل - النجاح الإخباري - لم تحرف العقوبات الأمريكية التي طالت الفلسطينيين دعما لـ "تل أبيب" ضد الفلسطينيين وجهة القيادة الفلسطينية عن توجيه أصابع الاتهام إلى المتهم الأول الولايات المتحدة الأميركية.
نقل السفارة الى القدس والاعتراف بها "عاصمة لإسرائيل" كانت شرارة البداية لـ"لنكسة الكبرى" للهيبة والهيمنة الأمريكية كما يصفها المحللون.
الباحث المختص في الشأن الأوروبي حسام شاكر يرى أن الخطوة الفلسطينية جاءت بعد ساعات على خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما يعكس جدية دوبلوماسية في التعاطي مع النهج الأمريكي عبر بوابة "محكمة العدل الدولية" وبالتالي إمكانية تطويق القرار بشكل مختلف هذه المرة.
وقال شاكر لـ"النجاح الإخباري" السبت أن التحرك الفلسطيني ينضم حراك دبلوماسي لمقاضاة واشطن لدى المحاكم الدولية المختصة خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران والخلاف مع روسيا بشأن أوكرانيا، فضلاً عن الصراع الاقتصادي مع الصين وغيرها ما يضع البيت الأبيض أمام خيارات قضائية صعبة أمام العالم.
وتساءل شاكر "عما إذا كانت الإدارة الأمريكية قادرة عن تحمل مثل هذه الضربات القضائية حيث باتت متهما وخصما للعديد من دول المجتمع الدولي بما فيها روسيا والصين العملاقتين في قلب المشهد".
ويؤكد الفقيه الدستوري الدولي الدكتور والمحامي إسماعيل معراف أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس شكل منذ البداية انتهاكا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 478 الصادر في 20 آب 1980.
ولفت معراف في اتصال هاتفي مع "النجاح الإخباري" السبت من الجزائر الى مطالبة مجلس الأمن من خلال هذا القرار من أي دولة أقامت بعثة دبلوماسية إلى إسرائيل في القدس أن تسحبها، وذلك على أساس أن وضع القدس لم يتحدد بعد، كما يجب على الدول ألا تقبل مطالبة إسرائيل التي رفضها مجلس الأمن في نفس القرار.
وشدد معراف على أن الخطوة القضائية ستزيد من "معضلات" واشنطن في أروقة المحكمة الدولية.
وحول تعاطي البيت الأبيض مع الخطوة الفلسطينية توقع معراف أن تطعن بمحكمة العدل الدولية وأن تنتقص من ولايتها القضائية.
بينما ستكون الخطوة التالية هي عقد جلسة تطعن فيها الولايات المتحدة على الأرجح بالدعوى الفلسطينية.
وحتى هذه اللحظة لم يصدر عن البيت الأبيض اي تعليق أو موقف للرد على الخطوة الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية هي أعلى محكمة بالأمم المتحدة كما أن قرارتها ملزمة فإنه ليس لها سلطة لفرض تطبيقها وأحيانا تتجاهلها دول من بينها الولايات المتحدة.
وردا على سؤال يتعلق بالقيمة العملية للخطوة الفلسطينية يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيبرداين الأمريكية الدكتور خليل جهشان أن هناك أرضية قانونية يمكن من خلالها البناء على شكوى ضد قرار ترامب في أروقة القضاء الدولي في اشارة الى محكمة العدل الدولية وهو ما تحقق للفلسطينيين.
في الوقت ذاته لم يقلل جهشان من المصاعب التي تعتري الخطوة مع ضرورة الضغط باتجاه عدم قيام دولة أخرى بنفس الخطوة الأمريكية لجهة نقل السفارة، وأن يتم تصوير أمريكا على أنها أخذت قرارا منفردا غير قانونى يتجاهل الأعراف والقواعد الدولية ويجب أن تبقى معزولة فى هذا الإطار.
وتزامنت الخطوة الفلسطينية بمقاضاة امريكيا، مع مفاعيل خطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وانتخابه رئيساً لمجموعة 77 والصين، حيث اعتُبِرَتْ تزكية 134 دولة لتولّي فلسطين رئاسة هذه المجموعة للعام 2019، دليلاً قوياً على دعم فلسطين وأهليتها في الأمم المتحدة رئيساً للمجموعة، ما يستدعي رفع مستوى الاعتراف بعضويتها الكاملة.
وترى عضو المجلس الوطني والمحامية نور الإمام في الخطوة بمثابة تحرك مشروع ومهم على المستوى الدولي باستخدام كافة الاليات القانونية المتاحة.
"ولكن دعنا لا ننسى بأن مجلس الامن والجمعية العمومية أصدرت العديد من القرارات التي تؤكد بأن القدس مدينة محتلة ولا يجوز تغيير اي من ملامحها ولم تلتزم بذلك من السابق الولايات المتحدة بهذه القرارات" استدركت الإمام في تصريح لـ"النجاح الإخباري" .
ورفعت فلسطين، بشكل رسمي، دعوى قضائية أمام "محكمة العدل الدولية" ضد الولايات المتحدة الأميركية بخصوص نقل سفارتها من "تل أبيب" إلى القدس.
وجاء في بيان صادر عن المحكمة أن "الجانب الفلسطيني يعتبر القرار الأميركي انتهاكاً لاتفاقية فيينا للعام 1961".
ولم تحدد المحكمة في بيانها أي موعد بعد لخطوات أخرى.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرت في 21 كانون الأول 2017، بأغلبية ساحقة، مشروع قرار "يرفض تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس"، وذلك بعدما كان الرئيس ترامب قد أعلن "أن القدس عاصمة حقيقية لإسرائيل"، ووقع في (6 منه) على قرار نقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس، التي افتتحت رسمياً في 14 أيار 2018، مايو الماضي سفارتها في القدس،وكذلك، بتوجيه العالم صفعة جديدة للرئيس ترامب، بردّه على وقف دعم الولايات المتحدة إلى "الأونروا"، البالغ أكثر من 350 مليون دولار أميركي، بتأمين هذا الدعم من تبرّعات الدول المانحة، حيث عُقِدَ اجتماع وزاري في نيويورك جمع تبرُّعاً بقيمة 122 مليون دولار، في إطار المساعي للتغلّب على العجز المالي المتبقي لدى الوكالة الدولية، والبالغة قيمته 186 مليون دولار، بعدما كان قد وصل هذا العجز إلى 446 مليون دولار، وهو مستوى غير مسبوق، من أصل الموازنة العامة البالغة 1.2 مليار دولار، وذلك للحفاظ على عمليات "الأونروا" في مناطق عملها، التي تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، غزّة، لبنان، الأردن وسوريا.