نهاد الطويل - النجاح الإخباري - على اعتاب اجتماعات الدورة 73 للجمعية العمومية للأمم المتحدة تتواصل لعبة الشدّ والصدّ بين الفلسطينيين والمجتمع الدولي من جهة وبين الإدارة الأمريكية التي تواصل الإنقلاب على الأمم المتحدة عبر كل القرارات الاستباقية التصفوية للقضية الفلسطينية.
وحتى انعقاد الدورة التي يقول مراقبون إنها قد تكون الأكثر سخونة سيركز الرئيس محمود عباس في خطابه بالأمم المتحدة، على القرارات الأميركية بحق الشعب الفلسطيني، وسيدعو المنظمة الأممية لزيادة مساهمتها في موازنة الأونروا، التي لا تتعدى 1% من الموازنة العامة للوكالة، وضرورة أن يلتزم العرب بمساهمتهم التي تقدر بـ7% في حين لا تلتزم الدول العربية سوى بـ 1% منها'.
سيناريوهات
في مقابل ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي صدام المشاقبة أن ثمة سيناريوهان في قادم الأيام وهما أن يلجأ المجتمع الدولي خلال دورة الجمعية العمومية الى سد فراغ المساعدات الأمريكية والتعويض عن النقص الحاصل جراء القرار الأمريكي ما سيكون بمثابة صفعة كبيرة لمخطط ترامب.
ومن وجهة نظر المحلل المشاقبة التي تحدث لـ"النجاح الإخباري" من مكان اقامته في موسكو فإن مخيمات اللجوء التي تحولت الى هوية نضالية فلسطينية من بوابة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد قد تخلط أوراق ترامب والمنطقة في ظل ما يحاك ضد قضيتهم وسيؤزمون المشهد بحثا عن حل عادل وهي صفعة أكبر في وجه "تل أبيب" وواشنطن.
في سياق متصل يرى الكاتب السياسي بلال العبويني أنه اذا ما تم طرح مسألة اللاجئين الفلسطينين وموضوع "الاونروا" على جدول أعمال الدورة، 73 للجمعية العمومية من ناحية استمرار الدعم أو وقفه أو من ناحية إعادة تعريف صفة اللاجئ الفلسطيني فإن السيناريو سيكون مشابها لسيناريو نقل السفارة الامريكية من "تل أبيب" إلى القدس المحتلة، ما يعني أن الغالبية سيرفضون قرار ترامب.
عامل الزمن
لكن، العبرة ليست هنا، وبفق الكاتب العبويني بل بعامل الزمن ومدى قدرة الإدارة الامريكية في التأثير على عدد من الدول لتجلبهم إلى صفها وسط حراك إسرائيلي في ذات الوقت يدفع لتحقيق رغبة اليمين الإسرائيلي المتطرف بإلغاء الأونروا للقضاء على الشاهد الحي على معاناة اللجوء الفلسطيني وبالتالي إلغاء حق العودة.
ويستدرك العبويني لـ"النجاح الإخباري" بالقول إن عامل الزمن قد لا يكون في صالح قضية الفلسطينيين سواء فيما تعلق بالقدس أو باللاجئين.
"لأننا العامل الأضعف والأقل تأثيرا بالمشهد الإقليمي إضافة إلى أن الكثير من دول العرب والدول الإسلامية لا تتعاطى بفاعلية مع الأزمة باعتبار أنها ليست متضررة مباشرة من قرار ترامب وقضية اللاجئين الفلسطينيين ليست أولوية بالنسبة لها باعتبارها غير مستضيفة لهم وغير متأثرة بما تؤول إليه اوضاعهم، تماما كما حدث في قضية نقل السفارة إلى القدس المحتلة." أَضاف العبويني.
وفي تصريح سابق قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن 'الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلنت عن وقف مساعداتها "للأونروا"، أعربت في الوقت ذاته عن استعدادها لتقديم ذات المبالغ التي كانت تتبرع بها للوكالة إما للدول المضيفة للاجئين، لتقوم بتقديم نفس الخدمات التي كانت تقدمها "للأونروا"، أو لبعض المنظمات الإنسانية الأخرى، شريطة التخلي عن الوكالة وإنهاء دورها"
وأوضح مجدلاني، في تصريح أمس، إن 'المقترح الأميركي يهدف إلى تصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والتوطين في البلدان المضيفة لهم'، لافتاً إلى 'رفض القيادة الفلسطينية والأشقاء العرب والدول المضيفة للاجئين لهذا الخيار".
هواجس التوطين
وتعليقا على ما كشفه المجدلاني يحذر الكاتب الصحفي محمود الشرعان من أن التمهيد لهذا السيناريو بدأ منذ أشهر، إلا أن خطره يبقى قائماً، خصوصاً أن مشروع توطين اللاجئين في الدول المضيفة يطل من خلال بوابة ما أشار له المجدلاني سالفا.
وقال الشرعان في تعقيب لـ"النجاح الإخباري" الأربعاء إنه بموازاة الخطر القائم من خلال القرار الأميركي تتكشف التقارير التي تتحدث عن إنهيار إقتصادي متوقّع في عدد من الدول التي تستضيف اللاجئين.
ويعتقد الشرعان أن اللعب على الوضع الاقتصادي في تلك الدول قد يكون مرتبط الى حد كبير بخيار التوطين على ضوء المعلومات التي تتحدث عن عرض واشنطن مساعدات مالية ضخمة مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيينوذلك كخيار لحل أزماتها الاقتصادية المستمرة في تلك الدول.
"بناء الأرضيّة اللازمة لتقديم حصة مالية كبيرة شريطة القبول بحل التوطين لا سيما و أن وقف مساعدات "الأونروا" قد يكون له تداعيات كبيرة على الدول المضيفة" يرى الشرعان.
5 ملايين لاجئ أمام مصير مجهول
ووفق جهاز الإحصاء في آخر إحصائية صادرة عنه يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في العالم 5.9 مليون لاجئ يتلقون خدمات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" التي أسستها قرار للأمم المتحدة قبل أكثر من 70 عاماً.
وتقدم "الأونروا" منذ ذلك الوقت الخدمات للاجئين الفلسطينيين، تشمل الصحة والتعليم والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات، ومشاريع القروض الصغيرة. كما تقدم مساعدات غذائية منتظمة للاجئين، إلى جانب تشغيل عدد منهم في وظائف على بنود البطالة.
وتبلغ إجمالي ميزانية الأونروا (العادية وميزانية الطوارئ وميزانية المشاريع) ملياراً و300 مليون دولار، تتبرع الولايات المتحدة وحدها بمبلغ 300 مليون.
ولم تتوقف الخطوات الأميركية عند وقف التمويل الخاص بالأونروا، بل تبعها تصريحات صدرت عن ممثلة الولايات المتحدة في مجلس الأمن، نيكي هيلي، التي شككت في عدد اللاجئين الفلسطينيين حول العالم.
هذا هو حال اللاجئين الفلسطينيين في 58 مخيماً للاجئين المنتشرة، في الضفة الغربية (19)، وقطاع غزة (8)، وسوريا (9)، والأردن (10)، ولبنان (12)