نهاد الطويل - النجاح الإخباري - حال "صفقة القرن" التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مستمر بـ"الإفلاس" من خلال مواصلة طرح الكثير من الأفكار المغلفة بالشائعات والتكهنات حول مصير الكثير من الملفات الضاغطة على "شرايين" القضية الفلسطينية.
اخر التلميحات التي انقشعت هي رؤية "الكونفدرالية" القديمة الجديدة بين الضفة الغربية والأردن بحسب ما كشف عنه أمس.
في هذا الإطار يؤكد الكاتب الاردني حمزة ابو رمان أن ملامح الصفقة المشؤومة بدأت عمليا في الظهور والحديث عن "الكونفدرالية" خير دليل الى جانب وقف دعم وكالة الغوث وغيرها من القرارات التي طالت القضية الفلسطينية.
ويحذر ابو رمان من أن القادم سيكون على حساب هاتين الدولتين ( الأردن وفلسطين).
واعتبر ابو رمان ان المقترح الأمريكي بمثابة "اخراج اخر سيء ومفلس لصفقة القرن المرفوضة مؤكدا أن الأردن لن يستطيع العمل لوحده وذلك في اشارة منه الى ضرورة دعم الموقفين الفلسطيني والاردني في هذا الاطار عربيا واسلاميا".
وشدد ابو رمان لـ"النجاح الإخباري" أن الاردن يرفض فكرة الكونفدرالية مع فلسطين ويعتبرها غير قابلة للبحث والنقاش، فالموقف الأردني ثابت وواضح تجاه القضية الفلسطينية، ويقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية،
وفي وقت سابق تبنّت اكثر من الف شخصية أردنية سياسية ونقابية وشعبية ونيابية ومتقاعدين عسكريين بيانا يرفضون فيه ان يكون الأردن ما وصفوه مؤامرة الكونفدرالية على الأردن وفلسطين.
ومعروف وموثق أن الوثيقة الوحيدة بشأن " "الكونفدرالية" بين الضفة الغربية والأردن أنها تلك التي أقرها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، والتي ركزت على إمكان قيام كونفدرالية بالإرادة الحرة للشعبين، لكن بعد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين والنازحين.
توثيق عادت الرئاسة الفلسطينية للتأكيد عليه أمس على لسان المتحدث باسمها نبيل أبو ردينة بقوله إن فكرة الكونفدرالية موجودة على جدول اعمال القيادة الفلسطينية منذ العام 1984، وأن موقف القيادة منذ ذلك الحين وإلى الآن يؤكد أن حل الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن.
وأضاف أبو ردينة في تصريح له، "أن قرار الكونفدرالية يقرره الشعبان".
موقف مشترك
تصريحات ابو ردينة التقت مع ما ذكرته وزيرة الدولة لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات، قالت فيها إن "فكرة الكنفدرالية بين الأردن وفلسطين غير قابلة للبحث والنقاش".
وقالت في تصريح لـموقع "عمون" الأردني إن "الموقف الأردني ثابت وواضح تجاه القضية الفلسطينية، ويقوم على حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن الواضح ان ما تناقلته بعض أجهزة الإعلام الاسرائيلية حول المواقف الفلسطينية جاء مبتوراً وعلى طريقة "ولا تقربوا الصلاة" ومجتزأ لجوهر التصريحات الرئاسية الرافضة للمقترح الأمريكي جملة وتفصيلا.
وفي هذا السياق يؤكد الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب ان ما نشره الإعلام الاسرائيلي يأتي في إطار "البحث عن وقيعة" بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
الخيار الأردني
وقبل عامين حسم رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي الجدل حول "الخيار الأردني"، الذي زاد الحديث حوله في السنوات الأخيرة قائلا إنه "يؤمن شخصيا بالكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية ولكن ليس في هذا الوقت، بل بعد قيام الدولة الفلسطينية"
وكشف المجالي خلال زيارة تاريخية لنابلس عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تطبيق الكونفدرالية في هذا الوقت، واليوم قبل الغد، وأنه طرحها مرات عدة بطرق مختلفة، لكن جواب العاصمة عمان كان واضحا وقاطعا بالرفض.
استطلاع النجاح
وفي العام 2016 نشرت جامعة النجاح الوطنية نتائج استطلاعها الثالث والخمسين، والذي تناولت فيه آراء الشارع الفلسطيني في المستجدات السياسية الراهنة على الساحة الفلسطينية ومن أبرز ما جاء فيه تأييد نسبة كبيرة من العينة المستطلعة إجراء اتحاد كونفدرالي مع الأردن كحل لاحتلال إسرائيل للضفة الغربية، حيث أيد المقترح 42.3% من أفراد العينة إنشاء الاتحاد الكونفدرالي على أساس دولتين مستقلتين مع صلات مؤسسية قوية بينهما.
وعارض 39.3% فكرة الكونفدرالية مع الأردن، فيما لم يبد الباقون رأيهم في الموضوع.
وخلصت دراسة فلسطينية سابقة ناقشت "مشروع الكونفدرالية الأردنية الفلسطينية"، إلى أن المشروع بين الأردن وفلسطين في هذه المرحلة مرفوض شعبياً من قبل الشعبين.
وتوصّلت الدراسة التي وضعها الباحث في دراسات السلام والنزاعات محمود الجندي إلى أن تطبيق فكرة "الكونفدرالية" فرصة لنقل الهاجس الديموغرافي من "إسرائيل" إلى الأردن، ومن ثم "إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضياع حقوقهم المشروعة وهو ما ترفضه قيادة الشعبين وذلك من خلال التأكيد على الدولة الفلسطينية وفق حدود 1967.
ورأت الدراسة ان "الكونفدرالية تشكل بشطريها "وطنا بديلا"، يتوزع اللاجئون في شطريه ويحملون جنسيته، كما تصبح الكونفدرالية وفق مقوماتها الحالية، حاجزا امنيا بين إسرائيل ومحيطها العربي، أو جسرا لتوسع المصالح الإسرائيلية في العالم العربي".بحسب الدراسة.
الكونفدرالية في سياقها التاريخي
ويُفهم من مصطلح "الكونفدرالية" بأنها إطار سياسي ومؤسّساتي تندمج فيه عدة دول مدفوعة برغبة في تسيير مشترك لبعض المصالح دون أن تتخلّى أي منها عن أي جزء من سيادتها الوطنية، وإنما يقتصر الأمر على تفويض بعض الصلاحيات ومجالات التسيير للإطار الكونفدرالي؛ مثل الاقتصاد والمالية والجمارك.
يتميز النظام الكونفدرالي باقتصاره على الإطار المؤسّسي دون ملامسته لتشعّبات الواقع الاجتماعي والسياسي، الذي يبقى تسييره من صلاحيات الحكومات الأعضاء.
وظهرت الكونفدرالية صيغة للنظام السياسي أول مرة سنة 1228 ميلادية.