رغم أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات إلا أنَّه من أكثر القطاعات الاقتصادية في غزة تهميشاً .. "بهذه الجملة بدأ الخبير الاقتصادي، ومدير شركة للكمبيوتر وأنظمة المعلومات في غزّة ماهر الطباع حديثة لـ "النجاح الإخباري".
وأضاف: "قطاع صناعة البرمجيات وهندسة المعلومات في غزَّة يحتاج إلى دعم لتطويره ليصبح هذا القطاع المحرك الأساسي للاقتصاد في غزّة ثمَّ في فلسطين".
ويُرجع الطبّاع سبب هذا التهميش من قبل المسؤولين وبعض قطاعات المجتمع، إلى تركيز المسؤولين على النشاطات التقليدية مثل القطاعين الزراعي والصناعي، على اعتبار أنَّ هذه القطاعات هي المحرك الأساسي للاقتصاد، وجهلهم لما وصل له هذا القطاع في العالم من تطور ونمو يعود على المجتمع والحكومة بفائدة عظيمة.
ويشدِّد على الحاجة إلى برامج لتمويل مشاريع البنية التحتية في المجال الرقمي لقطاع غزة حتى يتسنى لهؤلاء المبرمجين والمهندسين العمل في بيئة مناسبة ولا يضطرّون مكرهين إلى العمل مع شركات برمجة خارجية.
وبهذا الخصوص أصّدر البنك الدولي تقريراً، في (11 تموز/يوليو الجاري)، قال فيه، إنّ النّظام البيئي الفلسطيني للشركات التكنولوجيّة النّاشئة في الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة في مرحلته المبكرة، لكنَّه آخذ بالتطور، وهو مشابه للنّظام البيئي في لبنان وتنزانيا.
كما لفت التقرير إلى أنَّ عدد الشركات التكنولوجية الناشئة في فلسطين ازدادت بنسبة (34%) منذ عام(2009).
ومن بين من تخطي الحدود سامر مهاني (34 عامًا)، الذي أسس مع شريكه محمد الدباغ (30 عاما) فريقًا متخصّصًا من (30) شخصا في برمجة (الابلكيشن application ) وأنظمة الويب، ويستهدف من خلال الشركة السوق المحلي والدولي.
وذكر مهاني مديرها العام، أنَّ "نيو لاين" قامت بإنتاج نحو (120) تطبيقًا منذ تأسيسها عام (2009)، منوّهًا إلى أنَّه قام بتأسيس الشركة مع مجموعة من الطلبة عندما كانوا طلاباً في الجامعة فهذا القطاع يتطور بشكل دائم ومستمر والاستثمار فيه أمر ليس بالصعب.
وأكّد أنَّ مجال تكنولوجيا المعلومات من المجالات التي توفّر فرص عمل أوسع في غزَّة، وأضاف:" أنَّ العمل موجود بشكل كبير جداً لطلبة تكنولوجيا العالمي فهذا العمل لا يحتاج إلى الكثير، وإمكانيّة اختراق الأسواق الدوليّة والعربيّة أي لا يتأثر بالحصار، كذلك لا حاجة للقاء العميل وجهاً لوجه، وفرصة نجاح هذه الشّركات أكبر من القطاعات الأخرى".
بينما يؤكّد محمد قديح (27 عامًا) مؤسّس شركة هُوية الناشئة ومقرها غزة تصريحات مهاني حيث قال: "عدم الحاجة إلى معابر، وكونه يعتمد على الإنترنت فقط، ساعد بشكل كبير التوجه لهذا القطاع، فهو قطاع متطور بشكل سريع".
وأضاف :" بإمكان الشركات الناشئة الوصول للعملاء في السوق العربي والدولي من خلال الإعلانات المدفوعة على وسائل التّواصل الاجتماعي وجوجل، أو من خلال العلاقات الشخصية مع شركات بالخارج وبشكل خاص السوق الخليجي فاغلب الشركات هناك يحتاجون من يصمم وينجز لهم مشاريعهم على الدّوام ".
وقد أفتتح قديح وهو مختص في ابتكار العلامات التجاريّة والهويات البصريّة والإلكترونيّة للشّركات مكتبة عام (2013م) بمجهوده الشخصي، ثمَّ افتتح المقرّ الرسميّ لشركته عام (2015)، وتضم (17) موظفاً، برأس مال (100) ألف دولار، ولديه شراكة استراتيجيّة مع شركة سعوديّة تمثله في السّوق السّعودي.
وفي ذات الصدد أكَّد محمود المدهون أحد أعضاء شركة "آثر" أنَّ تكنولوجيا المعلومات توفّر مجالًا مفتوحًا وواسعًا جداً في الحصول على عمل مميز خاصة خارج قطاع غزة .
وأوضح أنَّ شركة "آثر" تقدّم خدمات متكاملة من "الآلف إلى الياء" لأي شركة جديدة، قائلاً: "نقوم بطرح مخطط لتصميم الشركة بشكل متكامل وعرض التصميم والمخطط لصاحب الشركة، حيث صمَّمنا لعدة شركات عربية مخططًا كاملًا ودقيقًا لتصميم شركاتهم من الصفر وحتى الديكور طبعا حسب تخصص كل شركة على حدا".
جميع هذه الشركات الناشئة أكَّد أصحابها أنّ انقطاع الكهرباء لـ (20) ساعة يوميّاً، شكَّل عقبة كبيرة أمامهم وأمام الشّركات النّاشئة واعتبرت هي العائق الأساسي لعملهم.
وذكرت صحيفة المصدر الإسرائيليّة أنَّ إقامة شركة تكنولوجية ناشئة في لبنان وتنزانيا يحتاج (30) يومًا، أما في فلسطين (15) يوماً فقط.
ويتم تسجيل شركات التكنولوجيا في غزَّة بوزارة الاقتصاد حيث إنَّ معظم هذه الشركات الناشئة تأتي من حاضنات الأعمال، ويتم تسجيلها كشركات تضامن، تبلغ تكلفة تسجيلها (900) دينار أردني (١٢٦٩٫٣ دولار)، ولتشجيع الشركات الناشئة يتم دفع (150) دولار عند التسجيل ، وتستكمل رسوم التسجيل بعد ثلاث سنوات.
وفي نفس السياق يعتبر الطباع أنَّ الزيادة في عدد الشّركات التكنولوجيّة النّاشئة هي زيادة طبيعيّة لأن الكثيرين يفضلون العمل عن بعد، وقطاع التكنولوجيا حيوي، ولا يحتاج لرأس مال كبير، ويعتمد على الفكر بالدّرجة الأولى، وما يساعده في النمو أنَّه لا يحتاج لمعابر، ولا تطاله كلّ القيود المفروضة على غزّة.
وأضاف:" ولكن نسبة المساهمة حتى اللحظة غير كبيرة، فهي لا تستطيع أن تفعل كلَّ شيء دون الحركة على الأرض، والبحث عن فرص للعمل خارج حدود القطاع كذلك قلة الدعم الذي تحدثنا عنه سابقًا ".
ويعدُّ قطاع تكنولوجيا المعلومات من القطاعات الواعدة القادرة على استيعاب أعداد من الخريجين العاطلين، وفق الطباع، ما من شأنه إحداث فرق في نسبة البطالة المرتفعة.
كما أنَّ ذلك القطاع واعد بالنسبة للمرأة القادرة على العمل من داخل البيت، ولا سيما أنَّه لا يستلزم التنقل من مكان لآخر، لكن الطباع يؤكد أهمية دعم هذا المجال وطنيًّا ورعايته بشكل أفضل.
وقد وصل معدّل البطالة في قطاع غزّة إلى(49.1%) ، و(18.3%) في الضّفة الغربيّة، ما دفع الشّباب للعمل عن بعد، وللاستثمار في المجال التكنولوجي لأَّنه المجال الوحيد الذي كان الأقل ضرراً من الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ (12)عامًا.